المجلس العلمي الأعلى بالمغرب يدعو الجزائريين إلى احترام حقوق الجوار

اعتبر حركة الانفصال وريثة للاستعمار ولا تستند إلى مبرر شرعي

TT

دعا المجلس العلمي الأعلى بالمغرب، وهو مؤسسة دينية حكومية تعنى بالإفتاء، إلى «حماية وحدة الوطن والذود عن حرمته ومقدساته».

وحذر المجلس، في بادرة غير مسبوقة تتعلق بإعلان موقفه من قضية سياسية، من «مساندة حركة الانفصال التي لا تستند إلى مبرر شرعي أو تاريخي»، في إشارة إلى موقف الجزائر من نزاع الصحراء، ومساندتها لجبهة البوليساريو.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس، قد وجه أخيرا خطابا شديد اللهجة ضد «المتآمرين على وحدة المغرب» من الداخل والخارج، ودعا إلى التعامل بصرامة معهم.

وأوضح المجلس، في بيان أصدره الليلة قبل الماضية، عقب انتهاء أشغال دورته التاسعة بالدار البيضاء، أن مقتضيات البيعة الشرعية تحتم على المغاربة حماية وحدة الوطن والذود عن حرمته ومقدساته، ولا يستثنى من ذلك إلا «مارق من الجماعة، خائن يدعم أطماعا خارجية ضد وحدة بلده، محققا بذلك مشروع الاستعمار في التجزئة الذي دحره المغاربة بجهادهم وتضحياتهم الجسام».

ودعا المجلس العلمي الجزائريين وعلى رأسهم العلماء، والقوى الحية، إلى احترام حقوق الجوار بدل خلق أجواء من التوتر والفتنة، «احترازا من الوقوع فيما حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه»، وتساءل المجلس: هل في البوائق أعظم من مساندة حركة الانفصال التي لا تستند إلى مبرر شرعي أو تاريخي يدعمها، ولا إلى مصادر الجغرافيا البشرية المحلية، ولا إلى الوثائق الإقليمية والدولية؟» ووصف المجلس حركة الانفصال بأنها وريثة المشروع الاستعماري في التجزئة، وهو «المشروع الذي يفوت مصالح البناء المشترك ومشاريع التنمية والنهضة التي لا يمكن إنجازها إلا في ظروف آمنة مستقرة».

وقال البيان إننا «نفوت بالتخاصم والاختلاف الكثير من أسباب العزة على أهلنا وعلى أبنائنا في هذا العصر المعقد».

ودعا المجلس العلمي علماء الأمة الإسلامية إلى «ترك الحياد والصمت في شأن تمزيق الأمة وتقطيع أوصالها مشرقا ومغربا، خوفا من الوقوع في محذور خيانة الأمانة التي نهى الله تعالى عنها في قوله عز وجل: «يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون».

من جهة أخرى، دعا المجلس القائمين على مراكز الاحتجاز في مخيمات تندوف في الجنوب الغربي للجزائر، إلى «التوبة مما يقترفون من جرائم وآثام في حق إخوانهم بغية تشكيل تجمعات استجداء المنظمات الحقوقية واستعطافها، وخصوصا تلك التي تستجيب بصورة انتقائية ومشبوهة، ولا تأبه فيها لقضايا الأمة الإسلامية ووحدة أقطارها».

من جهته، وصف عبد الباري الزمزمي، الداعية الإسلامي المغربي، والنائب في البرلمان، ورئيس جمعية البحوث والدراسات في فقه النوازل، بيان المجلس العلمي بأنه «بادرة حسنة ومحمودة، لأنه في العادة يتم إبعاد الدين عن القضايا السياسية، على اعتبار أن السياسة لها رجالها ومسؤولوها».

وقال الزمزمي لـ«الشرق الأوسط» إن بيان المجلس العلمي جاء لإضفاء الشرعية الدينية على موقف المغرب من قضية الصحراء، وإعطاء الموضوع أهميته القصوى، حيث ثبت بالتجربة، أن الناس لا تنصاع إلا لما يقوله الدين، أما إذا بقي الموضوع محصورا في إطاره السياسي، فالناس يعتقدون أن الأمر لا يعنيهم، بل يعني الحكومة.

وأضاف أن موقف المجلس العلمي جاء كذلك في سياق ردود الفعل على ما قام به شبان صحراويون يحملون جوازات سفر مغربية بزيارة لقيادة البوليساريو في تندوف، وهي «تصرفات غير طبيعية وغير مألوفة من شأنها تضليل الشعب المغربي والعالم»، على حد تعبيره.