إمام المركز الإسلامي الذي ارتبط اسمه بالميجور نضال حسن لـ «الشرق الأوسط»: حسن مجنون.. وبالصدفة هو مسلم

أدان تصريحات الإمام اليمني العولقي

جوهري عبد الملك، إمام مركز دار الهجرة الإسلامي («الشرق الأوسط»)
TT

أدان جوهري عبد الملك ـ إمام مركز دار الهجرة الإسلامي في فولز جيرج، من ضواحي واشنطن العاصمة، وهو المركز الذي ارتبط اسمه بالميجور نضال حسن، الطبيب العسكري الفلسطيني الأميركي الذي أدين بتهم قتل 13 عسكريا في قاعدة «فورت هود»، يوم 5 نوفمبر «تشرين الثاني» الجاري ـ التصريحات العدائية التي يطلقها أنور العولقي، أميركي يمني موجود حاليا في اليمن، وكان إماما في نفس مركز دار الهجرة.

وكان الادعاء العسكري العام بالجيش الأميركي، قد وجه الأسبوع الماضي، 13 اتهاما بالقتل العمد إلى الميجور نضال حسن، مما قد يقوده إلى عقوبة الإعدام، في الوقت الذي قال فيه المتحدث باسم قيادة التحقيق في جرائم الجيش، كريس غراي، إن التحقيقات ما زالت مستمرة بشأن «الهجوم» الذي شهدته أكبر قاعدة عسكرية للجيش الأميركي في العالم. وكان مكتب التحقيق الفيدرالي (إف.بي.آي) قال إن حسن تبادل الرسائل مع العولقي عبر موقع العولقي في الإنترنت. وأن حسن ربما كان قابل العولقي عندما كان العولقي في مركز دار الهجرة. غير أن الإمام عبد الملك قال إنه لا يعرف ذلك، وإنه قابل العولقي، ولا يتذكر أنه قابل حسن. وعلى أي حال، يعتقد أن ما فعله حسن جنون، وقال إنه كرر هذا الرأي في مؤتمرات صحافية ومقابلات تلفزيونية.

وجاءت المقابلة على النحو التالي:

* نقلت تلفزيونات أميركية صور فيديو لأنور العولقي الذي كان إماما هنا في مركز دار الهجرة، وهو الآن في اليمن، يؤيد فيها نضال حسن، الطبيب الأميركي الفلسطيني المتهم بقتل 13 عسكريا في قاعدة «فورت هود». ماذا تعرف عن الاثنين: العولقي، وحسن؟

ـ أبدأ بالرد على تصريحات العولقي العدائية. أيد الجريمة التي ارتكبها حسن، وقال إن المسلمين الأميركيين الذين عارضوا الجريمة خانوا الأمة الإسلامية، وإنهم منافقون. وأنا أرد عليه بالقول إنه، بهذا، فصل بين نفسه والجالية الإسلامية في الولايات المتحدة. وأن القرآن الكريم يعلمنا أننا، كمسلمين أميركيين، علينا أن نثري المجتمع الذي نعيش فيه بخدمات إنسانية، وحكمة، وبتدريس آيات الله الجميلة عن الحب والرحمة لكل الجنس البشري.

* هل قابلت العولقي؟

ـ في أبريل (نيسان) 2002 ترك العولقي هذا المركز، بعد أن عمل فيه لسنة تقريبا. وفي يونيو (حزيران) من نفس السنة، انضممت أنا إلى المركز بعد أن كنت واعظا إسلاميا في جامعة هوارد (في واشنطن العاصمة). لم نعمل إمامين معا، لكنى قابلته. وأهم شيء أريد أن أقوله إن العولقي عندما كان هنا لم يكن أبدا مثل العولقي الحالي الذي يردد هذه الآراء المتطرفة. سمعت كثيرا من خطبه هنا، من ذلك المنبر، وهي مسجلة عندنا. وكان عاقلا ومعتدلا. قال إن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) لم تكن شرعية. ودافع عن حق الحكومة الأميركية في الدفاع عن نفسها، حتى إذا هاجمها مسلمون.

* هل قابلت العولقي بعد أن ترك المركز؟

ـ نعم.. في سنة 2002، ذهبت إلى الحج مع عائلتي. واتفق معي تلفزيون «إم.اس.إن.بي.سي» على أن يرافقني مصورون ليسجلوا حجنا. وتابعتنا الكاميرات قبل الحج، وخلاله، وبعده. وفي وقت لاحق، عرضت القناة التلفزيونية برنامجا وثائقيا عنوانه «عقيدة المسلمين الأميركيين بعد هجوم 11 سبتمبر»، وكان الهدف هو تعريف الأميركيين بالإسلام والمسلمين.

فجأة، خلال الحج وفي مكة المكرمة، قابلت العولقي. فقد جاء مع حجاج من اليمن، وكان يقدم لهم مواعظ دينية. تحدثنا. كان لا يزال معتدلا، رغم بعض التعليقات السلبية.

* لماذا تغير العولقي؟

ـ أعتقد أن العولقي غضب على معاملة الحكومتين اليمنية والأميركية له. اعتقلته مرات كثيرة حكومة وطن آبائه وأجداده (اليمن). ولم تدافع عنه حكومة الوطن الذي ولد فيه (أميركا). وظن أن الحكومتين تآمرتا ضده.

* هل قابلت نضال حسن؟

ـ لا أتذكر أنني قابلته. سمعت أنه كان يأتي إلى هنا، وأنه كان يبحث عن عروس. وأنه صار انطوائيا وغريب التصرفات بعد وفاة والدته. لكني قابلت بعض أفراد عائلته. كان عندهم عرس، وطلبوا منى أن أكون المأذون. وأتذكر أنها كانت عائلة طيبة ومنسجمة وقوية. كانت عائلة أميركية مسلمة عادية. فيهم الذي يصلى خمس مرات في اليوم، والذي لا يفعل ذلك. وفيهم التي ترتدي ملابس إسلامية محتشمة والتي ترتدي جينز وشورت.

* هل قابل حسن العولقي؟

ـ لا أعرف. لكني أعرف أن العولقي كان هنا قبل سبع سنوات، ولا أعرف أين كان حسن في ذلك الوقت.

* إذا قابله، هل تعتقد أنه، العولقي، أثر عليه؟

ـ إذا قابله وأثر عليه قبل سبع سنوات، لابد أن يكون تأثيرا إيجابيا لأن العولقي، في ذلك الوقت كما قلت لك، كان معتدلا.

* هل حققت معك شرطة «إف.بي.آي»؟

ـ أمس حققوا معي. جاءوا إليّ هنا وجلسنا في هذه الغرفة، وكان معي محامي المركز.

*هل تقدر على أن تقول لنا ما قلت لهم؟

ـ لا يجب أن يكون ذلك سرا. قلت لهم عن العولقي وحسن ما قلت لك الآن.

* قابلت عددا من الصحافيين الأميركيين، وقدم الإعلام الأميركي بعض الأخبار المثيرة عن هذا المركز، وعن مراكز إسلامية غيره وعن المسلمين في أميركا. ما هو رأيك في التغطية الإعلامية الأميركية؟

ـ ألخص التغطية في ثلاث كلمات: «إسلام» و«جنون» و«إرهاب». فجر الجندي الأميركي تيموثي ماكفي بناية فيدرالية في أوكلاهوما، وأرسل الأستاذ الجامعي ثيوردر كيزنسكي خطابات متفجرة قتلت آخرين. لكنهما اعتبرا مجنونين. غير أنهما لو كانا مسلمين لوصفا بالإرهاب. أنا أعتقد أن حسن مجنون وبالصدفة هو مسلم. لكن، ركز الإعلام الأميركي على إسلامه أكثر من جنونه. يمكن أن يكون هناك مسيحي مجنون لكن بالنسبة للمسلم، يريدون ربط دينه بجنونه. وأنا أقول إن هذا شيء خطأ، وخطير. ولا يخدم المسلمين، ولا غير المسلمين، ولا الولايات المتحدة.

* ما هي تعليقات الذين يزورن المركز على ما فعل حسن؟

ـ طبعا أنا أحترم كل الإخوان والأخوات الذين يأتون إلى هنا، لكني لاحظت أن طريقة تفكير المهاجرين تختلف عن طريقة تفكير الذين ولدوا هنا، أو ولد آباؤهم وأجدادهم هنا. ركز كثير من المهاجرين على نظرية «المؤامرة». وقال بعضهم إن حسن لم يرتكب الجريمة، لكن عسكريين أميركيين ارتكبوها، ثم قتلوه، وقالوا إنه هو فاعلها. هؤلاء مثل الذين قالوا إن هجمات سبتمبر لم يقم بها الذين قاموا بها، وأنها كانت «مؤامرة». أنا أنتمى إلى الذين جاء جدودهم إلى هنا قبل مئات السنين، إلى الأميركيين السود. وأعرف أن «الإنكار» جزء من تفسير الذين لا يقدرون على تفسير ما يرونه أو يسمعون به. خاصة إذا كانوا أقلية. وخاصة إذا كانوا غير معتادين على الحياة الأميركية. لكن، تخطينا ـ نحن الأميركيين السود ـ هذه المراحل، وعركنا العمل السياسي، وصار رئيس أميركا واحدا منا. ربما أقول ما أقول لأني كنت مسيحيا وصرت مسلما. لكن، أعتقد أن هذا موضوع مرحلي. ونسأل الله أن يرفعنا من درجة إلى درجة.

* ماذا تقول لهؤلاء المسلمين؟

ـ أقول لهم ما يقول القرآن الكريم. عن الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. عن أن هذه هي الحياة الدنيا، واختبار، وبلاء.

* هل أخطأ حسن عندما ربط بين الدين والسياسة؟ عندما انتقد السياسة الأميركية نحو العرب والمسلمين؟

ـ لا أعرف كيف ربط بينهما، ولا أعرف ما فكر فيه، ولا أعرف دواخله. لكنى أعرف أن النظام الأميركي يقوم على حريات كثيرة منها حرية التعبير. لكن، يستثنى منها العسكري الذي يقسم على الولاء للوطن والدفاع عنه بدون اعتبارات سياسية. تنازل حسن عن حقوقه السياسية عندما أقسم الولاء للقوات المسلحة. وإذا صار ذلك ممكنا، سيحاكم في محكمة عسكرية، لا مدنية.

* يقال إن حسن كان يصرخ «الله أكبر» وهو يرتكب جريمته؟

ـ لا أعرف هل قال ذلك أو لم يقله. وإذا قاله، لا أعرف هل قاله للذين يقتلهم أو للذين كانوا يريدون قتله. على أي حال، الله أكبر دائما، لكنني لا أقدر على أن أفسر ما يقول كل إنسان عن علاقته بالله.