طالبان تُغرق باكستان في دوامة «السيناريو العراقي» بزيادة التفجيرات

مقتل 3 مسلحين أثناء محاولتهم الهجوم على رئيس بلدية مناهض لطالبان

طوابير من الباكستانيين الذين فروا من ويلات الحرب في منطقة جنوب وزيرستان في انتظار تلقي المساعدات الغذائية في مخيم دير إسماعيل خان أمس (أ.ب)
TT

قتل حراس رئيس بلدية في إحدى قرى مدينة بيشاور الواقعة في شمال غربي باكستان ثلاثة مسلحين قاموا بمهاجمة منزل رئيس البلدية صباح أمس. وقال رئيس الشرطة المحلية جاران الله خان إن «العديد» من المسلحين بعضهم متنكر على هيئة سيدات مرتدين البرقع الذي يخفي الجسد بأكمله فتحوا النيران على منزل محمد فهيم في بادابير وهي قرية صغيرة على أطراف بيشاور. وقال خان هاتفيا «إن رجال أمن فهيم ردوا عليهم وقتلوا ثلاثة مسلحين». ونجا رئيس البلدية الذي يترأس ميليشيا محلية كونت ضد متمردي طالبان من عدة محاولات اغتيال. وقال فهيم لقناة «جيو» التلفزيونية الباكستانية الخاصة «إن هجوم أمس نفذه مانجال باج ومقاتلوه». وتعمل جماعة عسكر الإسلام بقيادة مانجال باج في منطقة خيبر القبلية المتاخمة لبيشاور وهي منطقة غير خاضعة للقانون وتمثل طريقا رئيسيا لنقل المعدات للقوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان.

ويذكر أن انتحاريا قتل رئيس بلدية آخر مناهض لطالبان، بالإضافة إلى ما لا يقل عن اثني عشر شخصا في ضواحي بيشاور نهاية الأسبوع الماضي.

من جهة أخرى أعلن الجيش الباكستاني أمس، أنه قتل 17 مسلحا خلال العملية المستمرة في المنطقة المضطربة في شمال غربي البلاد بالقرب من الحدود الأفغانية. وتقدم نحو 30 ألف جندي بمساندة من الدعم الجوي والمدفعي إلى داخل وزيرستان الجنوبية معقل طالبان في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في أعقاب قيام الجيش بعملية مماثلة ضد المسلحين في وادي سوات الواقع في شمال باكستان.

وتراقب الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الغربيون الهجوم الذي استمر لمدة أربعة أسابيع في منطقة وزيرستان غير الخاضغة للقانون عن كثب، حيث تحولت المنطقة الوعرة إلى مركز عالمي لمقاتلي طالبان والقاعدة. وقال الجيش أمس إن القوات الأمنية قامت بعمليات تمشيط في العديد من القرى وصادرت كميات كبيرة من الأسلحة والقنابل اليدوية. ولقي خمسة مسلحين حتفهم خلال تبادل لإطلاق النار مع الجنود في منطقة أحمد وام حيث ذكرت الأنباء أن اشتباكات عنيفة تدور هناك. ووفقا للجيش فإن حصيلة الضحايا في صفوف طالبان بلغت 542 شخصا. ولقي 63 جنديا حتفهم في العملية العسكرية. ولم يتسن التأكيد المستقل من هذه الأرقام، حيث إن منطقة الصراع ما زالت مغلقة أمام الصحافيين ووكالات الإغاثة. وقتل حراس رئيس بلدية في إحدى قرى مدينة بيشاور الواقعة في شمال غربي باكستان ثلاثة مسلحين متنكرين على هيئة سيدات مرتدين البرقع الذي يخفي الجسد بأكمله قاموا بمهاجمة منزل رئيس البلدية صباح أمس. نجا رئيس البلدية محمد فهيم الذي يترأس ميليشيا محلية كونت ضد متمردي طالبان من عدة محاولات اغتيال. وقال فهيم إن المهاجمين لهم صلة بجماعة عسكر الإسلام التي يقودها المسلح مانجال باج في منطقة خيبر القبلية المتاخمة لبيشاور، وهي منطقة غير خاضعة للقانون وتمثل طريقا رئيسيا لنقل المعدات للقوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان.

ويقول المسؤولون الباكستانيون إن الهجوم في وزيرستان يسير بصورة جيدة وإن المسلحين في حالة فرار، ولكن طالبان وصفت تراجعها بأنه «خطوة استراتيجية». ويرد المسلحون على عمليات الجيش الباكستاني بموجات من الهجمات المميتة معظمها تفجيرات انتحارية في البلدات والمدن من أجل الضغط على الحكومة.

إلى ذلك، يرى الخبراء أن أساليب العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة وتكتيك المتمردين التي يلجأ إليها طالبان تغرق باكستان في دوامة أكثر دموية من النزاع في أفغانستان حتى أنه بات يأخذ منحى «السيناريو العراقي». وخلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) وحده، قتل أكثر من 320 شخصا بينهم 170 مدنيا في اعتداءات ارتكبت في أسواق في بيشاور كبرى مدن شمال غربي البلاد بحسب حصيلة وضعت استنادا إلى مصادر أمنية وطبية. وعلى سبيل المقارنة، في أفغانستان المجاورة حيث يتوقع أن يتخذ الرئيس الأميركي باراك أوباما قرارا قريبا حول إرسال تعزيزات إلى هذا البلد، فإن وتيرة الهجمات كانت أكثر انتظاما لكن عدد القتلى أقل (132). وقال رحيم الله يوسف ضائي الخبير في القضايا القبلية أن «الخطر أكبر في باكستان. أنه بلد أكبر وأكثر تقدما من الناحية التكنولوجية لحيازته السلاح النووي». وأضاف أن «الاعتداءات الثلاثة أو الأربعة الأخيرة التي وقعت في أسواق تذكر بالتكتيكات المعتمدة في العراق». ومنذ الجمعة قتل ثلاثون شخصا في ثلاث عمليات انتحارية في شمال غربي باكستان. وأعلنت حركة طالبان الباكستانية مسؤوليتها عن اعتداءين. وكانت حركة طالبان المتحالفة مع القاعدة وعدت بتكثيف هجماتها في المدن للرد على الهجوم البري الذي أطلقه الجيش قبل أربعة أسابيع على معقلها القبلي في وزيرستان الجنوبية (شمال غربي).

وتحدث عزام طارق الناطق باسم طالبان الباكستانية عن شن «حرب عصابات» في جبال وزيرستان وهجمات في المدن لإثبات أن الإسلاميين «قادرون على المحاربة لسنوات».

واستهدفت إحدى العمليتين الانتحاريتين، الجمعة، مكاتب أجهزة الاستخبارات في بيشاور. وقال مختار شيخ مدير العلاقات الدولية في جامعة كراتشي «يمكننا توقع استراتيجية تلجأ إليها عادة حركات التمرد». ويمكن للمقاتلين الإسلاميين أن يعتمدوا في معاقلهم على دعم السكان المحليين الغاضبين من الهجمات المنتظمة التي تنفذها طائرات دون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي ايه» أو الجيش الأميركي المنتشر في أفغانستان، على المناطق القبلية الباكستانية المتاخمة لأفغانستان. ومنذ 2008 أوقع 70 هجوما شنتها طائرات أميركية من دون طيار 600 قتيل في شمال غربي باكستان. وفي صيف 2007 كانت حركة طالبان الباكستانية التي أعلنت ولاءها لـ«القاعدة»، أعلنت الجهاد علي إسلام آباد لأنها تحالفت مع واشنطن «في حربها على الإرهاب». ويقول خبراء إن هذه الاعتداءات التي تسبب مجازر يذهب ضحيتها مدنيون في الأسواق المحلية قد يكون لها «ثمن». وقال يوسف ضائي إن «أي حركة تمرد لا تستطيع الاستمرار دون دعم محلي». وتراجع دعم قبيلة محسود، التي ينتمي إليها أبرز قادة طالبان الباكستانية، لهذه الحركة. وقال أحد أفراد هذه القبيلة ويدعى حجي خان محمد محسود «من الممكن أن يكون زعماء قبليون ساعدوا طالبان لكن الآن لسنا، نحن قبائل محسود، في صفها».