الأمن والانتخابات والملف الإيراني على طاولة مباحثات طالباني في باريس

معصوم لـ «الشرق الأوسط»: الرئيس العراقي سيرشح نفسه لولاية ثانية.. ولا منافس له حتى الآن

TT

يستقبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عصر اليوم الرئيس العراقي جلال طالباني، الذي بدأ زيارة دولة إلى فرنسا تدوم حتى يوم الخميس القادم هي الأولى من نوعها منذ انتخابه رئيسا في عام 2005.

ويرافق طالباني وفد وزاري كبير يضم وزراء الخارجية والدفاع والداخلية والمالية والصناعة والعلوم والتكنولوجيا، فضلا عن مجموعة من المستشارين والمسؤولين الآخرين. وسبق لطالباني أن قام بزيارتين رسميتين لفرنسا عامي 2006 و2007.

وتأتي زيارة الدولة الحالية وهي الأعلى بروتوكوليا، لتؤكد على المسار الجديد للعلاقات الفرنسية ـ العراقية، وعلى رغبة الجانبين في استعادة الوقت الضائع.

وفي الأشهر الأخيرة، تزايدت وتيرة الزيارات الرسمية عالية المستوى بين باريس وبغداد. فقد زار الرئيس ساركوزي بغداد في فبراير (شباط)، ولحقه رئيس الوزراء فرنسوا فيون إلى العاصمة العراقية مصحوبا بوفد وزاري وبمجموعة كبيرة من رجال الأعمال في يوليو (تموز) الماضي. وبين الزيارتين قام وزير الخارجية برنار كوشنير بزيارة إلى بغداد في مايو (أيار) الماضي.

وبالمقابل، جاء إلى باريس رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في الأول من مايو (أيار)، وسبقه إلى العاصمة الفرنسية بأسبوعين نائب الرئيس، عادل عبد المهدي. وقبل ذلك، التأمت اللجنة المشتركة العليا في باريس برئاسة وزيرة الاقتصاد كريستين لاغارد، ووزير النفط حسين الشهرستاني نهاية مارس (آذار) وذلك بعد سنوات من الغياب.

وأعد لطالباني برنامج حافل، إذ سيكون ضيف الشرف لمأدبة عشاء في قصر الإليزيه الليلة، وسيستضيفه رئيس الحكومة، ويزور مجلس الشيوخ غدا ومقر بلدية باريس بعد غد، حيث سيقام له احتفال رسمي يلقي خلاله خطابا ردا على خطاب رئيس البلدية برتراند دولانويه. فضلا عن ذلك سيكون للوزراء المرافقين لقاءات مع نظرائهم الفرنسيين. وسيحضر ساركوزي وطالباني حفل توقيع مذكرة تعاون مشترك بين البلدين. وأصدر قصر الإليزيه بيانا جاء فيه أن زيارة طالباني إلى باريس «تثبت خيار البلدين بتوثيق العلاقات بينهما» بعد زيارة الرئيس ساركوزي التاريخية إلى بغداد، وتشكل «مرحلة جديدة لتعميق التعاون الفرنسي ـ العراقي». وستركز مباحثات الإليزيه، وفق البيان الرئاسي، على الملفات الثنائية والمواضيع الإقليمية.

وسيشكل الوضع العراقي الداخلي الأمني والسياسي والانتخابات القادمة والعلاقة بين العراق ودول الجوار والملف الإيراني وعلاقة العراق بمجلس الأمن الدولي والبند السابع والتعويضات المفروضة على العراق، المواضيع السياسية الرئيسية للمباحثات بين طالباني وساركوزي، وبين وزراء الدفاع والخارجية في البلدين.

وتسعى باريس لتثبيت موقعها في العراق بعد مرحلة من الجفاء التي رافقت وتبعت عام 2003، والحرب الأميركية التي أدت إلى سقوط نظام الرئيس العراقي السابق. وفي الأشهر والسنوات الأولى بعد الحرب، كانت باريس تشدد على ضرورة تحديد أجندة لانسحاب القوات الأجنبية من العراق.

ومنذ ما قبل انتخاب الرئيس ساركوزي، بدأ تحسن العلاقات بين البلدين، وهو ما تسارع بعد وصول الرئيس الحالي إلى قصر الإليزيه وإقرار أجندة خروج القوات الأميركية من العراق.

وتعكس الزيارات المتبادلة رغبة مشتركة للتقارب على كل الصعد السياسية والاقتصادية والاستثمارية والعسكرية. من هنا تأتي أهمية الوفد الذي يرافق طالباني، حيث من المقرر أن يلتقي وزير الدفاع العراقي عبد القادر جاسم العبيدي نظيره هيرفيه موران للنظر في التعاون الدفاعي والعسكري بين الجانبين. وقد أثمرت العلاقات الجديدة الربيع الماضي عن إبرام عقد يشتري العراق بموجبه 24 طوافة فرنسية عسكرية. ويدور البحث حول شراء فرقاطات وأسلحة متنوعة. وتبدي باريس استعدادا للنظر في الاحتياجات العسكرية العراقية. وتؤكد المصادر الفرنسية أن مصلحة العراق تكمن في تنويع صداقاته وعلاقاته بحيث لا يبقى رهينة علاقته الأحادية مع الولايات المتحدة الأميركية.

وتهتم باريس أيضا بالقطاع النفطي العراقي وتحديدا شركة «توتال» التي قدمت عرضا نفطيا بالاشتراك مع «شيفرون» الأميركية. إلى ذلك، كشف الدكتور فؤاد معصوم، عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة طالباني، أن حزبه مصر على ترشيح طالباني لفترة رئاسية ثانية.

وأضاف معصوم قائلا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من السليمانية، أمس، إن «كتلا وشخصيات سياسية عراقية مختلفة التقت بالرئيس طالباني وأكدت له إصرارها على ترشيحه كرئيس لجمهورية العراق لولاية ثانية، طالبين منه عدم التصريح بتردده أو تراجعه عن هذا المطلب العراقي كونه يمثل الخيمة التي يلتقي عندها كل العراقيين وبجميع طوائفهم الدينية والقومية والسياسية، وأنه يقف على مسافة واحدة من الجميع».

وقال معصوم إن «الرئيس طالباني لن يدخل في منافسة مع أحد، ولا يريد أن يكون مع جهة ضد أخرى باعتباره رئيس كل العراقيين، وهو الضمانة للحفاظ على وحدة العراق ودستوره، وإنه (الرئيس طالباني) يرغب في الحصول على تأييد غالبية الكتل السياسية إن لم تكن جميعها»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه «ليس هناك حتى الآن أي حديث أو تصريح يشير إلى وجود من ينافس الرئيس طالباني على تحمل مسؤوليته كرئيس للجمهورية».