الأعباء المالية أحد هواجس إدارة أوباما في إرسال قوات إضافية لأفغانستان

تكلفة الجندي الواحد ترتفع إلى مليون دولار.. وتكلفة القوات بالعراق ستتراجع إلى 60 مليار دولار في 2010

TT

مع أن قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما بخصوص إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان يعد قرارا عسكريا في المقام الأول، نجد أن لهذا القرار تبعات هامة ذات صلة بالميزانية الأميركية، ويعزز ذلك من الضغوط التي تهدف الحد من هذا الالتزام، حسب ما يقوله مسؤولون بارزون في الإدارة الأميركية.

وتشير التقديرات الحكومية الداخلية الأخيرة إلى أن تكلفة إضافة 40 ألف جندي أميركي وتوسيع القوات الأمنية الأفغانية، وهو ما يريده الجنرال ستانلي ماك كريستال، القائد الأعلى للقوات الأميركية وقوات الحلفاء داخل أفغانستان، سوف تبلغ ما بين 40 مليار دولارا و54 مليار دولار سنويا، حسب ما أضافه المسؤولون. وحتى مع إرسال عدد أقل من القوات، أو تعديل مهمتهم، سيبقى تقريبا الرقم الذي حدده البيت الأبيض كتكلفة للجندي في العام هو مليون دولار. ولذا فإنه حال اختيار الرئيس أوباما إرسال عدد أقل من القوات، فإن التكاليف الجديدة داخل أفغانستان يمكن أن تقضي على 26 مليار دولار كان متوقعا توفيرها في 2010 من سحب القوات من العراق. ويمكن أن تصل الميزانية العسكرية في المجمل إلى ما يبلغ 734 مليار دولار، أي أكثر بنسبة 10 في المائة من أعلى رقم بلغته الميزانية خلال إدارة بوش، والذي كان يصل إلى 667 مليار دولارا. وسيبقى هذا التفاقم في الإنفاق العسكري قضية مشتعلة سياسيا بالنسبة إلى أوباما في الوقت الذي يتزايد فيه العجز في الميزانية الحكومية حيث إن الاقتصاد لا يزال يعاني من حالة من الضعف بينما يسعى أوباما إلى تمرير خطة رعاية صحية مكلفة.

وبالفعل، أعرب أعضاء بارزون في لجنة المخصصات بمجلس النواب عن تحفظاتهم بخصوص الكلفة المحتملة على المدى الطويل لتوسيع الحرب داخل أفغانستان. وقد يجد الرئيس أوباما صعوبة في الحصول على موافقة داخل الكونغرس على زيادة النفقات، حيث سيكون عليه الاعتماد على الجمهوريين لمواجهة معارضة الديمقراطيين الليبراليين. وقال مسؤول بارز في الإدارة الأميركية، شريطة عدم ذكر اسمه كي يتمكن من مناقشة تفاصيل المداولات السرية، إن هذه المخاوف عززت من إصرار الرئيس خلال اجتماع عُقد في البيت الأبيض يوم الأربعاء على أن يتضمن أي خيار عسكري أسرع استراتيجية خروج ممكنة. وأضاف المسؤول: «يعلم الرئيس أننا لا يمكننا المحافظة على هذا إلى ما لا نهاية».

وسيؤدي إرسال عدد أقل من القوات إلى تقليل التكاليف ولكنه سوف يضع أيضا قيودا على استراتيجية زيادة عدد القوات. وستتكلف عملية إرسال 30 ألف جندي إضافي، على سبيل المثال، ما بين 25 مليار دولار و30 مليار دولار سنويا ولكن سوف يضع ذلك قيودا على مدى انتشار القوات الأميركية. وسيتكلف تعبئة 20 ألف جندي نحو 21 مليار دولار سنويا ولكن سوف يوسع ذلك بالأساس تدريب الأفغان، حسب ما يقوله المسؤول. وتزيد المليون دولار المقدرة كتكلفة للجندي في العام عن تقديرات لباحثين في الكونغرس عام 2006 قالت إن الجندي يتكلف نحو 390 ألف دولار. ويقول محللون عسكريون إن الزيادة تعكس ارتفاعا في كلفة مركبات الجنود المضادة للألغام وأجهزة استطلاع سوف يستخدمها الجنود داخل العراق وأفغانستان. ولكن، هناك بعض التكاليف التي ترتبط بطبيعة أفغانستان وحدها حيث يمكن أن تصل تكلفة توصيل الغالون الواحد من الوقود إلى القوات عبر التضاريس الجبلية إلى 400 دولار. وتشير تقديرات للإدارة إلى أنه قد تكون هناك تكلفة تصل إلى 50 مليار دولار على مدار خمسة أعوام لزيادة حجم قوات الشرطة والجيش الأفغاني بنسبة تزيد عن الضعف كي يبلغ العدد في المجمل 400 ألف. وتشمل هذه التكلفة عمليات التجنيد والتدريب والمعدات. وفي قاعدة عسكرية في ألاسكا يوم الخميس، قال الرئيس أوباما لحشد من الجنود إنه لن يخاطر بالمزيد من الأرواح «ما لم يكن ذلك ضروريا لحماية المصالح الأميركية الحيوية». وأضاف خلال زيارته إلى طوكيو يوم الجمعة أنه تجنب اتخاذ أي خطوة يمكن أن ينظر إليها على أنها «التزام مفتوح». وقالت الإدارة يوم الجمعة إنها خططت لتخفيض النفقات ما يصل إلى 5 في المائة داخل الهيئات المحلية في العام المالي 2011 في إطار جهد بهدف تقليل عجز الميزانية الفيدرالية الذي وصل إلى 1.4 تريليون على ضوء خطط الإنقاذ المالي وخطط التحفيز الاقتصادي. وقد انتقد الكثير من القيادات الجمهورية استعداد أوباما لإنفاق المزيد على برامج محلية ودعوه إلى إعطاء الجنرال ماك كريستال الموارد التي يحتاج داخل أفغانستان. وقال السناتور كريستوفر بوند الجمهوري من ميسوري ونائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ: «أليست الوظيفة الأولى للحكومة هي الحفاظ على بلادنا آمنة؟ إذا كانت لدينا استراتيجية حد أدنى لمكافحة الإرهاب، فإن حركة طالبان سوف تعود عبر الجبال من باكستان وسوف يتبعهم شركاؤهم في التآمر من تنظيم القاعدة».

ولا تعد التكاليف مبعث القلق الوحيد في هذه الحرب التي تتفاقم، وقد زادت حدة النقاش الأسبوع الماضي وسط ما كشف عنه من أن السفير الأميركي في أفغانستان كارل إيكنبري أرسل برقيتين إلى واشنطن يعرب فيهما عن تحفظاته بخصوص إرسال المزيد من القوات، ورجع ذلك إلى ضعف القيادة الأفغانية والفساد المستشري. ويمكن أن يجعل هذا النوع من الشكوك البعض داخل الكونغرس مترددين في دعم توسيع الحرب، ولا سيما مع اقتراب الانتخابات التكميلية العام المقبل. ويقول النائب ديفيد أوباي، الديمقراطي من ويسكنسن الذي يترأس لجنة المخصصات بمجلس النواب، إن إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان يمكن أن يستنزف وزارة الخزانة «ويبدد فعليا أي أولويات أخرى لدى الرئيس أو أي شخص داخل الكونغرس». وقال النائب جون مورثا، الديمقراطي من بنسلفانيا ورئيس لجنة فرعية عن مخصصات الدفاع، في مقابلة أجريت معه، إنه بسبب المخاوف التي تحيط بالرئيس الأفغاني حميد كرزاي فإنه يعتقد أن أغلبية الديمقراطيين البالغ عددهم 258 داخل مجلس النواب سوف يصوتون ضد أي مشروع قانون للدفع مقابل المزيد من القوات».

ويُذكَر أنه خلال حملته الرئاسية كان أوباما حريصا على أن يقول إنه لن يقلل من الإنفاق العسكري في الوقت الذي تخوض فيه البلاد حربين. وقال أيضا إنه من المهم تعزيز الوضع المتردي داخل أفغانستان، وبُعيد تولّيه مهام منصبه وافق على إرسال 21 ألف جندي إضافي إلى هناك ليرفع إجمالي عدد الأميركيين إلى 68 ألفا. ولكن، افترض الكثير من مناصريه أن تعهده بالانسحاب من العراق والحد من الإنفاق على برامج الأسلحة المتطورة سوف يوفر مدخرات كبيرة. ولكن، على الرغم من أن الرئيس أوباما تمكن من إلغاء مشروع إنتاج المقاتلة «إف 22» وغيرها من برامج الأسلحة المتطورة، فإن ما تم توفيره قابلته زيادة في الإنفاق على الطائرات التي تعمل دون طيار والمركبات المضادة للألغام التي توجد حاجة إليها في الميدان.

ووقع أوباما أخيرا على مشروع تفويض عسكري قيمته 680 مليار دولار للعام المالي 2010 ويمثل ذلك زيادة نسبتها 2.7 في المائة عن مستويات الإنفاق عام 2009 وزيادة 1.9 في المائة عن أعلى ميزانية للرئيس بوش في العام المالي 2008. وتتوقع الإدارة أن الإنفاق على العراق سوف يقل بنسبة 25.8 مليار دولار في العام المالي 2010 ليصل إلى 60.8 مليار دولار مع انسحاب معظم القوات. ومن المتوقع أيضا زيادة الإنفاق على الحرب داخل أفغانستان بنسبة 18.5 مليار دولار خلال العام المالي 2010 لتصل إلى 65.4 مليار دولار، ويكون بذلك مجمل ما تم توفيره من الحربين 7.3 مليار دولار إذا لم يتم إرسال المزيد من القوات.

* خدمة «نيويورك تايمز»