أوباما في الصين: إغراءات الاقتصاد لم تثنه عن التطرق لحقوق الإنسان

دعا لرفع الرقابة عن الإنترنت وأشاد بتراجع التوتر في تايوان وتحاشى مسألتي التيبت وشينغيانغ

TT

أجرى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أمس، في الصين، المحطة ما قبل الأخيرة في جولته الآسيوية الحالية، محادثات سياسية مع كبار المسؤولين الصينيين. وكان لافتاً أنه تطرق إلى ملفات حقوق الإنسان ودعا لحرية التعبير ورفع الرقابة عن الانترنت، على عكس ما توقع مراقبون مسبقاً أن إغراءات الاقتصاد قد تثنيه عن طرق هذه المواضيع.

ولدى وصوله إلى بكين وجد أوباما في استقباله، نائب الرئيس الصيني، تشي جينبنغ، الذي يعتبر الخليفة المحتمل للرئيس الصيني، هو جينتاو، قبل أن يعقد مساء لقاء مع الرئيس جينتاو تلاه عشاء. وأفيد مسبقاً أن محادثاته في بكين تتناول الملفات الكبرى المعقدة وفي بعض الأحيان التي تثير الخلاف بين البلدين مثل المناخ قبل مؤتمر كوبنهاغن والخلافات التجارية ومستوى اليوان وانتشار الأسلحة النووية في كوريا الشمالية وملف إيران.

لكن الرئيس الأميركي تطرق صباحا لدى وصوله إلى شنغهاي، إلى مسألة حقوق الإنسان ردا على أسئلة طلاب. وقال في خطاب أمام الطلاب هناك «إن حرية التعبير والمعتقد والإعلام هي، كما نعتقد، حقوق عالمية»، مضيفا أن هذه الحقوق «يجب أن تكون في متناول الجميع بما يشمل الأقليات الاثنية والدينية، سواء أكانوا في الولايات المتحدة أم في الصين أم في أي دولة أخرى»، لكنه لم يأت على ذكر التيبت أو إقليم شينغيانغ، حيث وقعت اضطرابات دامية العام الماضي وفي يوليو (تموز) الماضي، الموضوعين اللذين يعتبران حساسين للمسؤولين الصينيين.

وأشاد أوباما بتراجع حدة التوتر بين الصين وتايوان، مجددا دعمه لسياسة «صين واحدة». وقال «إن إدارتي تدعم بالكامل سياسة صين واحدة. نحن لا نريد تغيير هذه السياسة أو هذه المقاربة». وأضاف «أنا سعيد جدا بتراجع حدة التوتر وبتحسن العلاقات في مضيق تايوان». وتابع «رغبتي العميقة وأملي، هما بأن نستمر في أن نشهد إحراز تقدم كبير بين تايوان وجمهورية (الصين) الشعبية»، مشددا على أن العلاقات الاقتصادية والتجارية «ساعدت على خفض التوترات».

ودعا الرئيس الأميركي أيضا إلى إنترنت من دون رقابة فيما تبقي الصين على رقابة قصوى على الشبكة وتخضع للحظر موقعي تويتر أو فيسبوك على مدى أشهر. وقال «لقد كنت على الدوام من أشد مناصري الإنترنت وأنا أؤيد بقوة عدم فرض رقابة»، وذلك ردا على سؤال من أحد مستخدمي الإنترنت.

وكانت مواقع الإنترنت الصينية التي تديرها الدولة طلبت من مستخدمي شبكة الاتصال الدولية التقدم بأسئلة تطرح على أوباما في اجتماعه مع الشبان وطلب كثيرون منهم أن يقول ما إذا كان يعتزم الاجتماع مع الدالاي لاما، زعيم التبت المنفي الذي تصفه الصين بأنه «انفصالي». وقال الرئيس الأميركي إن سهولة الوصول إلى المعلومات مصدر قوة لأي بلد. واعتبر أن تشجيع حرية الوصول إلى المعلومات يشجع ملكة الإبداع وتدفق الأفكار.

وبشأن المناخ، قال أوباما إنه يتعين على كل من واشنطن وبكين اتخاذ «خطوات حاسمة» لمعالجة تغير المناخ العالمي. وأضاف أن الدول الأخرى تنتظر لترى ما ستفعله الولايات المتحدة والصين قبل اجتماع تعقده الأمم المتحدة في كوبنهاغن. وتعد الصين أكبر دولة في العالم ينبعث منها سنويا غاز ثاني أكسيد الكربون المسبب الأساسي لتلوث البيئة. لكن بكين قالت إنه يجب على الدول النامية عدم قبول حد أقصى ملزم دوليا للانبعاثات في الوقت الذي تركز فيه على التنمية الاقتصادية والهروب من الفقر. ووجه أوباما، الذي وصل مساء أول من أمس إلى شنغهاي، التي تمثل النمو الصيني الكبير، ضمن زيارة إلى الصين تستمر أربعة أيام، تحية أيضا إلى الصين «العظيمة». وقال: «ليس على الصين والولايات المتحدة أن تكونا خصمين»، مشيرا إلى العلاقات الثنائية الجيدة التي يمكن أن تجلب «الازدهار والسلام إلى العالم». وسبق أن شدد أوباما في خطاب ألقاه في طوكيو على أنه يريد أن يثبت في بكين أن واشنطن ليست منافسة للصين وإنما شريكة لها. وأحيطت زيارة الرئيس الأميركي بإجراءات أمنية مشددة وأغلق الحي في وسط بكين الذي سيمضي فيه ليلتين. وتم شل حركة السير فور وصوله، لكن العديد من الصينيين حاولوا رؤية الرئيس الأميركي، الذي يحظى بشعبية كبرى في الصين لا سيما في صفوف الشبان. وتعتبر زيارة الصين المحطة الأهم في جولة أوباما الآسيوية التي تستمر أسبوعا وسبق أن قادته إلى طوكيو وسنغافورة (قمة منتدى آسيا- المحيط الهادئ) وشنغهاي على أن يختتمها في سيول.