طالباني يريد إقامة علاقات استراتيجية مع فرنسا ويبرم اتفاقيتين دفاعية وسياسية

باريس تؤسس لعهد جديد مع بغداد بعد سنوات من الجفاء

TT

قال الرئيس العراقي، جلال طالباني، بعد لقاء موسع مع الرئيس ساركوزي إن زيارته لفرنسا تهدف إلى «تقوية العلاقات الثنائية مع فرنسا وتوسيعها وتعميقها في الميادين السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية والبترولية والتجارية»، مضيفا أن بلاده تتطلع لعلاقات استراتيجية مع فرنسا.

وفيما وصف طالباني الرئيس ساركوزي بأنه «صديق كبير للعراق والعراقيين»، عمد الطرفان الفرنسي والعراقي، بحضور طالباني وساركوزي، عقب الاجتماع الأول، إلى توقيع اتفاقيتين: الأولى دفاعية، والثانية في ميدان السياسة الخارجية. وأعرب طالباني في كلمة مختصرة للصحافة، عن أمله في توقيع اتفاقيات أخرى خلال الزيارة.

وليس من المستبعد أن يطلب العراق مساعدة سياسية فرنسية للتخلص من وصاية مجلس الأمن، ولاستقرار علاقاته الإقليمية، فضلا عن التوصل إلى اتفاق مع مجلس الأمن لتعليق دفع التعويضات الموروثة عن حقبة العهد السابق. كذلك يحتاج العراق المساعدة في ميدان إعادة تسليح قواته، سواء كانت المسلحة أو الأمنية، وتدريبها وتجهيزها.

وحظيت زيارة طالباني باهتمام رسمي فرنسي كبير. فللمرة الأولى في تاريخ العلاقات الفرنسية ـ العراقية، ترفع أعلام العراق على المؤسسات الفرنسية العامة وساحة الأنفاليد وفي جادة الشانزليزيه من أسفلها عند ساحة الكونكورد وإلى أعلاها عند قوس النصر. وتقام على شرف الرئيس العراقي وعقيلته، هيرو أحمد، وليمة دولة، في القصر الرئاسي، ويستقبل في بلدية باريس ويزور رسميا مجلسي الشيوخ والنواب ويفرش السجاد الأحمر للرئيس العراقي في قصر الإليزيه.

ويقوم طالباني اليوم بوضع باقة زهور على ضريح الجندي المجهول، الواقع تحت قوس النصر.

ويرافق طالباني وزراء أساسيون في الحكومة العراقية منهم وزراء الخارجية والدفاع والداخلية والمالية والاتصالات والتكنولوجيا.

وتريد باريس أن تكون زيارة طالباني التي ستمتد لأربعة أيام، والتي تأتي ردا على زيارة الرئيس ساركوزي إلى بغداد في فبراير (شباط) الماضي، تأسيسا للعهد الجديد بين البلدين بعد سنوات الجفاء، لا بل القطيعة التي رافقت وأتبعت حرب الخليج الثانية، ووقوف باريس ضد الغزو الأميركي وانتقادها المتكرر والعنيف له.

وبحسب المصادر الفرنسية، فإن الأشهر الأخيرة التي شهدت تبادلا للزيارات «أسست» للوصول إلى هذه المرحلة حيث ترغب فرنسا في أن تكون طرفا فاعلا في إعادة إعمار العراق، وبما سيفضي إليه ذلك من مشاريع ضخمة تقدر قيمتها الإجمالية بـ600 مليار دولار.

وقال السفير الفرنسي في بغدار، بوريس بوالون، الذي كان مساعد المستشار الدبلوماسي للرئيس ساركوزي قبل تعيينه في بغداد إن فرنسا «تتمتع بصورة جيدة في العراق ونحن نسعى لاستثمارها»، خصوصا أن الأميركيين «يتأهبون للرحيل، وأن العراقيين يودون تنويع علاقاتهم» ما يخدم المصالح الفرنسية.

وبالفعل، فإن توصل العراقيين والأميركيين لاتفاق حول الانسحاب الأميركي التدريجي من العراق نزع آخر ورقة خلافية كانت تعوق تطبيعا كاملا للعلاقات الفرنسية ـ العراقية. غير أن المصادر الفرنسية تقلل من أهمية الخلافات الماضية بالقول إن باريس «صوتت لصالح كل القرارات التي تتناول العراق في مجلس الأمن الدولي» في مرحلة ما بعد الغزو الأميركي. أما العنصر الآخر الذي سهل العودة الفرنسية فيتمثل، كما تقول باريس في التحسن الأمني الذي طرأ على الوضع في العراق بما في ذلك في العاصمة.

وتحظى باريس اليوم، وبسبب الرغبة الأميركية، في الانسحاب من العراق بضوء أخضر أميركي للعودة بقوة إلى العراق بما في ذلك الميدان الاقتصادي والطاقة. وسيقوم الرئيس طالبان بحث الشركات الفرنسية على التوجه إلى العراق وعلى الاستثمار المباشر في الاقتصاد العراقي في لقاء يجمعه معهم صباح غد.

وتهتم باريس، كما هو معروف، بالقطاع النفطي العراقي، ولكن عينها كذلك على إعادة بناء الجيش العراقي وما تحتاجه هذه العملية من أسلحة وعتاد جديدين في كل القطاعات. كذلك تنظر باهتمام إلى إعادة تشكيل الأسطول الجوي المدني العراقي ما يوفر حظوظا لشركة «إيرباص». ولا يمكن استبعاد اهتمام فرنسا برغبة العراق في الحصول على الطاقة النووية السلمية والرغبة التي أكدها مجددا وزير العلوم والتكنولوجيا، رائد فهمي. لكن التعاون النووي السلمي يفترض قرارا من مجلس الأمن الدولي الذي يمنع العراق بموجب القرار 707 لعام 1990 من أي نشاط نووي.

وقال بوالون إن اتفاقيات تتناول الدفاع والأمن الداخلي والاقتصاد والقطاعات الجوية والثقافية والزراعية سيتم توقيعها، معتبرا أن ذلك سيغير طبيعة العلاقات مع العراق.