باريس لبغداد: ندعم طلبكم بتعيين ممثل دولي للتحقيق في الإرهاب

طالباني يدعو فرنسا إلى مساعدة العراق للتخلص من البند السابع والتعويضات

الرئيس العراقي جلال طالباني يضع إكليلا من الزهور على ضريح الجندي المجهول في باريس أمس (إ.ب.أ)
TT

«نريد مع العراق شراكة بلا حدود»: هكذا أوجز الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي صورة العلاقات التي تريدها بلاده مع العراق عند لقائه الرئيس طالباني والوفد المرافق له في قصر الإليزيه مساء أول من أمس، مشيرا، وفق مصادر رئاسية، إلى الرغبة في توسيع وتعميق العلاقات السياسية والاستراتيجية والعسكرية والثقافية والعلمية والتقنية والتجارية بين البلدين. وأضفى ساركوزي مسحة شخصية على رغبته وتمسكه بتوثيق العلاقات مع بغداد عندما خاطب زوجته كارلا في نهاية كلمة الترحيب التقليدية التي ألقاها في حفل العشاء الرسمي على شرف الوفد العراقي قائلا: «سنذهب إلى العراق يا كارلا، أليس كذلك؟ لنظهر للعالم أن بغداد تستحق أن نعطيها الفرصة لتنبعث من جديد».

وحمل الرئيس العراقي، إلى جانب التعبير عن رغبة عراقية مماثلة في إقامة علاقة «استراتيجية» مع فرنسا مجموعة من المطالب السياسية. وقالت الأوساط الرئاسية إن طالباني طلب من الرئيس ساركوزي مساعدة بلاده للخروج من الفصل السابع للأمم المتحدة الذي ما زالت خاضعة له بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي السابقة التي تحد عمليا من سيادتها، ودعا إلى إيجاد مخرج من تعويضات الحرب التي يستمر العراق في دفعها. كذلك قام الرئيس العراقي بتقديم عرض عن علاقات بلاده مع دول الجوار مركزا على الكويت وعلى التوتر الأخير الذي اعترى العلاقات العراقية ــ السورية، وتناول الموضوع الأمني في الداخل العراقي وطلب بلاده تعيين مبعوث دولي للنظر في العمليات الإرهابية التي يتعرض لها العراق وإنشاء لجنة تحقيق دولية. ونقلت المصادر الرئاسية أن رد الرئيس الفرنسي كان أن باريس «ترغب في عودة العراق عودة كاملة إلى المسرح الدولي» وأن بإمكان العراق أن يعتمد على الدعم والتأييد الفرنسيين. وقال ساركوزي: «إننا ندعم قيام عراق قوي وديمقراطي ومسالم». غير أنه نبه الرئيس العراقي إلى أهمية التوصل إلى إغلاق ملفين أساسيين مع الكويت هما ملف الأسرى وملف الحدود. وأبلغ ساركوزي طالباني أن باريس «تدعم تعيين ممثل شخصي للأمين العام للأمم المتحدة للتحري حول موضوع الإرهاب في العراق والنظر في الاتهامات العراقية». والخلاصة التي وصل إليها ساركوزي أن باريس «تريد أن يعود العراق بلدا عاديا» وأن زيارة طالباني والاتفاقات التي وقعت وستوقع خلال الزيارة هي بمثابة «علامة ثقة» من فرنسا بمستقبل العراق.

وفي كلمته ليلا بمناسبة حفل العشاء العامر الذي أقيم في قصر الإليزيه، أكد ساركوزي أن بلاده «ستسهم بقسطها في عودة العراق» مضيفا أن العراق هو «على الطريق السليم».

وأمس استقبلت بلدية باريس الرئيس العراقي استقبالا رسميا في مقرها. وجاء ذلك بعد أن وضع طالباني إكليلا من الزهر على ضريح الجندي المجهول تحت قوس النصر. وألقى رئيس البلدية برتراند دولانويه كلمة نوه فيها بما قدمه العراق للإنسانية كالكتابة وشرائع حمورابي. وأشار دولانويه إلى التحديات التي يواجهها العراق، معددا منها «التوازن الجديد بين الوحدة والتعددية وإقامة دولة القانون وترسيخ اللحمة بين مكونات الشعب العراقي والتعايش مع دول الجوار والوصول إلى الوئام الإقليمي». وأعرب دولانويه عن تطلعه لقيام «عراق جديد اتحادي وموحد ولكل طوائفه». وعرض دولانويه التعاون بين باريس وبغداد في كل ميادين الحياة اليومية كالثقافة والصحة والبيئة والعمران.

وقالت مصادر رئاسية فرنسية إن الجديد في التعامل مع العراق هو في «توفير الوسائل الجديدة والآليات المناسبة للتعاون». وتندرج الاتفاقية الدفاعية التي وقعها الوزيران هيرفيه موران ونظيره عبد القادر جاسم العبيدي في هذا الإطار، إذ ستوفر «الأساس القانوني» للتعاون العسكري والدفاعي الذي يشمل التدريب والتأهيل وتوريد السلاح والعتاد. واليوم يعقد الوزيران جلسة مباحثات لدراسة سبل التعاون ومجالاته، علما أن باريس تريد أن يكون لها دور في عملية إعادة تجهيز القوات العراقية التي تحتاج لكل أنواع السلاح والعتاد. وتصب في الإطار نفسه اتفاقية التعاون الثقافي والتقني التي وقعها وزيرا خارجية البلدين وهي ترسي الإطار الملائم للتعاون بين بغداد وباريس .وقررت باريس أن تقيم مركزا للأعمال في بغداد العام القادم لتسهيل وصول الشركات الفرنسية إلى السوق العراقية ومركزا للأركيوليوحيا والدراسات الاجتماعية في أربيل. أما المبادرة الثالثة فتتمثل في إقامة «بيت الزراعة الفرنسي في العراق» لمساعدة العراقيين وتمكينهم من الاستفادة من الخبرات الفرنسية في هذا المجال. وينتظر أن توقع خلال الزيارة اتفاقيتان إضافيتان؛ الأولى تتناول ضمان الصادرات والاستثمارات الفرنسية من قبل مؤسسة «كوفاس» للتأمين التي تملك الدولة حصة فيها والثانية تتناول فتح مكتب لـ«الوكالة الفرنسية للتنمية» بحيث يستفيد العراق من خبرتها وقدراتها.

وتستمر زيارة طالباني والوفد المرافق حتى صباح الغد، وفي برنامجه اليوم لقاء هيئة رجال الأعمال الفرنسيين لحثهم على الاستثمار في العراق وتشجيع المبادلات والشراكات الاقتصادية. كذلك يزور قبيل الظهر «معهد العالم العربي».