براون يرغب في «جدول زمني» لنقل الأمن للأفغان

بريطانيا تنفي طلب شراء ذمم أفغان لمنع دعمهم طالبان

TT

قال رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون في وقت متأخر من مساء أمس، إن المؤتمر الدولي الذي من المقرر عقده لبحث المستقبل في أفغانستان يجب أن يضع «جدولا زمنيا» لنقل السلطة لقوات الأمن الأفغانية حتى يمكن للقوات الأجنبية ان تعود إلى بلادها. وفي كلمته التي ألقاها في لندن وتناول خلالها السياسة الخارجية لبلاده أكد براون عرضه السابق بأن بريطانيا ستكون مستعدة لاستضافة مؤتمر حلف شمال الأطلسي (ناتو) بشأن أفغانستان والمزمع عقده في يناير كانون ثان المقبل. ولم يتقرر بعد مكان إقامة المؤتمر كما تقدمت دول أخرى لاستضافته ومن بينها ألمانيا. وقال براون «أريد من هذا المؤتمر أن يرسم إطارا سياسيا شاملا يمكن من خلاله إنجاز الاستراتيجية العسكرية»، داعيا إلى تحديد عملية الانتقال من منطقة تلو الأخرى لتؤول في النهاية إلى السيطرة الأفغانية الكاملة. وتابع «وإذا كان بالإمكان، وضع جدول زمني لنقل (السيطرة الأمنية) اعتبارا من عام 2010». وطرح براون دفاعا حماسيا عن نشر القوات الدولية في أفغانستان زاعما ان تنظيم القاعدة تكبد في الآونة الأخيرة «خسائر مؤثرة ودائمة»، ودعا براون إلى عملية تسليم تدريجية، ولاية ولاية أو مقاطعة مقاطعة، تتولى خلالها قوات الأمن الأفغانية شؤون الأمن والدفاع في أنحاء البلاد. وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني ان قمة الناتو المقبلة ليست قمة «خروج»، بل هي فرصة لنقاش الاستراتيجية المستقبلية في أفغانستان. ودافع براون، في الخطاب السنوي حول السياسة الخارجية، عن سياسة حكومته في أفغانستان، مؤكدا على ان تنظيم القاعدة يظل الخطر الكبير والوحيد الذي يهدد امن الشعب البريطاني. إلى ذلك كشفت مصادر صحافية بريطانية عن استراتيجية بريطانية جديدة لـ«رشوة» مقاتلي حركة طالبان لاستمالتهم إلى نبذ العنف وإلقاء السلاح، فيما عرضت لندن استضافة مؤتمر دولي مطلع العام المقبل لوضع استراتيجية مستقبلية بشأن أفغانستان.

فقد كشفت صحيفة تايمز البريطانية أن الجيش البريطاني يعتزم تقديم مبالغ مالية للسكان المحليين الأفغان لثنيهم عن الانضمام للقتال في صفوف طالبان. وقالت إن طالبان تدفع نحو عشرة دولارات في اليوم الواحد لتجنيد المقاتلين. ونقلت الصحيفة عن اللواء باول نيوتن أن أفضل الأسلحة لمواجهة طالبان ليس إطلاق النار، وإنما بدفع «أكياس من الذهب» لتغيير الأوضاع الأمنية. وذكرت تايمز أن تجربة لندن في توزيع الأموال على المواطنين الأفغان كانت فاشلة. وأشارت إلى أن نحو 16 مليون جنيه استرليني دفعت للمزارعين لمنعهم من زراعة المخدرات التي يعتقد أنها تمول حركة طالبان من دون جدوى.  من جهتها نفت وزارة الدفاع البريطانية أمس ان تكون أوصت جنودها بـ«شراء ذمة» الأفغان الذين قد تسعى طالبان إلى تجنيدهم في مذكرة تعليمات عسكرية جديدة كما أفادت صحيفة تايمز أمس. وأعلن ناطق باسم الوزارة ردا على مقال نشرته الصحيفة البريطانية ان «أي فكرة لـ «شراء ذمة» طالبان خاطئة تماما». وأضاف ان «المقاربة تقدم تعليمات حول أهمية تمويل مشاريع قد تكون لها نتائج سريعة وتثمر عن نتائج سريعة لكسب ثقة السكان المحليين».

وأوضحت الوزارة ان «ذلك يمكن ان يتم عبر تمويل مشاريع بناء وتنمية تلبي حاجاتهم الفورية وليس البتة لدفع أموال لمتمردين او من اجل كسب تأييدهم». وأفادت «تايمز» ان الكتيب يوصي القادة العسكريين البريطانيين بإمداد الأفغان بما يكفي من الأموال لثنيهم عن الانضمام لحركة طالبان التي تدفع عشرة دولارات يوميا لمجنديها الجدد المحليين. وكتب الجنرال بول نيوتن في الصحيفة اللندنية بمناسبة نشر الكتيب المذكور أول من أمس في لندن ان «أفضل الأسلحة للتصدي للمتمردين ليس إطلاق النار. بعبارة أخرى هي استخدام أكياس الذهب على المدى القصير لتغيير الوضع الأمني. لكن لا يجب الاكتفاء بإغرائهم بالذهب ويجب القيام بذلك بحذر». وأضاف الكتيب انه يمكن ان يكون المال ردا مناسبا إذا وزع بحذر. وتابع «اذا تم إنفاقه في إطار خطة على الأمد البعيد فإن المال يشكل وسيلة لامتصاص دعم المتمردين ويسمح للعسكريين باقتصاد اللجوء الى القوة».

وأشار الكتيب الذي يعدل التعليمات المكتوبة المعطاة للجيش البريطاني في أفغانستان الى أهمية التحدث الى العدو مهما كان. وصدرت هذه الوثيقة في حين دافع رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون أول من أمس عن الانتشار العسكري البريطاني في أفغانستان مناقضا الرأي العام الذي ينتابه مزيد من الشك بهذا الصدد. وتحدثت تايمز أيضا عن تذمر القادة العسكريين البريطانيين من كونهم ليس لديهم سيولة كبيرة كالتي يتمتع بها شركاؤهم الأميركيون في العمليات العسكرية الأخيرة.

الى ذلك قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فو راسموسن أمس ان مهمة الحلف في أفغانستان ستتلقى دفعة قوية قريبا وذلك في تصريحات تهدف إلى تبديد الشكوك حول العملية. وقال انه واثق من أن الحلف بمقدوره البدء العام المقبل في تسليم المزيد من المسؤوليات الأمنية للقوات الأفغانية مما يسمح لقوة المعاونة الأمنية الدولية «ايساف» التي يقودها الحلف بالانتقال تدريجيا إلى دور تقديم الدعم. وشهد العام الجاري تصاعدا في سقوط القتلى في بعض من اشد أعمال القتال ضراوة منذ الإطاحة بحركة طالبان من السلطة عام 2001 مما قوض التأييد الشعبي للحرب في بعض بلدان الحلف ومن بينها بريطانيا. وقال راسموسن انه يتفهم مخاوف الناس بشأن تكلفة مهمة الحلف في أفغانستان واتجاهها. وقال في نص خطاب موجه لاجتماع الجمعية البرلمانية للحلف في ادنبره: «لكن يجب إعادة التأكيد للناس بأنه ستكون هناك دفعة قوية جديدة قريبا». وأضاف: «في غضون أسابيع قليلة أتوقع اننا سنتخذ قرارا في حلف شمال الأطلسي بشأن أسلوب التعامل ومستويات القوات المطلوبة للمضي بمهمتنا قدما». وتابع: «أثق في انه سيكون أسلوبا لمكافحة التمرد بزيادة جوهرية في القوات، وسوف نضع الشعب الأفغاني في قلب الجهود المجمعة لقوة المعاونة الدولية بالتركيز على أمنهم وبدعم إعادة الاعمار والتنمية». وحث حكومات الدول الأعضاء في الحلف على توفير مزيد من الموارد العسكرية بما في ذلك قوات قتالية إضافية لقوة المساعدة الأمنية وقوات إضافية للدخول في شراكة مع القوات الأفغانية وتدريبها. ويوجد نحو 68 ألف جندي أميركي و40 ألف جندي من قوات التحالف في أفغانستان في الوقت الراهن. وتسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها الى توسيع عمليات تدريب القوات الأفغانية حتى يتسنى لها تولي المزيد من المهام الأمنية. وقال رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون أمس انه عرض استضافة مؤتمر دولي في وقت مبكر العام المقبل لوضع جدول زمني لنقل المهام الأمنية للقوات الأفغانية اعتبارا من 2010. وقال راسموسن ان تكاليف العملية في أفغانستان مرتفعة لكن تكاليف الانسحاب منها أعلى بكثير. وأضاف: «لهذا السبب يجب ان نبقى المسار ونبني فوق التقدم المعقول الذي حققناه حتى الآن». وقال انه اذا انسحب حلف شمال الأطلسي من أفغانستان فإن القاعدة ستعود خلال لحظة». وأضاف:«سيحصلون على ملاذ يطلقون منه استراتيجيتهم للجهاد العالمي.. وهي الاستراتيجية الموجهة في المقام الأول والأخير ضدنا». وتابع: «اذا كان لنا ان ننسحب فإن الضغط على باكستان المسلحة نوويا سيكون هائلا. وسينتشر عدم الاستقرار في أنحاء آسيا الوسطى».