أزمة قانون الانتخابات العراقية: بارزاني يهدد بالمقاطعة.. وبرلمانيون يعتبرون طلبه «غير دستوري»

رئيس إقليم كردستان طالب بإضافة مقاعد لمحافظاته.. ودعوات للهاشمي بالنقض لإجراء التعديلات

TT

يواجه إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها تحديا جديدا تمثل في تهديد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني أمس بمقاطعة الانتخابات في حال عدم إعادة النظر في توزيع المقاعد النيابية على المحافظات الكردية. وجاء ذلك فيما دعا البرلمان نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي إلى نقض قانون الانتخابات، الذي صادق عليه البرلمان مؤخرا، ليصار إلى مناقشته مجددا وتعديله وفقا لمقترحات الهاشمي. ونقل فؤاد حسين رئيس ديوان الرئاسة في الإقليم عن بارزاني قوله: «إذا لم تتم إعادة النظر في عدد مقاعد المحافظات فإن شعب كردستان سيكون مضطرا إلى عدم المشاركة في الانتخابات» المتوقع إجراؤها في 18 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وأضاف أن بارزاني يؤكد أنه «لا يمكن القبول بآلية توزيع المقاعد اعتمادا على البطاقة التموينية التي أعدتها وزارة التجارة لأنها تتعارض مع المنطق والواقع»، معتبرا «اعتماد هذا الأسلوب تشويها للحقائق وظلم وإجحافا بحقوق شعب كردستان». وتابع أن «رئاسة الإقليم ترى أن الهدف من اتباع هذه الآلية هو تقليل عدد ممثلي شعب كردستان والقضاء على مكاسبه».

وقد حددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات 38 مقعدا للمحافظات الكردية الثلاث اعتمادا على سجلات وزارة التجارة. وتشغل كتلة التحالف الكردستاني 53 مقعدا من أصل 275 في البرلمان الحالي.

وما زال قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان يواجه مخاضا عسيرا، فضلا عن تهديد الهاشمي بممارسة حقه بالنقض مطالبا بزيادة نسبة المقاعد التعويضية المخصصة للأقليات والعراقيين في الخارج والقوائم الوطنية من خمسة إلى خمسة عشرة في المائة.

وقال حسين لـ«الشرق الأوسط» إنه من غير الممكن القبول بالمقاعد التي منحت لإقليم كردستان بواقع ثلاثة مقاعد من المقاعد التعويضية، مؤكدا أن «هذا الأمر فيه تزييف للحقائق لأن القوائم التي اعتُمدت هي البيانات المعتمدة في البطاقات التموينية وهذا الأمر غير واقعي لأنه لا يستند إلى تعداد عام للسكان»، منبها إلى أن الوقت المتبقي يمكن من خلاله تعديل فقرة المقاعد التعويضية وإعادة توزيعها بشكل عادل بين المحافظات. ومن جانبها، هددت كتلة التحالف الكردستاني برفع دعوى قضائية إلى المحكمة الاتحادية ضد وزارة التجارة العراقية بسبب «تلاعبها بالأرقام والإحصائيات».

وقال النائب رؤوف عثمان إن الكتلة «سترفع دعوة قضائية ضد وزارة التجارة لأنها تلاعبت بالأرقام والإحصائيات التي قدمتها لها وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي حول عدد نفوس إقليم كردستان»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

وأكد أن الوزارة «لم تتعامل مع إحصائيات مديريات البطاقة التموينية والنشرة الإحصائية الصادرة من وزارة التخطيط بصورة قانونية ما يؤدي إلى إهدار أصوات مئات آلاف الناخبين الأكراد خلال الانتخابات المقبلة».

وندد رؤوف بـ«الزيادة الحاصلة في عدد سكان محافظة نينوى من مليون و900 إلى أكثر من ثلاثة ملايين وهي تعاني من الإرهاب والفوضى والبطالة في حين لم يزد أعداد السكان في محافظة السليمانية التي تشهد استقرار أمنيا».

وشمل القانون إقليم كردستان بثلاثة مقاعد من المقاعد التعويضية بواقع مقعد واحد لمحافظة أربيل ومقعدين لمحافظة دهوك، فيما لم تحصل محافظة السليمانية على أي مقعد من تلك المقاعد. وبينت مصادر برلمانية في برلمان إقليم كردستان لـ«الشرق الأوسط» أن «الاعتماد على البطاقة التموينية التي شخصت زيادة في عدد السكان العراقيين بواقع خمسة ملايين نسمة وعدد الناخبين بخمسة ملايين أيضا هي بطاقات غير واقعية لأنها لم تعتمد على التعداد السكاني».

وفي رد على تلك التصريحات، قال النائب هادي الحساني، عن الائتلاف العراقي الموحد إن «الأكراد مخيرون بين أن يكونوا جزءا من العراق ودستوره وأن تعطى لهم دولة ضمن تفاهمات»، وأضاف أن «ممثلي الأكراد في البرلمان قضوا فترة طويلة معنا بالنقاش حول القانون وإجراء التعديلات وتم التوصل للاتفاقات حول القانون باعتماد البطاقة التموينية لمعرفة نسبة المقاعد في المحافظات»، مشيرا إلى وجود «صراع ما بين الأكراد أنفسهم حول ذات الموضوع ولا ينسجمون مع الدستور العراقي ودوما نراهم يعطون خصوصية للإقليم على حساب العراق».

وأضاف الحساني لـ«الشرق الأوسط» أن «ما شرع داخل البرلمان ملزم للجميع بما فيهم ممثلو الأكراد وصوت الأغلبية هو الأعلى، مع احترام أصوات الأقلية، وأن الأكراد وافقوا على القانون، وأن مطالبة برلمان الإقليم أمر غير دستوري وعليهم مراجعة تصريحاتهم».

إلى ذلك، طالب مجلس النواب نائب الرئيس العراقي بنقض القانون ليتسنى للمجلس إجراء التعديلات الممكنة. وكان الهاشمي قد طالب بزيادة مقاعد المهاجرين العراقيين ضمن المقاعد التعويضية البالغة 5% وجعلها 15% من تلك المقاعد، وهدد بنقض القانون. ومنح الهاشمي البرلمان مهلة انتهت ظهر أمس لبحث التعديل.

وبيّن عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقية محسن السعدون أن «اللجنة اجتمعت بمستشار طارق الهاشمي وممثلين عن مفوضية الانتخابات، وأوضحنا أننا لا نستطيع إجراء أي تعديلات إلا بعد مصادقة الرئاسة على القانون أو نقضه وهذا ما أبلغنا به مستشار الهاشمي، والقانون الآن لدى الرئاسة ولكن تعديله يتطلب إقرار القانون ومن ثم يقدم طلب من الحكومة بتعديله أو طلب عشرة أعضاء برلمانيين، ولا يمكن السير بمطالب الهاشمي إلا من خلال نصوص دستورية».

وفي تطور لاحق، قال المستشار القانوني للهاشمي لـ«الشرق الأوسط» إن مجلس النواب حمّله رسالة إلى نائب الرئيس العراقي مفادها أن المجلس يطالب الهاشمي بنقض القانون ليتسنى لأعضاء مجلس النواب إجراء التعديلات اللازمة على فقرة المهاجرين.