زيباري: السوريون بادروا إلى الاتصال بنا.. وأبدوا استعدادا لنظر الشكاوى العراقية

وزير الخارجية العراقي في حديث لـ «الشرق الأوسط»: لا مشكلة حدود برية مع الكويت بل بحرية

وزير الخارجة العراقي هوشيار زيباري
TT

قال وزير الخارجة العراقي إن بلاده ماضية في السعي لحمل مجلس الأمن الدولي على تشكيل لجنة تحقيق دولية أو لجنة تقصي حقائق للنظر في الأعمال الإرهابية التي ضربت العراق.

واعتبر هوشيار زيباري في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أن «المسار بدأ» ولكن تحقيقه يحتاج لوقت وصبر وجهد. وكشف الوزير العراقي أن الرئيس الفرنسي وعد العراق بمساعدة بلاده على الخروج من الفصل السابع واستعادة سيادتها الكاملة. غير أنه رأى أن الباب يمر عبر تسوية المسائل العالقة مع الكويت وعلى رأسها الحدود والمفقودين. كذلك كشف أن الرئيس طالباني اعتبر أن فرنسا قادرة على لعب دور لتنقية العلاقات مع السعودية وتحسينها مع دمشق مستفيدة من اتصالاتها وعلاقاتها الجيدة مع دول المنطقة، مشددا على أن العراق «حريص» على منظومة الأمن العربية. وفي ما يلي نص الحديث:

* ما هو تقييمكم لنتائج زيارة الدولة الرسمية إلى فرنسا؟

ـ أنت تعلم كيف كانت العلاقات متوترة مع فرنسا بعد عملية تغيير النظام العراقي من قبل أميركا وبريطانيا وموقف باريس وبرلين المعارض للتدخل الأميركي العسكري في العراق. ولم تكن باريس راغبة في التداول مع سعينا لتوثيق العلاقات معها رغم أن فرنسا صوتت لصالح قرارات مجلس الأمن التي تتناول العراق. غير أنه من الناحية العملية، لم يحصل أي انفتاح أو تعاون. ولكن التحول بدأ مع وصول ساركوزي إلى الرئاسة وخصوصا مع زيارته إلى بغداد في شهر فبراير (شباط) من العام الماضي. وبرأيي كانت الزيارة بمثابة نقطة تحول في علاقاتنا مع فرنسا. ويرى الرئيس الفرنسي أن العراق بلد عربي مهم وأحد أعمدة الشرق الأوسط واستقراره يساعد على الاستقرار في المنطقة. والنتيجة التي توصلت إليها باريس هي أن العراق يجب أن يكون ركيزة استقرار في المنطقة ولفرنسا، كما يرى مسؤولوها أن لديها مصالح حقيقية في العراق. وتريد فرنسا إعادة إحياء أمجاد العلاقات القديمة التي كانت تربطها بنا. وفتحنا مع الجانب الفرنسي فصلا جديدا في التعامل والثقة، ونسج الفرنسيون علاقات مع كل الجهات المسؤولة في الدولة ودعوا الرئاسات كافة لزيارة باريس. وجاء تتويج ذلك في زيارة الدولة هذه. وأريد أن أشيد بالتعاطي الفرنسي معنا وأن أدلل على رمزية رفع العلم العراقي فوق المباني الرسمية وفي جادة الشانزليزيه. وفي تقديري أن الزيارة هي بمثابة رسالة للدول العربية ودول الإقليم وبقية العالم مفادها أن فرنسا عائدة إلى العراق وتريد شراكة حقيقية وكاملة. فضلا عن ذلك، هناك تحول في مضمون العلاقات وليس فقط في المظاهر البروتوكولية. وقد بدأت عملية إعطاء مضمون عملي لهذه الشراكة مع زيارة رئيس الوزراء فرنسوا فيون إلى بغداد ثم إلى السليمانية، وقد جاء مع وفد من رجال الأعمال.

الرئيس ساركوزي كان في السعودية ونحن أثرنا معه موضوع علاقاتنا مع دول الجوار وقلنا إن العراق يسعى إلى تطبيع علاقاته مع المحيط العربي ومع جيرانه كافة بمن فيهم سورية والسعودية، وأشرنا إلى أن فرنسا التي هي صديقة للعراق ولهذه الدول تستطيع أن تلعب دورا توفيقيا في هذا الموضوع.

* هل تريد أن تقول إنكم طلبتم وساطة فرنسية؟

ـ لم نطلب التوسط بمعنى التوسط. ولكن نحن نعتبر أن فرنسا قادرة على استخدام علاقاتها الجيدة مع بعض الدول المحيطة بنا. وأريد أن أوضح هنا أنه ليست للعراق مواقف مسبقة من هذه الدول بعكس ما هي تتصور. نحن مع أن يكون العراق جزءا من منظومة الأمن الإقليمي العربي في المنطقة.

* ولكن أين أصبحت علاقاتكم مع سورية؟ هل ثمة بوادر للتحسن؟

ـ أنت تعلم أن هذه العلاقات متأزمة بسبب التفجيرات الرهيبة التي عرفها العراق وبغداد وبسبب تواجد عناصر معادية كثيرة في سورية. وأريد أن أوضح أننا لم نتهم سورية مباشرة بالمسؤولية عن الأعمال الإرهابية.. نحن نقول: هناك بعثيون عراقيون موجودون على الأراضي السورية ويحظون بحماية سورية وبملجأ أمن فيها وهؤلاء يخططون وينفذون العمليات الإرهابية وليس النظام أو الحكومة في سورية.

* لكن ثمة أصوات متعددة في العراق واتهامات تذهب في كل اتجاه.

ـ نحن في المرة الأخيرة وبخصوص تفجيرات 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في بغداد، وحدنا الخطاب السياسي العراقي وتشكلت لجنة عهدت رئاستها إليّ وتضم الداخلية والدفاع والعدل والمخابرات وممثلين عن رئاسة الوزراء.... من أجل أن يكون الخطاب السياسي واحدا.

* رئيس الوزراء نوري المالكي يطلق أحيانا اتهامات مباشرة.

ـ كلا. في الأحداث الأخيرة لم يخرج أحد عن السياسة الرسمية للحكومة. نحن نقول: هناك تحقيقات ولدينا شكوك قوية في أن المجموعات التي نفذت هجمات 19 أغسطس (آب) هي نفسها التي نفذت هجمات 25 أكتوبر. ونحن ليس لدينا أدنى شك في ذلك. وعندما جاءنا المبعوث الأممي إلى بغداد، قدمنا له كل المعلومات والبيانات والتفاصيل والصور والدلائل وكلها تؤكد أن هذه العمليات هي تخصصية وعالية المستوى ولا تقدر على تنفيذها مجموعات هامشية جهادية أو وافدة من الخارج. هي عمليات معقدة تحتاج إلى عقل استراتيجي والدلائل تشير إلى عناصر حزب البعث الموجود في سورية.

* السوريون يقولون: طالبنا بدلائل ولم نحصل عليها.

ـ قدمنا لهم كل الدلائل والقرائن وهم يكتفون بالإنكار وبالإنكار وحده وهي عادة ألفناها منذ فترة طويلة.

* ولكن كيف يمكن شرح «اللهجة» الأميركية الجديدة إزاء سورية حيث توقفت واشنطن عن توجيه أية اتهامات لدمشق في الملف العراقي؟

ـ الموقف الأميركي كان محايدا وليس مع العراق وضد سورية. ونحن تعاملنا معه بصبر وعقلانية إلى أن اقتنعت واشنطن بموقفنا وحججنا واقتنعوا بأن هذا الموضوع خطير لأن المجموعات والعناصر المختلفة من تنظيمات للمقاومة والجهاد والتحرير والبعث والإرهاب والقاعدة ودولة العراق الإسلامية كلها تأتي للعراق من سورية.

* هل المقصود القول أن سورية تغض النظر عنهم؟

ـ بالضبط. نحن عشنا في سورية ونعرف كيف يعمل النظام السوري. وأحد خلافاتنا مع الأميركيين أنهم بعقليتهم وتفكيرهم لا يفهمون كيف أن تنظيمات حزب البعث أو الحرس الجمهوري السابق أو الحرس الخاص وقيادات التصنيع العسكري المدربة على التعامل مع المواد الكيماوية والنووية والمهارات التفجيرية يمكن أن تتعامل مع تنظيمات إسلامية متشددة مثل القاعدة باعتبار أن حزب البعث علماني وقومي وبالتالي لا يمكن أن يتعاون مع جهاديين. هذا صعب القبول بالنسبة إلى التفكير الأميركي ونحن نختلف معهم حول هذه النقطة استخباراتيا وسياسيا وأمنيا.

* أين المخرج من هذا الوضع؟

ـ السوريون قاموا باتصالات معنا.

* هل تعني اتصالات مباشرة؟

ـ من خلال وسطاء وبعثوا رسائل مفادها أنهم مستعدون للنظر في الشكاوى العراقية والإسهام في معالجة هذا الموضوع.

* هل كان هذا العرض مقابل تخلي العراق عن السعي لإيجاد لجنة تحقيق دولية أو لجنة تقصِّي حقائق؟

ـ لا، أبدا؟ نحن قلنا منذ اليوم الأول إننا سنلجأ إلى حماية القانون الدولي. كان أمامنا خيار الحوار التركي ـ العربي. كل الدول أيدت ونحن تجاوبنا مع المبادرة العربية ـ التركية وأجرينا خمس جلسات حوار. ولكن من غير نتيجة. ومنذ اليوم الأول بلغت من يعنيهم الأمر أن موضوع اللجوء إلى الأمم المتحدة لا حياد عنه.

* إذن أنتم مستمرون في مساعيكم الدولية؟

ـ نحن ذهبنا إلى مجلس الأمن وحققنا نتائج. وجاءنا ممثل أممي كخطوة أولى إلى بغداد وأسسنا لعملية. قد نطالب بلجنة تقصي حقائق وربما طلبنا لاحقا محكمة دولية. وأخبرنا الجانب السوري والأطراف التي توسطت بأن هذا لا ينفي هذا. ولما قال لي الوزير وليد المعلم في نيويورك إن العراق أمام خيارين: إما الحل العربي والإقليمي وإما الحل الدولي، وعليكم الاختيار. أجبته: لقد اخترنا الحلين. نحن سرنا معكم أربع ـ خمس جلسات من غير حل دولي. ولكن لم نجد أي تجاوب من قِبَلكم ولذا باب الحل الدولي مفتوح.

* متى سنرى بدايات هذا المسار؟ هل من أجندة؟

ـ هذه المسائل في السياسة الدولية تحتاج إلى وقت حتى تنضج وإلى صبر في التعاطي. فتشكيل محكمة لبنان رغم التأييد الدولي أخذ ثلاث سنوات. نحن خلال شهرين ورغم ممانعة أميركية، نجحنا في حمل الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن على أن يرسل مبعوثا إلى بغداد.

* جاء والتقى وحقق. وماذا بعد؟

ـ سيعد تقريرا وسيرفعه إلى الأمين العام.

* متى؟

ـ خلال أيام ربما. المبعوث الدولي لم يأت من أجل التحقيق. جاء من أجل الاستماع إلى وجهة نظر العراق. لقد قدمنا له كل التفاصيل والمعلومات والبيانات ورفعه للتقرير هو الأساس. هو خط البداية. التقرير سيُرفَع إلى الأمين العام ويعتمد الأمر علينا وعلى أصدقائنا وحلفائنا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن للسير بهذا التقرير إلى مرحلة أخرى. لقد بدأنا بالخطوة الأولى على درب اللجوء إلى القانون الدولي لمعاقبة المتورطين في هذه الجرائم.

هذه الخطوة كانت الأولى والأسهل بالنسبة إلينا. أما المضي إلى تشكيل لجنة تحقيق أو محكمة دولية فيحتاج إلى توافق دولي وهذا التوافق لم يكن متوافرا. وكانت وجهات النظر مختلفة بخصوص المضي نحو تشكيل لجنة تقصي حقائق. لذلك توصلنا إلى أن يرسل الأمين العام مبعوثا عالي المستوى ليرفع تقريرا يتم تحديد الخطوات اللاحقة على أساسه.

* هل وعدكم الرئيس ساركوزي بدعم طلبكم بتشكيل لجنة تحقيق دولية؟

ـ نعم، وكان في دعمه صريحا وواضحا.

* مصادر فرنسية قالت إن الرئيس ساركوزي وعدكم بدعم فرنسي لإخراج العراق من الفصل السابع.

ـ هذا صحيح. نحن وصلنا إلى مرحلة متقدمة جدا من أجل إخراج العراق من قيود وأحكام الفصل السابع التي فرضت عليه منذ احتلال الكويت وحتى الآن. نحن محكومون بأكثر من سبعين قرارا دوليا تحت الفصل السابع، منها يتناول نزع السلاح والتسلح والاستيراد والتصدير والنفط مقابل الغذاء، وأخرى تتناول العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية والتعويضات والعلاقات مع الكويت، والحدود، والمفقودين... وخلال الفترة الأخيرة، نجحنا في إلغاء الكثير من هذه القرارات عبر الاتفاقيات والتسويات والتفاوض. المتبقي حقيقة هو القرارات المتعلقة بالحالة بين العراق والكويت: الحدود، المفقودون، الممتلكات، التعويضات والعلاقات مع الكويت هي المدخل لحلحلة هذا الموضوع. هناك نحو ثمانين عقد أُبرم في برنامج النفط مقابل الغذاء والأموال موجودة في بنك «بي إن بي» الفرنسي ولكن الإفراج عنها يحتاج إلى تسويات مع فرنسا وروسيا. هناك قيود أخرى مرتبطة بأسلحة الدمار الشامل العراقية والأسلحة الكيماوية والصواريخ، وحلها مع الوكالة الدولية. ولكل ذلك، المدخل هو القرارات التي تعالج العلاقات بين العراق والكويت وتحديدا القرار 833 الذي يتناول ترسيم الحدود مع الكويت.

* لكن العراق اعترف بترسيم الحدود، أليس كذلك؟

ـ صحيح. صدام اعترف بها. والمطلوب حاليا أن تؤيد هذه الحكومة الاعتراف بهذه الحدود.

* أين المشكلة إذن؟

ـ نحن كدولة وحكومة ليست لدينا مشكلة مع الحدود البرية. لكن هناك رأيا عاما عراقيا مفاده أن العراق يحتاج إلى إطلالة على البحر.

* لكن للعراق منفذا على البحر.

ـ نعم، ولكن هناك قيودا على هذا الموضوع. دعني أكُن واضحا. هذا لا يعني أننا لا نعترف بالحدود البرية والبحرية والنهرية. العراق يحتاج إلى إطلالة على البحر. هناك تحديدات. هناك منافذ الخليج: شط العرب، وخور عبد الله، وخور الزبير... هذه كانت منطقة عمليات في الحرب العراقية ـ الإيرانية وحرب الخليج الأولى والحرب الأخيرة. هناك الغوارق والكثير من العوائق والمشكلات والقيود تحتاج بالتالي إلى جهود جبارة للغاية من أجل تنظيف هذه المخارج. حدودنا البحرية للعام 1991 ذهبت إلى الكويت. هذا لا يعني أنه لم يعُد للعراق اليوم منافذ على البحر. لكن الطبيعة الجغرافية لمنفذ العراق على الخليج لها محددات.

* هل هذا يعني أنكم تريدون ترسيما جديدا للحدود البحرية مع الكويت؟

ـ لا. من أجل الوضوح أقول: المطلوب ليس إعادة ترسيم الحدود. نحن نحتاج إلى تفاهم عراقي ـ كويتي. ولكن التفاهم لن يأتي بين ليلة وضحاها. حاليا وحسب القانون الدولي يتعين على كل السفن التي تأتي إلى العراق عندما تمر في المنافذ الكويتية، رفع العلم الكويتي بحسب القانون الدولي، بينما كانت هذه المياه في السابق مياها عراقية. ثم هناك موضوع الغوارق (التي تعوق الملاحة) والتي تحتاج إلى جهود فنية هائلة وإلى تنظيم وإلى تعاون عراقي ـ كويتي وإذا لم تتوافر الثقة بين الطرفين، فإن هذا الجانب أو ذاك يمكن أن يعطل الموضوع.

* إذن المطلوب بناء الثقة وأن يعتاد العراق والكويت التعايش والتعاون.

ـ نعم. وأريد أن أقول كلاما أنا أتحمل مسؤوليته: العراق يحترم جميع قرارات الشرعية الدولية بخصوص الكويت: الحدود، السيادة، الاستقلال... لكن لدينا مشكلات متراكمة من خلال غزو صدام للكويت. وإذا أردنا الخروج من الفصل السابع، يتعين علينا معالجة هذه القضايا، وهي تحتاج إلى حسن النية والتفاهم والثقة. وهذا لا يعني أننا نرفض تنفيذ هذه القرارات. هناك مثلا موضوع المفقودين الكويتيين ومطلوب منا أن نوجد رفاتاتهم. والحال أن لدينا صعوبة أو استحالة في العثور على رفات العراقيين. ليس لدينا أي تحفظ للتعاون مع الكويتيين. ومستعدون أيضا لإعادة أي ممتلكات كويتية في العراق. في عام 2003، الأرشيف العراقي فُقد والمتحف الوطني سُرق، فما بالك بموجودات الكويت؟ ورغم ذلك، نحن ملتزمون بإعادة كل ما نعثر عليه إلى الكويت.

* لكن هل هذه القضايا يمكن أن تعطل التطبيع مع الكويت؟

ـ هذا الموضوع قابل للحل ولكن المفتاح هو معالجة القرارت الدولية التي لها علاقة بالعراق والكويت للخروج من الفصل السابع.

* يمكن أن نفهم من هذا الكلام أن الخروج من الفصل السابع لن يحصل في وقت قريب.

ـ هي مسألة قريبة وبعيدة في الوقت عينه لآن لها علاقة بالوضع السياسي الداخلي. هناك متشددون في الجانب الكويتي داخل البرلمان وفي المقابل هناك عراقيون متحمسون في فقاعة من الكلام الإعلامي والاتهامات وهو ما يوتر أحيانا الوضع. أكرر أن الثقة والتفاهم قادران على إيجاد حلول لكل المشكلات العالقة بيننا وبين الكويت.

* الوضع بين إيران والقوى الغربية يبدو أنه يسير إلى تأزم. كيف يمكن أن يؤثر ذلك على الوضع العراقي بسبب الوضع الجغرافي والوجود الأميركي عندكم وبسبب مسائل أخرى؟

ـ الوضع ليس خطرا أو دقيقا كما نقرأ في وسائل الإعلام أو في ما نراه من تسريبات. في رأيي، خيارات الولايات المتحدة الأميركية محدودة مع إيران وفي تقديري ليس هناك حل عسكري أو جذري وإدارة الرئيس أوباما تميل إلى الحوار والتصالح وتفادي التصعيد ومعالجة المشكلات بحسن نية.

* ولكن هناك أطرافا لا يناسبها هذا النهج السلمي وقد تلجأ إلى توريط أميركا أو استفزاز إيران.

ـ في تقديري، إدارة أوباما والتوجه الأوروبي يدفعان إلى إيجاد تسوية معقولة. الإدارة الأميركية قررت تعجيل الانسحاب من العراق وسمعنا تصريحات عن رغبتهم في الانسحاب من أفغانستان، فهل يمكن أن تسعى هذه الإدارة لمواجهة مع إيران؟ بالطبع لإسرائيل مصلحة في التوتير أو لديها توجهات لذلك. لكن لا أعتقد أننا قادمون على حرب. والمعلومات والمعطيات المتوافرة لا تؤشر إلى نزاع حقيقي في المنطقة بعكس ما يثار من تكهنات حول حرب مع نهاية العام الحالي. حاليا لدى إيران نحو 12 أسيرا أميركيا، وهي تتفاوض حولهم وهناك في الأفق ربما عملية تسوية. ولذا لا أرى أن واشنطن راغبة في التصعيد.

* هل الاستعدادات للانسحاب الأميركي قائمة؟

ـ الانسحاب سيتم وبسرعة، فالإدارة اتخذت قرارا بالانسحاب في أي ظروف كانت حتى لو تدهورت الأوضاع الأمنية. هناك قرار أساسا بالانسحاب المسؤول ولكن الأميركيين يريدون إتمامه بأي ثمن. وعندما حصلت تفجيرات شهر أغسطس (آب) رأى الأميركيون فيها تفجيرات كغيرها مما عرفه العراق ولكن نبهناهم إلى أنها مختلفة لأن السابقة كانت تستهدفت تجمعات طائفية ومساجد وخلاف ذلك. وقد قصدت تفجيرات أغسطس رموز الدولة وسعت إلى شل قدرة الحكومة على العمل. بداية لم يهتم الأميركيون بها كثيرا رغم مداخلاتنا وتحركاتنا وجهودنا معهم ومع مجلس الأمن والدول الكبرى. ولكن مع تفجيرات 25 أكتوبر كان رد الفعل الأميركي مختلفا إذ صُعقت الإدارة الأميركية ورأت فيها عاملا مؤثرا على الانسحاب المسؤول لذا أخذوا باتخاذ مجموعة من الإجراءات وزادت زيارتهم إلينا من المدنيين والعسكريين.