جنبلاط وفرنجية يلتقيان تحت راية سليمان.. وترقب للقاء عون بالبطريرك الماروني

في أول خطوة على طريق المصالحات بين الأقطاب السياسية في لبنان

رئيس الجمهورية متوسطا جنبلاط وفرنجية خلال لقاء المصالحة في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
TT

بعد قطيعة دامت نحو سنوات، جلس الزعيمان وليد جنبلاط (أكثرية) وسليمان فرنجية (أقلية) على طاولة واحدة، لإعادة تطبيع العلاقات المتوترة بينهما، في انعكاس لأجواء البلاد التوافقية بعد تشكيل الحكومة اللبنانية. اجتمع الزعيمان برعاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان في قصر بعبدا في لقاء استكمل على مائدة الغداء. وغادر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية (زعيم ماروني مقرب من عائلة الأسد في سورية)، قصر بعبدا بعد لقائهما، من دون الإدلاء بأي تصريح. وقال المفوض الإعلامي للحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس إن «سليمان يريد إزالة العقبات من الحكومة ويؤسس لمرحلة جديدة من إعادة بناء الثقة بين جميع الأفرقاء لتمكين اللبنانيين في مناخات التهدئة، خصوصا بعد الانقسام الحاد في السنوات الماضية». ونفى الريس أن يكون لقاء جنبلاط وفرنجية يمهد أيضا للقاء قريب يجمع بين جنبلاط وزعيم التيار الوطني الحر ميشال عون (الحليف المسيحي الرئيسي لحزب الله). وكان الرجلان قد التقيا في باريس عندما كان عون لا يزال يعيش هناك في المنفى عام 2005، بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. وكان عون لا يزال جزءا من حركة 14 آذار، إلا أنه بعد عودته إلى لبنان في منتصف عام 2005 غير تحالفاته وانضم إلى المعارضة برئاسة حزب الله. ومنذ ذلك الحين لم يلتق جنبلاط وعون خارج البرلمان. إلا أن الريس أكد «أن جنبلاط منفتح على كل الأفرقاء»، وقال حول اللقاء مع عون: «سبق أن حصل تواصل في هذا المجال في السابق ووضعت مواعيد لم تكتمل». وأضاف: «أن اللقاء ليس مستحيلا في المستقبل لأن جنبلاط باق على موقفه الإيجابي من الجميع».

ولكن المسؤول في الحزب التقدمي الاشتراكي بهاء أبو كروم، نفى وجود تحضيرات للقاء مصالحة قريب بين عون وجنبلاط. وقال إن «الأمور لم تنضج بعد». وأشار أبو كروم إلى أن هناك العديد من النقاط التي يلتقي بها الحزب التقدمي الاشتراكي مع التيار الوطني الحر، ونفى ما يتردد عن «وثيقة تفاهم تبحث مع التيار»، أسوة بوثيقة التفاهم التي وقعها عون مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. وذكرت مصادر تيار المردة أن «اللقاء بين رئيس جنبلاط وفرنجية لا يمهد لتحالف سياسي بين الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المردة». وأكدت أنه «من الخطأ تسويق اللقاء على أنه ضد عون». وأوضحت أن «فكرة عقد اللقاء بدأت بعد 7 يونيو (حزيران) الماضي غداة الانتخابات النيابية، وتبلورت بعد الانعطافة الجنبلاطية في 2 أغسطس (آب) الماضي». وكان جنبلاط قد أعلن حينها أنه يريد الانفصال عن تحالف 14 آذار خوفا من اندلاع اشتباكات جديدة بين الدروز وجماعة حزب الله، إلا أنه عاد عن قراره وأكد أنه باق في التحالف الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري. وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري وبعد زيارته الأسبوعية لسليمان، قد قال «إن بعبدا مركز الالتقاء والتلاقي بين جميع اللبنانيين، وسليمان يعمل لمصلحة لبنان». وشكر بري الرئيس اللبناني «على رعايته كل المصالحات لإنهاء حقبة الماضي البغيض وذلك من أجل وحدة البلد». وأضاف أن «المجلس النيابي بصدد إطلاق ورشة تشريعية تتضمن اللامركزية الإدارية والشروع بآليات إنشاء هيئة إلغاء الطائفية السياسية».

ووضع النائب في كتلة «لبنان الواحد» (بزعامة فرنجية) اسطفان الدويهي لقاء المصالحة بين جنبلاط وفرنجية في سياق التوجه الموحد للكتلة إلى الانفتاح على كل القوى. وأشار إلى «أن هذا التوجه كان قبل الانتخابات النيابية وذلك سعيا للقيام بمصالحة وطنية تحت الثوابت الوطنية انسجاما مع نهجنا السياسي». وقال «إن جنبلاط قام بمراجعة نقدية لمواقفه السياسية السابقة وأطلق سلسلة مواقف مما جعله في الموقع السياسي نفسه معنا». وعن احتمال حصول لقاء بين فرنجية وخصمه المسيحي رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، قال الدويهي: «سبق لنا وأن دعينا إلى هذا اللقاء من بكركي (مقر البطريركية المارونية)... وآسف لأن بكركي لم تلعب دورها اللازم في هذا الموضوع». ودعا البطريرك الماروني نصر الله صفير إلى «مراجعة مواقفه الأخيرة لتكون على مستوى التطلعات والتعامل مع الجميع بشكل متساو». وأكد «أن الكتلة مع أي لقاء يؤدي إلى التواصل تحت سقف الثوابت الوطنية». ويتهم الفرقاء المسيحيون في الأقلية البطريرك الماروني باتخاذ مواقف مساندة للمسيحيين الأكثرية. إلا أنه جرت توقعات في الأيام الماضية حول احتمال زيارة عون للبطريرك صفير، لتهدئة الأمور بينهما، بعد التوترات التي شابت العلاقة بينهما مؤخرا، واتهام عون لزعيم الطائفة المارونية بدعم القوات اللبنانية والانحياز ضده. وكان عون قد أوفد النائب إبراهيم كنعان للقاء صفير في بكركي أمس. وأكد كنعان أن «العلاقة مع بكركي قائمة وإن مرت بمراحل اختلاف في الرأي»، وتمنى أن تتواصل هذه العلاقة، وذلك بعد زيارته صفير أمس. وقال إن «الزيارة تكرس العلاقة مع بكركي والتي لن تنقطع. وهناك صراحة ومصالحة وبحث نحو الأفضل للمسيحيين سواء داخل البيت المسيحي أو على الصعيد الوطني».

وفي ما يتعلق بزيارة عون لبكركي، قال كنعان: «عندما سيكون هناك ضرورة لذلك، ستحصل هذه الزيارة، وليس من عائق أمامها فالاتصالات قائمة». وتمنى أن تتعزز في الأيام الآتية. ولم ينكر كنعان أن هناك خلافا مع صفير، ورغم ذلك، أكد أن «هناك خيارات يلتقي فيها صفير مع التكتل، منها الاتفاق على دور لبنان الفاعل في المنطقة».