تساؤلات حول التعامل مع المحسوبية والكسب غير المشروع اتهام وزير أفغاني بالحصول على رشوة قيمتها 30 مليون دولار

TT

حصل وزير التعدين الأفغاني على رشوة تبلغ قيمتها قرابة 30 مليون دولار لكي يمنح أكبر مشرع تنموي داخل البلاد إلى شركة تعدين صينية، وذلك حسب ما أفاد به مسؤول أميركي على إطلاع بالتقارير الاستخباراتية العسكرية. وفي حال ثبوت صحة هذه المزاعم فإنها تقدم أحد أقبح النماذج على الفساد الذي تم الكشف عنه داخل أفغانستان، وهي القضية التي تطرح نفسها بشدة لدرجة أنها أصبحت حاليا محور شكوك من جانب إدارة أوباما بخصوص الثقة في الرئيس الأفغاني، حميد كرزاي، كشريك. وتظهر علامات استفهام حول قدرة كرزاي على التعامل مع المحسوبية والكسب غير المشروع داخل حكومته في الوقت الذي يستعد لتنصيبه رئيسا للبلاد لمدة رئاسية أخرى اليوم. وفي الوقت نفسه، يستكمل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، عملية مراجعة لإستراتيجيته إزاء أفغانستان سوف تحدد مستوى التدخل الأميركي في أفغانستان بعد مرور ثمانية أعوام على الحرب هناك. وهناك ضغوط دولية مكثفة على كرزاي لدفعه لتطهير الحكومة من الوزراء الذين حققوا مكاسب كبرى من خلال الرشوة وعمليات ابتزاز مرؤوسيهم. وعلى الرغم من أن كرزاي أعلن تشكيل وحدة جديدة لمكافحة الفساد خلال الأسبوع الجاري، فإن الرئيس متردد في الإطاحة بالوزراء الذين وسموا بالفساد في الماضي، ولم يتضح بعد مدى استعداده للقيام بذلك في الوقت الحالي. وقد قوضت نظرة الأفغان إلى الطبقة الحاكمة أنها مجموعة من اللصوص من الدعم الذي تستفيد منه الحكومة، وعززت من التعاطف الذي تستفيد منه حركة التمرد التي تقودها طالبان. وبالنسبة لقضية وزير التعدين، يقول المسؤول الأميركي إن هناك «تأكيداً بنسبة كبيرة» (على وقوع ذلك)، ويُقال إن المبلغ المذكور دُفع إلى محمد إبراهيم عادل في دبي خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) 2007 عندما حصلت مجموعة التعدين الصينية المملوكة للدولة على صفقة لاستخراج النحاس من مخزن أيناك في محافظة لوغار مقابل 2.9 مليار دولار. ويُنظر إلى المخزن على أنه من أكبر مخازن النحاس في العالم التي لم يتم استغلالها حتى الآن. وقد أغضب اختيار الشركة الصينية بعض المسؤولين الأميركيين والأفغان، الذين كانوا مشاركين في عملية تلقي العروض مع عادل. ويقولون إنه كان منحازا إلى الشركة (الصينية) ولم يتحل بالنزاهة في استماعه للعروض التي قدمتها شركات غربية. وكانت هناك إلحاحية للموضوع، لأن الوزارة تقوم بمراجعة عروض لصفقة تعدين هائلة، هذه المرة لمخزن حديد خام غرب كابل يعرف باسم حاجي غاك، والمجموعة الصينية هي المرشح للفوز بهذه الصفقة. وقال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه: «لقد قام هذا الرجل بذلك، نحن في نفس الموقف مرة أخرى».

وخلال مقابلة أجريت معه، أنكر عادل حصوله على رشاوى أو مدفوعات بصورة غير قانونية خلال الأعوام الثلاثة التي قضاها في منصب الوزير، وقال إن المجموعة الصينية فازت بالعقد بعد إجراء عملية مراجعة اتسمت بالنزاهة. وقال عادل إن استثمارات الشركة الصينية، ومنها خطط لبناء خط سكة حديد ومحطة توليد كهرباء طاقتها 400 ميغاوات وإعطاء منحة قدرها 808 مليون دولار للحكومة الأفغانية، تتجاوز الاستثمارات التي قدمتها الشركات الأخرى. وأضاف عادل: «أنا مسؤول عن العوائد والمنافع التي تعود على شعبنا. وأعمل وفق القانون والتشريعات من أجل مصلحة الناس». ويقدم أداء وزارة المعادن تحت قيادة عادل نموذجا على الضعف الذي تعاني منه حكومة كرزاي، وتمثل ثروات التعدين الأفغانية نقطة مضيئة في اقتصادها الضعيف. ويمكن أن يصبح قطاع التعدين على ضوء كميات النحاس والحديد والرخام والذهب والمجوهرات من أهم المصادر التي تدر عوائد داخل أفغانستان. لكن، في الوقت الحالي، لا يتم استغلال أي مناجم كبرى ويقول مسؤولون أميركيون أفغان حاليون وسابقون، إن ضعف المستوى والفساد كانا عائقين لتنمية هذه الصناعة وأبعد مستثمرين محتملين. ويقول مستشار أميركي سابق للوزارة: «هناك أشياء غير جيدة وقعت، ونحن نعلم بوقوع انتهاكات أكثر من مرة لإجراءات البنك الدولي وإجراءات الحكومة الأفغانية».

ويذكر أن عادل تدرب كمهندس تعدين في مدينة لنينغراد، التي كانت تتبع الاتحاد السوفيتي، وكانت طريقته الاستبدادية سببا في نفور مسؤولين أميركيين وأفغان سابقين وحالين عملوا معه. ونتج عن ذلك مزاعم بأنه أو نائبيه حصلوا على أموال من أجل إسناد عقود مربحة إلى حلفاء لهم. وكانت الصفقة المهمة الأولى خلال قيادة عادل لوزارة التعدين، هي عملية خصخصة مصنع غوري للأسمنت، وهو مصنع الأسمنت الوحيد الذي يعمل داخل أفغانستان، وموجود داخل التلال الجيرية في منطقة باغلان شمال أفغانستان. وقال وزير التعديد السابق، مير محمد صادق، إن محمود كرزاي، رئيس شركة الاستثمارات الأفغانية وشقيق الرئيس الأفغاني، اتصل به من أجل الاستحواذ على المصنع. وعين الرئيس كرزاي، عادل بدلا من صادق في مارس (آذار) 2006، وسرعان من تحرك عادل في عرض مصنع الأسمنت. وتقول شركة منافسة من أجل الحصول على المشروع «أريا زامين» إن عادل استخدم نفوذه لمنع الشركة من الحصول على فرصة مناسبة للفوز بهذا العرض.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»