مفتشو وكالة الطاقة فتشوا مفاعلا في دمشق.. وعادوا للوكالة بعينات لإجراء فحوصات

أنهوا زيارتهم وعادوا إلى فيينا.. ولا عوائق من سورية

TT

عاد إلى العاصمة النمساوية فيينا حيث مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، وفد من المفتشين التابعين للوكالة وذلك بعد إكماله لمهمة قصيرة ومحددة تمكن من خلالها زيارة المفاعل المصدري النيوتروني المصغر بمدينة دمشق العاصمة السورية، وذلك بغرض إجراء مزيد من التحري والتحقق في نوع الأنشطة الدائرة فيه، ولأخذ مزيد من العينات لمواد نووية لا تزال الوكالة تحاول التيقن من سبب وجودها، وإن كانت لها أي علاقة بما سبق أن عثرت عليه طلعة سابقة للمفتشين في أثناء الزيارة الوحيدة التي سمحت لهم بها السلطات السورية لفحص بقايا موقع الكبر بدير الزور الذي دمرته إسرائيل عام 2007 بدعوى أنه كان منشأة نووية شيدتها سورية بتعاون كوري شمالي.

من جهة أخرى، أشارت مصادر ذات صلة بالملف النووي السوري، الذي أصبح بالإضافة إلى الملف النووي الإيراني من أهم أجندة اجتماعات مجلس محافظي الوكالة، في تعليقات لـ«الشرق الأوسط» أن سورية ولتأكيد تعاونها مع الوكالة سمحت للمفتشين بالعودة إلى مفاعل الأبحاث بدمشق. مؤكدة أن المفتشين عادوا لرئاسة الوكالة بما شاءوا من عينات. نافية في ذات الوقت إمكانية أن تسمح السلطات السورية للمفتشين بالعودة كذلك لزيارة موقع الكبر وذلك لكونه منطقة عسكرية، ومنصة لإطلاق الصواريخ لا يُعقل أن تكون زيارتها في متناول كل من شاء. مسترسلة أن سورية سبق أن أبانت بل كررت للوكالة القول إن منطقة دير الزور منطقة مغلقة وخط أحمر، غير مسموح فيه بجولات وطلعات، ليس هو فحسب بل وثلاث مناطق أخرى لا تزال الوكالة تصر على زيارتها.

في سياق آخر تفيد متابعات «الشرق الأوسط» أن سكرتارية الوكالة قد قدمت في ساعة متأخرة من عصر أمس، تنويرا للدول أعضاء مجلس المحافظين حول التقرير الأخير الذي رفعه مدير عام الوكالة، الذي ستتم مناقشته بتوسع في أثناء جلسات مجلس المحافظين القادمة بتاريخ 26 الحالي حيث سيتوفر للمجتمعين كذلك الاطلاع بالتفصيل على نتائج بعثة المفتشين إلى سورية.

الجدير بالذكر أن تقرير الدكتور البرادعي قد ذكر تفصيلا أن الوكالة قد زُودت في مايو (أيار) الماضي بمعلومات تزعم أن منشأة قائمة في موقع دير الزور بسورية دمرتها إسرائيل في سبتمبر (أيلول) 2007 كانت مفاعلا نوويا فيما تمسكت سورية بالقول إن المبنى كان منشأة عسكرية غير نووية.

كذلك أبان التقرير أن الوكالة طلبت مرارا إجراء مناقشات جوهرية مع سورية حول طبيعة المبنى المدمَّر وذلك للتداول بشأن الصور ذات الصلة الملتقطة بالسواتل وغيرها من المعلومات المتاحة للوكالة التي كررت في رسالة مؤرخة 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي طلبها للحصول على معلومات بشأن الموقع ولمعاينة الوثائق التقنية وأي معلومات أخرى متعلقة بتشييد المبنى بالإضافة لطلب معاينة الحطام الناشئ من تدمير المبنى وما أنقذ من معدات عارضة الانخراط مع سورية في إرساء الطرائق اللازمة لتسيير المعاينة المنظمة للمعلومات والأماكن الحساسة بما فيها موقع دير الزور وثلاثة أماكن أخرى يزعم أنها مرتبطة وظيفيا بموقع دير الزور، وذلك لتمكين الوكالة من التثبت من الوقائع وإحراز تقدم في عملها المتصل بالتحقق مع حماية ما تعتبره سورية حساسا من معلومات عسكرية.

في ذات السياق كانت الوكالة قد أكدت أن تحليل العينات المأخوذة من موقع دير الزور في يونيو (حزيران) 2008 قد أشار إلى وجود جسيمات يورانيوم طبيعي بشري المنشأ من نوع لم يدرج في رصيد المواد النووية المعلنة من جانب سورية. وفقا لتقرير البرادعي فإن الوكالة استنتجت بناء على التكوين النظيري والكيميائي للجسيمات وشكل بنيتها أن الاحتمال ضعيف بأن يكون استخدام الصورايخ الإسرائيلية التي ضربت المنطقة هو مصدر تلك الجسيمات. موضحا أن الوكالة أكدت لسورية أن اتفاق الضمانات المعقود بينهما لا يضع حدودا على ما يمكن للوكالة معاينته من معلومات أو أنشطة أو أماكن لمجرد أنها قد تكون متصلة بالمجال العسكري. مشيرا أن احتواء موقع دير الزور على جسيمات اليورانيوم الطبيعي البشري المنشأ من نوع غير مدرج في رصيد سورية المعلن يثير التساؤلات بشأن صحة إعلان سورية واكتماله.

ومما يجدر ذكره كذلك أن تقرير البرادعي كان قد أشار إلى أن سورية أعلنت للوكالة أن وجود جسيمات من اليورانيوم الطبيعي البشري المنشأ في المفاعل المصدري المصغر ضمن العينات المأخوذة في أغسطس (آب) 2008 نتج عن تراكم العينات والمواد المرجعية المستخدمة في تحليل تنشيط النيوترونات.

وكانت الوكالة في وجهة أخرى قد زودت سورية بالنتائج الخاصة بالعينات الإضافية التي كانت قد أخذتها في إطار عملية التحقق من الرصيد المادي التي أجرتها في المفاعل المصدري النيوتروني المصغر في يوليو (تموز) 2009 والتي تُظهِر أيضا وجود جسيمات من اليورانيوم الطبيعي المنشأ في عدد من الأماكن وعلى بعض المعدات بيد أن النتائج لا تشير إلى وجود جسيمات من اليورانيوم الطبيعي المنشأ سواء في المواد المرجعية العادية أو على حاوية النقل المدرجة التي كانت سورية قد أشارت إلى أنها قد تكون المصادر المحتملة لجسيمات اليورانيوم.

هذا، وكانت سورية قد أضافت لاحقا أن مصدر جسيمات اليورانيوم الطبيعي البشري المنشأ قد يكون كذلك كميات من الكعكة الصفراء المنتجة محليا وكميات صغيرة من نترات اليورانيل التجاري المستورد الذي لم تكن أعلنت عنه سابقا.