غضب واتهامات في إيران بعد وفاة طبيب شاب في سجن كهريزاك

TT

قال قائد ميليشيا الباسيج الإيرانية التي تصادمت مع المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع في أعقاب الانتخابات الرئاسية في يونيو (حزيران) الماضي أمس إن الميليشيا ستواجه أي «أعمال شغب في الشوارع»، وذلك قبل تجمع لإحياء ذكرى زوجين معارضين قتلا.

وكانت الاضطرابات التي وقعت في إيران بعد انتخابات 12 يونيو التي فاز فيها الرئيس محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية الأسوأ في إيران منذ الثورة الإسلامية التي وقعت عام 1979. ونفت السلطات أن تكون الانتخابات قد زُوّرت، وصورت الاضطرابات على أنها اضطرابات تدعمها دول أجنبية.

وقالت السلطة القضائية الإيرانية أول من أمس إن خمسة أشخاص حكم عليهم بالإعدام بينما حكم على 81 شخصا آخرين بأحكام بالسجن تصل إلى 15 عاما فيما يتصل بالاحتجاجات والعنف الذي أعقب الانتخابات. وقال محمد رضا نقدي قائد ميليشيا الباسيج المتشددة إن بعض الإيرانيين أصغى إلى دعوات للقيام «بأعمال شغب في الشوارع» بثتها محطة تلفزيوني فضائية إيرانية مقرها الولايات المتحدة. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية عن نقدي قوله: «هذه الجماعات التي تهتف بشعارات مناهضة لقيم الثورة... يجب أن تعرف أنهم سيواجهون الباسيج». وأعلن موقع إصلاحي على شبكة الإنترنت أن ابنة زوجين إيرانيين معارضين طعنهما عملاء أمن إيرانيون حتى الموت عام 1998، دعت الناس لحضور تجمع يوم الأحد لإحياء ذكراهما. وأغضب مقتل دريوش فوروهار وزوجته التي كانت ترأس حزب الأمة غير المعترف به لكن السلطات تتسامح مع نشاطه واثنين على الأقل من الرموز العلمانية في نفس الفترة تقريبا، الكثير من الإيرانيين. واصطدمت قوات الأمن في السنوات الماضية مع الناس في احتفالات إحياء ذكراهم، والتي تحولت إلى تجمعات معارضة. وقالت باراستو فوروهار في موقع نشر على موقع إصلاحي على شبكة الإنترنت: «أرجوكم أن تنضموا إلينا يوم الأحد لإحياء الذكرى الحادية عشرة لمقتل والدَيّ». وقالت وكالة «فارس» شبه الرسمية للأنباء نقلا عن سالار أبنوش القائد في الحرس الثوري الإيراني: «قادة المعارضة منافقون لأنهم ليسوا ملتزمين بقيم الثورة الإسلامية».

واصطدم أنصار المعارضة منذ احتجاجات يونيو مع قوات الأمن في مناسبتين رسميتين، عقدت الأولى في اليوم السنوي لدعم الفلسطينيين، والثانية في الذكرى السنوية لاقتحام السفارة الأميركية في طهران خلال الثورة الإسلامية.

ويأتي ذلك فيما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أمس أن طبيبا توفي في مركز كهريزاك للاحتجاز الذي أغلق بعد وفاة بعض المحتجزين فيه ممن شاركوا في مظاهرات الاحتجاج على نتائج انتخابات يونيو، مات منتحرا. وبدأ البرلمان الإيراني الأسبوع الماضي تحقيقا في وفاة الطبيب رامين بوراندارجاني الذي كان يقضي خدمته العسكرية كطبيب في المنشأة. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية عن إسماعيل أحمدي مقدم قائد الشرطة قوله: «وفاة رامين بوراندارجاني جاءت نتيجة لانتحاره». وقال في إشارة إلى ما يبدو أنه وصية كتبها بوراندارجاني: «كانت لدى الطبيب شكاوى بخصوص تعرضه لعقوبة السجن خمس سنوات وفقد معنوياته... وانتحر بعد استدعائه إلى المحكمة». وأثار موت الطبيب الشاب الغضب في إيران، خصوصا مع تقارير متضاربة حول تعرضه للضغوط والتهديد كي لا يكشف حجم الانتهاكات التي كانت تحدث ضد المعتقلين في مقر الاعتقال. وأغلق سجن كهريزاك في يوليو (تموز) بأمر الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي بعد وفاة ثلاثة أشخاص على الأقل خلال احتجازهم فيه، بعد أن ألقي القبض عليه في أعقاب الانتخابات الرئاسية. وألقي القبض على آلاف الأشخاص في الاحتجاجات التي اندلعت بعد الانتخابات. وقالت مواقع إصلاحية معارضة على شبكة الإنترنت الأسبوع الماضي إن وفاة الطبيب أرجعت مبدئيا إلى الانتحار. وقال عضو بلجنة الصحة في البرلمان أول من أمس إن احتمال وفاة بوراندارجاني بسبب أزمة قلبية مستبعد بسبب عمره الذي قيل إنه 26 عاما، ولأنه لم يتعرض لمشكلات صحية من قبل. وكان الطبيب الشاب، الذي كان يمضي الخدمة الإلزامية بعد التخرّج في كلية الطب، قد قام بفحص ضحايا التعذيب في معتقل كهريزاك، وكان بين الضحايا الشاب محسن روح الأميني، وهو ابن أقرب مستشاري مرشّح الرئاسة محسن رضائي، الذي «توفّي» في السجن. ويقول موقع «نوروز» إن الدكتور رامين بوراندارجاني زار محسن روح الأميني قبل يومين من وفاته، ولاحظ آثار التعذيب الذي تعرّض له.

وحسب موقع «نوروز» فقد اعتقل الدكتور رامين بوراندارجاني بعد أسبوع وأرغم على إعلان أن محسن روح الأميني توفّي نتيجة الإصابة بمرض السحايا. وهذا مع أن تقرير الطبيب الشرعي أشار إلى «ضربات متكرّرة على الرأس». وأطلق سراح الدكتور رامين بوراندارجاني بعد أسبوع من اعتقاله، ولكنه خضع لتحقيقات متعددة من جانب وحدة تحقيق قوة الشرطة، ومحكمة الطوارئ، ومجلس نقابة الأطباء. ونظرا لمعرفته بما حدث في كهريزاك فقد هدّده «أشخاص مجهولون» وألحّوا عليه بوجوب عدم الكلام حول ما شاهده في المعتقل. وقبل موته أطلع الدكتور رامين بوراندارجاني عددا صغيرا من أصدقائه على أحداث كهريزاك، وقال لهم إنه كان خائفا على نفسه. وبعدها بأيام أفيد عن موته. ومع أن السبب المعلن لوفاته هو «نوبة قلبية»، فلم تسمح السلطات لأسرته بتشريح جثّته، وتم تشييع جنازته في مدينة تبريز وسط إجراءات أمنية مشددة.