إعلان تلفزيوني لـ«سي آي إيه» يستهدف العرب الأميركيين.. مستخدما حفل عشاء

تنوي الوكالة بثه على قنوات التلفزيون الرئيسية ومواقع على الإنترنت في غضون شهور

TT

تتزايد حمى النشاط داخل مطبخ رحب عصري، مع اتخاذ الترتيبات النهائية لإعداد الطعام. ويحاول رجل متقدم في العمر الحصول على إحدى قطع الفلافل خلسة، لكن تمنعه ضربة خفيفة من يد امرأة ودودة. يتحرك الضيوف بملابسهم الأنيقة والذين بدت عليهم أمارات السعادة باتجاه الطاولة العامرة بالطعام داخل غرفة طعام تزدان جدرانها بمقتنيات تنتمي للشرق الأوسط. يعد هذا المشهد المثير واحدا من المشاهد التقليدية في حفل عشاء بأي منزل عربي ـ أميركي، أو على الأقل هذا ما تحاول وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ترسيخه في الأذهان عبر أول إعلان تلفزيوني من نوعه. وتأمل الوكالة في أن تلقى رسالتها قبولا لدى العرب داخل الولايات المتحدة. أثناء الإعلان، ينطلق صوت رجل يتحدث بلكنة شرق أوسطية قائلا «أمتك هي عالمك»، مع تحرك الكاميرا نحو الخارج وإظهارها مشهد الحفل من الخارج عبر نافذة في مبنى شاهق. وفي غضون ثوان، يتسع المشهد لينقل صورة الولايات المتحدة من الفضاء وتحمل الشاشة عبارة «إنهم جديرون بالحماية». يمثل الإعلان، الذي تنوي الوكالة بثه على قنوات التلفزيون الرئيسية ومحطات التلفزيون العرقية ومواقع على شبكة الإنترنت بمختلف أرجاء البلاد في غضون الشهور القليلة القادمة، قفزة فنية وإذاعية للوكالة. حتى الآن، ركزت إعلاناتها المطبوعة والمسموعة وعبر شبكة الإنترنت على مجموعة متنوعة من الخيارات المهنية المتنوعة تنوع العاملين في صفوفها، لكنها لم تلجأ إلى أسلوب سرد القصص للترويج لرسالتها. ويعد هذا جزءا من جهود طموحة للتواصل مع مجتمعات تعتبرها وكالة الاستخبارات المركزية جوهرية بالنسبة لمساعي التقليص من تهديد الإرهاب داخل الولايات المتحدة. وقد أقرت الوكالة خطة تمتد لخمس سنوات لتعزيز قدرة عامليها على تحدث العربية ولغات أخرى بطلاقة. وحسب وكالة «أسوشييتد برس»، التي أوردت هذه المعلومات، فإن هذا الأمر قد يواجه مقاومة من جانب العرب الأميركيين الذين يشعرون بتحولهم إلى محط لمشاعر الريبة والتشكك منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 الإرهابية. يذكر أن الكثير من العرب والمسلمين تساورهم الشكوك حيال جهود جمع الاستخبارات ويعتقدون أن جهود تجسس تجري داخل المساجد وأماكن أخرى. الأربعاء الماضي، عقدت وكالة الاستخبارات المركزية عرضا خاصا للإعلان وآخر تستغرق مدته 30 ثانية يرمي لتجنيد أميركيين من أصول إيرانية. وقد أثار كلا الإعلانين إشادة من المجموعة التي يبلغ عدد أفرادها قرابة 40 شخصا تجمعوا لمشاهدتهما في ديربورن، قلب الجالية الشرق أوسطية الضخمة في ميتشيغان. من جهته، قال داو الورفالي، أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة لورانس التقنية بضاحية ديترويت من ساوثفيلد، إن النهج البسيط للإعلان راق له. ومن بين العناصر الإضافية التي كانت مصدر فخر له أن نجله، تامر، كان من بين ممثلي الإعلان. وأوضح الورفالي أن الإعلان «يتحدث إلى أي شخص ـ ويكشف اهتمام وكالة الاستخبارات المركزية بتماسك الأسرة بوجه عام». من ناحية أخرى، أعربت سهيلة أمين، 30 عاما، عن اعتقادها بأن الإعلان جذاب للعين ويحمل طابعا إيجابيا، ومع ذلك لم يترك «صدى لديها» لأنه لم يكشف عن كامل الرسالة التي يريد توصيلها. وقالت «رأيت فقط أفراد أسرة يتشاركون الطعام، ويفعلون أفضل ما نجيده، تبادل العناق والقبلات بعد تناول وجبة جيدة والتمتع بصحبة رائعة ـ لكن لم أفهم ما أهمية ذلك بالنسبة لوكالة الاستخبارات المركزية». يذكر أن سهيلة تعمل ناشطة اجتماعية بمنطقة ديربورن. يذكر أن التوجه الناعم لهذا الإعلان القائم على السرد جرت صياغته بناء على مناقشات عقدت مع موظفين بالوكالة ذوي أصول شرق أوسطية. وكشفت هذه الجهود البحثية أن العرب الأميركيين يرغبون في الإبقاء على روابطهم مع أوطانهم، مع اعتناقهم شعور بالواجب تجاه الولايات المتحدة. وشددوا على رغبتهم في العمل بأماكن يمكنهم خلالها استغلال خبراتهم والتمتع بحياة مهنية مثيرة. في المقابل، قالت كريستينا بتروسيان، رئيسة شؤون الإعلان والتسويق في مركز التجنيد التابع للوكالة «من المهم بالنسبة لهم أن نكون متفهمين لأهمية ثقافتهم في أعينهم. إنهم لن يتخلوا عنها بمجرد أن تطأ أقدامهم أعتاب وكالة الاستخبارات المركزية». يذكر أن بتروسيان وزملاءها صوروا الإعلان في ذات استوديو هوليوود الذي ضم إنتاج شركة «ديسيلو برودكشنز» وجرى تصوير مسلسل «سيت كوم» الرائد في الخمسينات «آي لوف لوسي»، الذي أدى إلى تحطيم حواجز عرقية من خلال ضمه بين نجومه ديزي أرناز في دور ريكي ريكاردو. وأبدت بتروسيان اعتقادها بأن الإعلان يرسم صورة واسعة وصادقة للحياة تلقى صدى لدى الجمهور المستهدف. وقالت «نسمع مرارا وتكرارا من يقولون إن وكالة الاستخبارات المركزية ليست أساسا على قائمة اهتماماتي كي أتقدم بطلب للالتحاق بها. من المأمول أن يخلق عرض هذا الإعلان بهذه الصورة مثل هذا الاهتمام (بالانضمام إلى الوكالة)».