كرزاي يتعهد بـ«التعلم من الأخطاء» ومكافحة الفساد خلال حفل تنصيبه لولاية ثانية

داعيا منافسيه للمشاركة في حكومة وحدة وطنية وتأسيس مجلس قبلي للتصالح مع متمردي أفغانستان

الرئيس الأفغاني حميد كرزاي (وسط) عقب تنصيبه لولاية ثانية في العاصمة كابل أمس يتحدث مع نائبيه كريم خليلي (يمين) والمارشال محمد قاسم فهيم «ا.ف.ب»
TT

وعد الرئيس الافغاني حميد كرزاي امس بالتعلم من اخطائه وبوضع حد لظاهرة «غياب العقاب» في مكافحة الفساد بأفغانستان، وذلك خلال خطاب القاه بمناسبة تنصيبه لولاية رئاسية جديدة من خمس سنوات. وكان خطاب كرزاي مرتقبا من المجتمع الدولي الذي كثف ضغوطه عليه منذ عدة اسابيع لاجتثاث الفساد واستعادة شرعيته التي تأثرت بعملية اعادة انتخابه التي شابتها عمليات تزوير واسعة. وأدى كرزاي اليمين في مشهد نقله التلفزيون الوطني بحضور المئات من زعماء القبائل والوزراء الأفغان والشخصيات الدولية البارزة. وكرر كرزاي القسم خلف كبير القضاة عبد السلام عظيمي قائلا :«أقسم أن أطيع وأحترم تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وأحترم الدستور والقوانين الأفغانية الأخرى، والإشراف على تنفيذها, بعون الله ودعم الأمة, أن أبذل جهودا كبيرة ومخلصة من اجل سعادة وتقدم شعب أفغانستان».

وقال امام 800 مدعو بينهم 300 مسؤول اجنبي يتقدمهم الرئيس الباكستاني آصف زرداري ووزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، «علينا ان نتعلم من اخطائنا وفشلنا في السنوات الثماني الاخيرة». واضاف ان ظاهرة «غياب العقاب يجب ان تنتهي» في افغانستان، كما اعرب كرزاي عن امله في ان تكون القوات الافغانية قادرة على تولي الامن في البلاد خلال خمس سنوات في الوقت الذي ينتشر مائة الف جندي اجنبي من 40 بلدا في البلاد ويدرس فيه الرئيس الاميركي باراك اوباما ارسال تعزيزات قوامها عشرات آلاف الجنود الى افغانستان. وقال كرزاي «نأمل ان تتمكن القوات الافغانية التكفل بمسؤولية الامن في غضون خمس سنوات». كما مد الرئيس الافغاني يده لمنافسه الرئيسي في الانتخابات الرئاسية عبد الله عبد الله داعيا اياه للمشاركة في «حكومة وحدة وطنية». واعيد انتخاب كرزاي (51 عاما) اثر انتخابات رئاسية شهدت حالات تزوير واسعة لمصلحته في الدورة الاولى في 20 اغسطس (آب) وانسحاب منافسه عبد الله عبد الله من الدورة الثانية التي كانت مقررة في الاول من نوفمبر (تشرين الثاني). وادى كرزاي اليمين بلغة الباشتون امام المحكمة العليا بحسب صور بثها التلفزيون الافغاني مباشرة اثناء حفل اقيم في القصر الرئاسي في حين تم اغلاق وسط العاصمة كابل تحسبا لهجمات من طالبان. ثم قام بنفسه بتنصيب نائبيه الاثنين وهما زعيما حرب سابقان تثير سمعتهما الكثير من الجدل، كريم خليلي (من الهزارة) والماريشال محمد قاسم فهيم (طاجيكي) المتهم بانتهاكات لحقوق الإنسان والاتجار بالمخدرات.

وشارك في الحفل، اضافة الى زعماء القبائل وشخصيات مثيرة للجدل مثل زعيم الحرب السابق الاوزبكي رشيد دستم، خصوصا وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا وكندا وهولندا وتركيا. ويمثل غياب قادة الدول الغربية رسالة تحذير في الوقت الذي يثور فيه شك حول حقيقة رغبة كرزاي في اصلاح ادارته رغم الضغوط الدولية. وقالت هيلاري كلينتون اول من امس «توجد الآن كوة لفرصة قوية جدا ليبرم الرئيس كرزاي وحكومته عقدا مع الشعب الافغاني يقوم على ارادة المسؤولية والحصول على نتائج ملموسة». وبعد تسع سنوات من الاطاحة بنظام طالبان وتولي كرزاي السلطة يدور الجدل في افغانستان على خلفية تمرد تتزايد دمويته سنويا، حول الانحسار الشديد لسيطرة الحكومة على البلاد واستشراء الفساد الذي وصل اعلى هرم الدولة وانتاج الافيون الذي يفوق الطلب العالمي. وشهدت كابل هدوءا في ظل إغلاق كامل للشوارع الكبرى المؤدية إلى القصر الرئاسي أمام حركة المرور، كما تم إلغاء كافة الرحلات التجارية في مطار المدينة الدولي الوحيد. وتم إعلان اليوم عطلة رسمية في كابل، وطلب الى المواطنين عدم الخروج من منازلهم، إلا في حالات الضرورة. ودعا كرزاي إلى تأسيس مجلس شورى قبلي كبير (لويا جيركا) من أجل تسهيل عملية تصالح مع مسلحي طالبان. وقال كرزاي امس في كابل إن مجلس الشورى المقترح من شأنه المساعدة في تحقيق السلام في أفغانستان عقب 30 عاما من الحرب. ووفقا للدستور الأفغاني، يعد «لويا جيركا» هو«أعلى هيئة تمثيلية لإرادة الشعب الأفغاني». وقال كرزاي في خطاب تنصيبه امس ان القوات الافغانية يجب أن تتولى مسؤولية الامن في الاجزاء المضطربة بالبلاد في غضون ثلاث سنوات. وأضاف «تريد أفغانستان قيادة العمليات في المناطق غير الامنة في السنوات الثلاث المقبلة». وسيكون على الرئيس الافغاني ان يستعيد ثقة المجتمع الدولي والشعب الافغاني من خلال التعهد باجتثاث الفساد الذي شاب عمل حكومته. وبعد تسع سنوات من الاطاحة بنظام طالبان وتولي كرزاي السلطة يدور الجدل في افغانستان، على وقع تمرد تزداد دمويته سنويا، حول الانحسار الشديد لسيطرة الحكومة على البلاد واستشراء الفساد الذي طال اعلى هرم الدولة وانتاج الافيون الذي يفوق الطلب العالمي. وينتمي كرزاي لقبيلة بوبالزاي البشتونية، وبدأ مسيرته كشخصية سياسية بارزة عندما تم اختياره على رأس الإدارة الانتقالية في مؤتمر عقد في ألمانيا بعد الإطاحة بنظام طالبان في اعقاب الغزو الأميركي أواخر عام 2001. وفي وقت لاحق انتخبه ممثلون في مجلس شورى قبلي (لويا جيرجا) عام 2003 رئيسا للحكومة الانتقالية التي ساعدته بعد ذلك في الفوز بأغلبية مطلقة في أولى انتخابات رئاسية ديمقراطية في البلاد عام 2004. الى ذلك هنأ الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن امس، باسم الحلف، الرئيس الافغاني حميد كرزاي على تنصيبه لولاية ثانية، داعيا اياه الى استئصال الفساد. وقال راسموسن في بيانه «باسم الحلف الاطلسي اهنئ الرئيس كرزاي» و«نوجه له افضل تهانينا لولاية ثانية من خمس سنوات». واضاف «اننا ندعم بقوة عزمه تشكيل حكومة كفاءات تكون قاعدتها واسعة وتحاسب عما تفعل ولا مكان لديها للفساد». واعتبر ان «من الحاسم ان يرى الشعب الافغاني ومواطني البلدان التي ترسل جنودا الى القوة الدولية (في افغانستان) تقدما فعليا في هذا الاتجاه».