تركيا: تعليق محاكمة التآمر للإطاحة بحكومة أردوغان بعد انهيار سقف المحكمة

التنصت على مكالمات مسؤولين في القضاء يزيد مشكلات الحكومة التركية

TT

ذكرت وسائل إعلام تركية أن جلسة محاكمة في مؤامرة مزعومة لقوميين متطرفين للإطاحة بالحكومة علقت أمس، بعدما انهار جزء من سقف المحكمة. ولم ترد تقارير تفيد بوقوع إصابات، ولم يعرف على الفور سبب سقوط سقف المحكمة حديثة البناء في اسطنبول. وعلق كبير القضاة في المحكمة جلسة الاستماع. ويحاكم نحو 200 شخص في القضية يشتبه بانتمائهم لشبكة تعرف باسم «اريجينيكون». ويواجه المتهمون في القضية اتهامات بالتخطيط لهجمات قنابل واغتيالات لإثارة اضطرابات اجتماعية وزعزعة استقرار حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ذات الجذور الإسلامية. ويقول منتقدون لأردوغان، إن التحقيق إجراء سياسي ضد المعارضة. وأضر التحقيق الموسع في الأمر في بعض الأوقات بأسواق المال وزاد التوتر بين الحكومة والجيش القوي في تركيا.

إلى ذلك أحيا خلاف في تركيا حول التنصت على المكالمات الهاتفية لقضاة وممثلي ادعاء بإذن من الحكومة المخاوف من زعزعة استقرار البلاد واضطراب الأسواق، وأثار شكوكا في التوجه الذي ستتخذه الدولة. وزادت التوترات الأخيرة بين حكومة حزب العدالة والتنمية والمؤسسة العلمانية من المخاوف مع استعداد تركيا لإجراء انتخابات عامة عام 2011. وغذت المقاومة داخل الاتحاد الأوروبي لسعي تركيا للانضمام إلى عضوية التكتل والتطورات على صعيد السياسة الخارجية، الاعتقاد بأن تواصل أنقرة مع الغرب قد يفتر، وربما تولي وجهها شطر جيرانها المسلمين بصورة أكبر. وأثارت قضية التنصت على المكالمات الهاتفية تكهنات بأن عناصر في المؤسسة العلمانية التي تضم الجيش والقضاء يمكن أن تقوم بمحاولة جديدة لحظر نشاط حزب العدالة والتنمية. وأفلت الحزب الحاكم بالكاد من محاولة لحظره في دعوى أقيمت أمام المحكمة الدستورية قبل أكثر من عام لاتهامه بممارسة أنشطة مناهضة للعلمانية. وقال جميل جيجك، نائب رئيس الوزراء التركي هذا الأسبوع بعد ظهور تقارير أفادت بأن ممثلي ادعاء فتحوا تحقيقا جديدا في المسألة بموجب قانون الأحزاب السياسية، إن أي تكرار لمحاولة حظر الحزب يمكن أن يقلب البلاد «رأسا على عقب». ويقول فاتح كريستيجي، الاقتصادي ببنك «اتش.اس.بي.سي» في اسطنبول «نراقب الخطر السياسي الذي يطرأ على الأجندة في تركيا للمرة الأولى منذ فترة طويلة». وثار هذا الجدل في وقت تواجه فيه الحكومة تحديات كثيرة، من بينها محاولة إخراج الاقتصاد من الكساد. وواجهت خطط تحسين العلاقات مع الأكراد في الداخل ومع أرمينيا، وهي خطوات تعتبر ضرورية لمسعى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مقاومة من القوميين. وقال تيموثي اش، الاقتصادي في مصرف رويال بنك اوف سكوتلاند: «التوترات عالية جدا في تركيا في الوقت الحالي». ومن الممكن أن يدفع مزيد من التدهور في السيناريو السياسي المستثمرين إلى خفض استثماراتهم. وقال اش: «التوترات بين حزب العدالة والتنمية والمؤسسة العلمانية وبينه وبين الأكراد تقترب من السطح كثيرا». وأضاف «من الصعوبة بمكان محاولة فهم متى ستصبح لقضية ما أهمية كافية لتصل إلى نقطة تحول تخرج فيها الأوضاع عن نطاق السيطرة. لكننا ربما نقترب من هذه النقطة الآن، ولذلك قد يكون تخفيف حدة المخاطر يستحق المحاولة». ودافعت الحكومة عن قانونية التنصت على المكالمات الهاتفية لمسؤولين بالسلطة القضائية، التي هي حصن تقليدي للمعارضين العلمانيين لحزب العدالة والتنمية في سياق التحقيق في مؤامرة مزعومة دبرتها جماعة قومية للإطاحة بالحكومة. وأعلن عن هذا بعد أن اشتكى الرئيس السابق للرابطة للقضاة من أنه تم التنصت على مكالماته الهاتفية وآخرين.

وأعلن سعد الله ارجين، وزير العدل الخميس أن 69 قاضيا وممثل ادعاء كانوا من بين أكثر من 100 ألف شخص تم التنصت على مكالماتهم الهاتفية في الأعوام الخمسة الماضية. واتهمت أحزاب معارضة ومنتقدو الحكومة التي تتمتع بأغلبية ضخمة في البرلمان بمراقبة الاتصالات الهاتفية لأسباب سياسية وخلق «إمبراطورية من الخوف» في إطار محاولتها توسيع نطاق سيطرتها حتى تصل إلى القضاء.

ويعتقد بعض المحللين أن من غير المرجح أن يؤدي الخلاف بشأن التنصت على المكالمات الهاتفية إلى محاولة أخرى لحظر الحزب الحاكم، وقد تفجر هذا النزاع فيما أظهرت استطلاعات الرأي أن حزب العدالة والتنمية يفقد الدعم بسبب ارتفاع معدلات البطالة لمستويات قياسية وافتقاره للشعبية في بعض الدوائر نتيجة جهوده لتحسين حقوق الأقلية الكردية.

وتتفاوت دقة استطلاعات الرأي في تركيا. ومن شأن انخفاض حاد في الدعم لحزب العدالة والتنمية الذي فاز بأول حكومة يشكلها حزب بمفرده عام 2002 أن يعقد طموحات أردوغان بالفوز بأغلبية ساحقة للمرة الثالثة في انتخابات عام 2011 وتجنب تشكيل ائتلاف غير مستقر.

واحتلت التوترات بين الجيش والحكومة، التي هي سبب آخر في تراجع ثقة المستثمرين بتركيا الصدارة، بعد أن نشرت صحف تفاصيل مؤامرة مزعومة من قبل الجيش لتشويه سمعة حزب العدالة والتنمية.

ويقول جولديم اتاباي، كبير الاقتصاديين بمؤسسة اكسبريس انفست لـ«رويترز»: «الخلفية السياسية يمكن أن تكون مصدر اضطراب الأسواق، حيث بدأت تركيا بالفعل العد التنازلي للانتخابات العامة في غضون الأشهر الاثني عشر أو الثمانية عشر القادمة». ويقول اقتصاديون، إن العوامل الأساسية بحالة جيدة بما في ذلك معدل دين القطاع العام إلى الناتج المحلي الإجمالي والاحتياطيات النقدية لدى البنك المركزي والمستويات المنخفضة لعجز ميزان المعاملات الجارية والتضخم.