أزمة مسلكية بدوافع سياسية تهدد قوى الأمن الداخلي اللبناني.. وتدفع وزير الداخلية للتلويح بالاستقالة

بارود يعتكف ويلتزم الصمت احتجاجا.. والقوى السياسية تتدخل لتهدئة الأوضاع

TT

أثمرت المعالجات السياسية تعليقا مؤقتا للأزمة التي عصفت بمجلس قيادة قوى الأمن الداخلي في لبنان وكادت تؤدي إلى انشقاقات في جسم المؤسسة الأمنية بدوافع سياسية، غير أن هذه الأزمة أدت إلى اعتكاف وزير الداخلية زياد بارود وتلويحه بالاستقالة نتيجة ما آلت إليه الأمور في المؤسسة التي تتبع لإدارته من حيث الهيكلية، والتي تتنازع على النفوذ فيها عدة قوى سياسية.

وكانت الأزمة انفجرت ليل أول من أمس مع صدور قرار من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي بتوقيف قائد الدرك العميد أنطوان شكور لمدة 15 يوما ووضعه خلال مدة التوقيف في منزله ومنعه من دخول مبنى المديرية العامة لقوى الأمن في بيروت، بحجة عدم التزامه تنفيذ الأوامر.غير أن جذور هذه الأزمة تعود عميقا في السياسة، وتحديدا مع اندلاع الأزمة السياسية في العام 2006 حيث قاطع الضباط الشيعة اجتماعات مجلس قيادة قوى الأمن وتضامن معهم عدد من الضباط المسيحيين منهم العميد شكور. وتتهم مصادر في قوى الأمن شكور بعدم التزامه تنفيذ الكثير من القرارات الصادرة عن ريفي وبينها قرارات نقل ضباط وقرارات إدارية أخرى.

وقالت مصادر متابعة لـ«الشرق الأوسط» إن ريفي أنذر شكور رسميا بضرورة تنفيذ هذه القرارات قبل الخامسة من مساء الخميس (أول من أمس) تحت طائلة اتخاذ الإجراءات المسلكية بحقه، فكان أن رد الأخير قبل انتهاء المهلة بكتاب يقول فيه إنه «نفذ الأوامر التي يجب أن تنفذ، أما القرارات غير القانونية فسيمتنع عن تنفيذها»، ما استدعى قرارا من ريفي بعد التشاور مع مرجع كبير في الدولة بتوقيف شكور ووضع حراسة على منزله، وتم إبلاغ حراس المديرية العامة بمنعه من الدخول إليها.وقد أثار قرار التوقيف عاصفة سياسية ـ وطائفية أيضا ـ إذ تضامنت مع شكور قوى سياسية مناوئة للقوى التي يقال إنها تدعم شكور، وحصلت جملة اتصالات شارك فيها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ووزير الداخلية وقيادات سياسية أدت إلى تسوية تقضي بانتقال شكور إلى المديرية العامة في الثانية من فجر أمس وتوقيعه بعض القرارات التي تستدعي التوقيع ذلك أن بعض القرارات الأخرى أصبحت من دون فائدة لمرور الزمن عليها. فيما ألغى اللواء ريفي مذكرة التوقيف بحق شكور.

وفي المعلومات التي توفرت لـ«الشرق الأوسط» أيضا أن نقطة أخرى لا تزال عالقة تتعلق بقرار سابق كان اتخذه شكور وجهه إلى قطاعات الدرك (قوى الأمن الداخلي تتولى أمن بيروت، فيما الدرك يتولى أمن المناطق) تقضي بعدم تلبية أي طلبات توجهها شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي باعتبارها «غير قانونية».

وقد أثارت هذه التطورات استياء الوزير بارود الذي اعتكف في منزله ولم يتجه إلى مكتبه ولم يشارك أيضا في اجتماعات لجنة صياغة البيان الوزاري. وقد اكتفت مصادره بالقول لـ«الشرق الأوسط» التي حاولت الاتصال به إنه «معتكف وملتزم بالصمت». وعلم أن بارود أبلغ رئيس الجمهورية ميشال سليمان ليل أول من أمس نيته الاستقالة احتجاجا على ما حصل في قيادة قوى الأمن الداخلي»، فيما أشارت مصادر أخرى إلى أنه مستاء من تصرف ريفي، علما أنه كان قد نصح العميد شكور بضرورة تنفيذ هذه الأوامر قبل معالجة ما كان يشكو منه الأخير من تصرفات.

ودعا وزير الدولة وائل أبو فاعور إلى «حل الأمر داخل مؤسسة قوى الأمن الداخلي وليس في الصحف»، وأضاف: «ليس من مصلحة هذه المؤسسة أن تعالج أمورها بالطريقة التي عولجت فيها من تطييب خواطر البعض، إنما المسألة تحتاج إلى معالجة مؤسساتية. فيما أشار عضو كتلة «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا إلى انه وبعد تسرب خبر الإشكال الذي حصل بين المدير العام لقوى الأمن الداخلي أشرف ريفي وقائد الدرك أنطوان شكور، بادر رئيس الهيئة التنفيذية في حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بالاتصال بوزير الداخلية والبلديات زياد بارود طالبا منه التدخل الفوري لمعالجة الأمر بما يحفظ كرامات الجميع وهيبة المؤسسة العسكرية.

وأشار إلى أن الوزير بارود أخذ على عاتقه هذا الأمر وتصرف فعلا بالطلب إلى المدير العام تجميد كل هذه العملية لمعالجتها بهدوء ورويّة، لافتا إلى أن المفاجأة الكبرى كانت في عدم التزام المدير العام وعده، ومحاولته التصرف متجاوزا معالي وزير الداخلية. وأعلن زهرا رفضه التام محاولة تجاهل موقع وموقف وزير الداخلية «خصوصا بشخص الوزير الحالي المشهود له بوطنيته ونزاهته والتزامه الأصول الدستورية والقانونية بشكل حرفي».

* مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي يؤلف من 11 قائدا ـ المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي (رئيس المجلس).

ـ رئيس هيئة الأركان العميد جوزف الحجل.

ـ قائد الدرك العميد أنطوان شكور.

ـ رئيس الإدارة المركزية العميد محمد قاسم.

ـ قائد جهاز أمن السفارات العميد عدنان اللقيس.

ـ قائد الشرطة القضائية العميد أنور يحيى.

ـ قائد شركة بيروت العميد نبيل مرعي.

ـ قائد القوى السيارة العميد روبير جبور.

ـ قائد معهد الأمن الداخلي العميد عبد البديع السويسي.

ـ قائد وحدة الخدمات الاجتماعية العميد سمير قهوجي.

ـ المفتش العام لقوى الأمن الداخلي العميد سيمون حداد.