تسيبي ليفني تتحدث «لغة فلسطينية» في طنجة وتقول إنها تتفهم مطالب الفلسطينيين بشأن الاستيطان

وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تصل إلى المغرب.. وتأكيد رسمي أنها لن تلتقي مسؤولين

تسيبي ليفني في المنصة الرئيسية لمؤتمر طنجة، وبدا إلى جانبها شخصيات مغربية (تصوير: عبد المالك العاقل)
TT

وصلت تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة إلى مكان مؤتمر «ميدايز» في طنجة (شمال المغرب)، في ساعة مبكرة أمس، وألقت كلمة دعت فيها إلى إبعاد الدين عن القضية الفلسطينية، ويعقد المؤتمر برعاية مؤسسة منتدى أماديوس. وأكد مسؤول مغربي لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يكن هناك أي لقاء رسمي بين ليفني ومسؤولين مغاربة. وقال الطيب الفاسي وزير الخارجية المغربي في كلمته أمام المنتدى «لماذا نضيع الوقت إذا كان العالم بأسره متفقا على النتيجة النهائية وهي قيام دولة فلسطينية مستقلة؟».

وفي التفاصيل وصلت ليفني إلى طنجة الليلة قبل الماضية في الساعة الحادية عشرة ليلا وسط إجراءات أمنية مشددة، فيما لم يحضر كل من شلومو بن عامي، وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق، واوريت نكاد، نائب وزير الصناعة الإسرائيلي. وأثارت مصافحة ليفني زعيمة حزب كاديما اليميني، لرفيق الحسيني، مدير مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اهتماما كبيرا من طرف المشاركين في الجلسة التي خصصت أمس لمناقشة قضية السلام في الشرق الأوسط ضمن أشغال الدورة الثانية للملتقى المتوسطي لدول الجنوب «ميدايز» الذي يختتم أشغاله اليوم في طنجة.

وتصافح ليفني والحسيني في المرة الأولى عند انطلاق الجلسة العامة قبل جلوسهما في المنصة. وأثارت ليفني الاستغراب عندما بادرت للنهوض من مكانها والتوجه إلى رفيق الحسيني ومصافحته مرة ثانية بعد انتهائه من إلقاء كلمته.

وتناولت ليفني الكلمة قبل الحسيني، وعبرت عن تفهمها للمطالب الفلسطينية، خاصة المتعلقة بسياسة الاستيطان الإسرائيلية. ودعت ليفني إلى ضرورة تفهم المشكلة، وحصرها في حدوده الفلسطينية الإسرائيلية، وعدم إضفاء الطابع الديني عليها. وقالت إن مشكلة الشرق الأوسط مشكلة فلسطينية إسرائيلية، وليس يهودية إسلامية أو عربية إسرائيلية. وأضافت أن المشكلة يمكن حلها عبر جلوس الطرفين إلى طاولة الحوار والتفاوض والتفاهم بينهما. وانتقدت ليفني تصلب موقف الحكومة الإسرائيلية ما يخص الاستيطان. وعلى الرغم من أن مواقف ليفني فاجأت كثير من الحاضرين، فإن متابعين اعتبروا أن مرونة المواقف التي عبرت عنها ليفني في طنجة ناتجة عن عدم وجود ليفني في الحكومة. من جهته عبر رفيق الحسيني عن موقف السلطة الفلسطينية، وربط بين استمرار المفاوضات وحل مشكلة القدس والمستوطنات. واستغرب الحسيني أن يجد نفسه مضطرا للحصول على تأشيرة من السلطات الإسرائيلية ليزور القدس، موطن أجداده الذي ولد فيه وترعرع.

وكان علي بنجلون، الناطق الرسمي باسم معهد «أماديوس» المنظم للمنتدى، دافع عن حضور ليفني الذي أثار احتجاجا لدى بعض الأوساط السياسية والحقوقية المغربية، وقال في تصريحات صحافية إنه تمت دعوة ليفني لحضور المنتدى من أجل إلقاء مداخلة في جلسة عمل خصصت لمحور «تسوية الأزمات» والتي ستتناول قضية الشرق الأوسط. وبرر بنجلون حضور ليفني كذلك، بأنه «لم يبق لها دور في السياسة الإسرائيلية، والسلطة التنفيذية منها على الخصوص» على حد تعبيره. وأضاف بنجلون، أن تنظيم المعهد للمنتدى يأتي امتدادا للسياسة الخارجية التي تنهجها بعض الدول العربية، وعلى رأسها المغرب، وهي سياسة اليد الممدودة للطرف الآخر، لأن السلم والمفاوضات والتفاهم حول منتديات سياسية على شاكلة «ميدايز» هو السبيل الوحيد، من وجهة نظره، للخروج من الأزمة.

يشار إلى أن ليفني وصلت إلى فندق موفنبيك مرفوقة بعدد من حراسها الشخصيين، حيث تكفل بعد ذلك حراس أمن مغاربة بالحراسة وتم إبعاد الحراس الإسرائيليين. ولم تبد على ملامح ليفني، التي تتهمها هيئات حقوقية مغربية ودولية بارتكاب جرائم حرب، عند اجتياح غزة في ديسمبر (كانون الأول) من السنة الماضية، علامات قلق من جراء مطلب تقدمت بها هذه الهيئات لاعتقالها ومحاكمتها حال وصولها إلى المغرب للمشاركة في هذا المؤتمر.

إلى ذلك قال الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية المغربي إن «المغرب يؤكد من جديد على أهمية الإطلاق الفوري لمفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أسس سليمة ومتينة». وتساءل الوزير المغربي «لماذا نضيع مزيدا من الوقت إذا كان العالم بأسره متفقا على النتيجة النهائية، وهي قيام دولة فلسطينية مستقلة؟»، منددا في الوقت ذاته بالسياسة «اللا قانونية» للاستيطان الإسرائيلي فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخصوصا في القدس. وأضاف الفاسي الفهري، الذي أدان السياسة الإسرائيلية لنزع الطابع العربي على القدس الشريف، أن «سياسة الاستيطان لا قانونية ولا شرعية»، مشيدا بالاهتمام الذي توليه الإدارة الأميركية الجديدة لحل النزاع بالشرق الأوسط والتزامها بأفق حل الدولتين، إسرائيلية وفلسطينية، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام. وبخصوص أفريقيا، أبرز الوزير أهمية التضامن والتعاون جنوب ـ جنوب الذي يدعو إليه المغرب ويبلوره، مشددا على الحكامة الجيدة وكذا على الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والصين واليابان وأميركا الجنوبية، من أجل تمكين القارة الأفريقية من حل مشاكلها واستدراك تأخرها في مجالات الاقتصاد والصحة والتعليم. من جهته، قال ميغيل أنخيل موراتينوس، وزير الخارجية الإسباني إن إسبانيا والمغرب يعملان معا من أجل تحفيز مبادرات جديدة للتعاون والشراكة، وفي هذا الاتجاه يمكن أن يشكل المغرب، بالنظر إلى موقعه الاستراتيجي والتزامه الراسخ، حلقة وصل بين القارات الثلاث.