هيرمان فان رومبي البلجيكي رئيسا للاتحاد الأوروبي.. وكاترين أشتون البريطانية وزيرة للخارجية

الرئيس الجديد قال إنه سيكتفي بلعب دور مسهل للتسويات بين دول الاتحاد > صحف تركية تعبر عن استيائها من اختيار رئيس معارض لانضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي

TT

نجح قادة أوروبا في تجاوز خلافاتهم واتفقوا على انتخاب رئيس وزراء بلجيكا هيرمان فان رومبوي رئيسا للاتحاد الاوروبي، والبريطانية كاترين اشتون مسؤولة عن السياسة الخارجية. وعندما سألت «الشرق الاوسط» رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروسو، حول ما اذا كان نجاح القادة في تجاوز الخلافات هو بمثابة رسالة الى الرأي العام الاوروبي، قال باروسو انها «رسالة ثقة». وأضاف:«اردنا ان نؤكد للرأي العام الاوروبي اننا قادرون على تجاوز الخلافات والمضي قدما على طريق المشروع الاوروبي الوحدوي».

واشاد باروسو برئيس الاتحاد الاوروبي الجديد، كما أشاد بالمسؤولة عن السياسة الخارجية، او وزيرة الخارجية الجديدة، اشتون. وقال انه يعرفها جيدا وسبق ان عمل معها وهي مفوضة التجارة الخارجية. وأضاف باروسو ان القادة اختاروا الافضل ومن يتوفر فيه الشروط المطلوبة لشغل تلك المناصب. وتوصل القادة إلى هذا القرار، بعد أن تخلت بريطانيا عن مطالبها بتولي رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير رئاسة الاتحاد. وفور تسميته للمنصب الجديد قال رومبوي:«لم أبحث عن هذا المنصب الجديد.. ولم اتخذ أي خطوات للحصول عليه، لكنني أقبل هذه المهمة باقتناع كامل وبحماس لأدائها». وسيترأس رئيس الاتحاد اجتماعات المجلس الأوروبي التي سترسم فيها سياسة الاتحاد، وسيكون مخولا لاعتماد صرف مليارات الدولارات في أوجه مختلفة. أما كاترين آشتون، فقد شغلت مناصب وزارية في عدد من الحكومات العمالية في بريطانيا. وقد درست آشتون (53 عاما) الاقتصاد في جامعة لندن ثم عملت في عدد من منظمات المجتمع المدني، وترأست إحدى الجمعيات الخيرية التي أنشأها الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني.

وفي نهاية القمة التي استضافتها بروكسل بشكل استثنائي، انعقد مؤتمر صحافي بمشاركة الرئيس الجديد للاتحاد ووزيرة الخارجية وبحضور باروسو ورئيس وزراء السويد فردريك راينفلدت التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الاوروبي. وخلال المؤتمر الصحافي، قال الرئيس الجديد للاتحاد الاوروبي فان رمبوي، ان على اوروبا ان تؤدي«دورا مهما» في العالم.

واضاف فان رومبوي ان «من مسؤولية اوروبا ان تؤدي دورا مهما في العالم»، لكنه اوضح انه سيكتفي في منصبه كرئيس للمجلس الاوروبي بدور مسهل للتسويات بين دول الاتحاد. وابدى فان رومبوي الذي يتسلم مهماته في اول يناير (كانون الثاني) تأييده «لمواصلة الاتحاد الاوروبي توسعه ليشمل دولا اخرى» في الاعوام المقبلة،«شرط ان تفي بالمعايير» المطلوبة. ويعتبر كلامه هذا بمثابة رد غير مباشر على من يتهمونه بأنه يعارض انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. ومن المعروف ان فان رومبي من أشد المعارضين لانضمام تركيا للاتحاد الاوروبي، وقد أوضح ذلك في تصريحات سابقة له، وهو ما أكسبه جزئيا دعم المانيا وفرنسا المعارضين لانضمام تركيا ايضا. وقد أثار تعيين فان رومبي رئيسا للاتحاد الأوروبي قلقا في تركيا، بسبب تعليقات بلجيكا السابقة ضد انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي. وخرجت العناوين الرئيسية لكبرى الصحف التركية تنقل خبر تعيين فان رومبي، بلهجة أقرب إلى الإنذار، حيث كتبت صحيفة راديكال اليومية «أخبار سيئة»، بينما قالت صحيفة فاتان، وهي صحيفة يومية كبرى أخرى «معارض لتركيا يرأس الاتحاد الأوروبي».

وأشارت التقارير الصحافية بشكل خاص إلى تعليق منسوب لرومبي خلال خطاب ألقاه إبان توليه رئاسة الوزراء في بلاده وقال فيه «تركيا ليست جزءا من أوروبا ولن تكون جزءا من أوروبا أبداً».

وكان مسؤولون أتراك أعربوا أخيراً عن مخاوفهم من تزايد المعارضة لمساعي أنقرة للانضمام للاتحاد الأوروبي لدرجة أن خطط فرنسا وألمانيا لمنح تركيا «شراكة متميزة» في التكتل الأوروبي تتراجع شيئاً فشيئاً. ودعا الرئيس التركي، عبد الله غل، خلال حديث أدلى به للصحافيين الأربعاء الماضي، الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء للوفاء بما ينص عليه الاتفاق المبرم عام 2004 بفتح باب المفاوضات مع أنقرة بشأن الانضمام للاتحاد. وقال غل: «كان هناك قرار اتخذ بالإجماع بعد جدل مطول.. إن احترام الوعود مبدأ أساسي في القانون.. وهو ملزم للجميع».

وحسب نصوص معاهدة لشبونة، فقد اصبح فان رومبوي أول رئيس دائم للمجلس الأوروبي لفترة تقدر بسنتين ونصف السنة. وبحسب العديد من المراقبين في بروكسل فإن تعيين فان رومبوي في هذا المنصب الرفيع جاء بعد أن بات محل إجماع قادة الاتحاد الأوروبي، خاصة بدعم كبير من باريس وبرلين ورفع التحفظ البريطاني على تعيينه. واكد رئيس الوزراء السويدي فريدريك رينفيلت «سيكون رئيسا ممتازا».

وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من جهته:«لطالما اعتقدت بضرورة اختيار رئيس قوي»، مشيرا الى ان «حلولا اخرى» كانت مطروحة «ولا سيما منها اختيار توني بلير». واضاف «لكني مقتنع بأن هرمان فون رومبوي قادر على التفاوض وسيحمل بفخر علم اوروبا». وقال«لم يقع اختيارنا عليه لتعذر ايجاد بديل». وخصال فان رومبوي المعروف بأنه متكتم ورجل التسويات بلا منازع، فتحت الطريق أمام اتفاق القادة الأوروبيين على تعيينه في المنصب، كما أن فان رومبوي أكد قدراته التفاوضية بعد توليه رئاسة الحكومة البلجيكية منذ الثلاثين من ديسمبر (كانون الأول) من عام 2008، بعد استقالة سلفه ايف لوتارم وتمكنه من حل الخلاف العميق بين الفلامنك والفالون. هرمان فان رومبوي يكتب الشعر ويحب الطبيعة، ولكن الأهم انه ساعد في إنقاذ بلجيكا من أن الانهيار والانقسام. ويرى المراقبون في بروكسل ان اختيار فان رومبوي للمنصب الاوروبي الجديد سيكون له انعكاسات على بلجيكا وسط مخاوف من عودتها الى حالة عدم الاستقرار السياسي. وتبدأ مرحلة جديدة من البحث عن رئيس حكومة ليخلف فان رومبوي، بالرغم من ان التوقعات هنا تشير الى احتمال عودة رئيس الوزراء السابق ايف لوترم لمنصبه بعد أن شغل مؤخرا منصب وزير الخارجية في حكومة فان رومبوي.

وقد اثار ايضا اختيار كاثرين اشتون الدهشة، لأنها حديثة العهد في المجال السياسي. وهي تشغل اليوم منصب المفوضة الاوروبية البريطانية المسؤولة عن الملفات التجارية. غير انها قالت مساء أول أمس:«انا لا ازعم اني خبيرة» لكن«احكموا علي من خلال افعالي». وقد استفادت اشتون على ما يبدو من عاملين: الرغبة في تعيين احد رعايا التاج البريطاني لارسال «اشارة» ايجابية الى بريطانيا، فيما تلوح في الافق عودة المحافظين البريطانيين الى الحكم في ربيع 2010. واختيرت ايضا لأن عددا كبيرا من البلدان اراد تعيين امرأة في هذا المنصب.

وتعليقا على انتخاب اول رئيس للاتحاد الاوروبي، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف امس ان روسيا تأمل ان يتكلم الاتحاد الاوروبي«بصوت واحد». وقال لافروف في مؤتمر صحافي مع نظيره الالماني غيدو فسترفيلي«نأمل ان يتحرك الاتحاد الاوروبي بسرعة اكبر حيال المسائل الدولية، وان يتكلم بصوت واحد». واضاف ان روسيا ترغب ايضا في«ان يكون الاتحاد الاوروبي اقوى واكثر فاعلية». واشار الى ان موسكو ترغب في التعاون مع المسؤولين الجدد في الاتحاد الاوروبي. من جهتها، قدمت الصين تهانيها «الحارة» لاول رئيس للاتحاد الاوروبي، واعتبر رئيس الوزراء الصيني وين جياباو ان هذه الخطوة تشكل«مرحلة مهمة» على طريق التكامل الاوروبي.