الصومال.. معبر للأسلحة والانتحاريين إلى متمردي اليمن وبيئة ملائمة لتدريب «الإرهابيين»

مصادر أمنية لـ «الشرق الأوسط»: انتحاريون عبروا إلى اليمن.. ومخاوف من قيام «القاعدة» بأعمال القراصنة

TT

تتزايد التكهنات والتقارير التي تربط ظاهرة القرصنة البحرية في المياه قبالة سواحل الصومال وخليج عدن بأنشطة جديدة أخرى غير خطف السفن، هي تهريبشء الأسلحة والبشر بطريقة غير مشروعة ما بين اليمن والصومال.

وأظهرت عدة تقارير بأن القراصنة يقومون بتهريب البشر من الصومال إلي اليمن، حيث يستخدمونهم كدروع بشرية للاحتماء بالمهاجرين غير الشرعيين من السفن الحربية، التي لن تطلق النار على قوارب القراصنة، عندما يجدونها تغص بالناس، ومن هنا ظهرت مخاوف أخري من إمكانية انتقال المقاتلين من وإلي اليمن عبر خليج عدن والبحر الأحمر، وهناك مخاوف من أن يستغل عناصر «القاعدة» هذا الأمر، لاستخدام عصابات القراصنة من أجل تهريب مقاتلين أجانب من وإلي اليمن.

وأكدت مصادر أمنية صومالية لـ«الشرق الأوسط»، أن انتحاريين عبروا خليج عدن إلى اليمن قبل أشهر، ويعتقد أنهم انضموا إلي صفوف جماعة الحوثيين المتمردة في اليمن. ويقال إن الانتحاري الذي فجر نفسه في السياح الكوريين في مدينة شبام الأثرية في اليمن بداية هذا العام كان قد تلقى تدريباته في الصومال. وأصبحت مشكلة القرصنة في الفترة الأخيرة مشكلة أكثر تعقيدا، ففي الوقت الذي كانت فيه الظاهرة، تشكل تهديدا للتجارة العالمية في ممر خليج عدن وباب المندب، فحسب، تظهر مخاوف أخري مثل تهريب الأسلحة والمقاتلين إلي اليمن.

يقول بعض المحللين الصوماليين إن العلاقات التاريخية والجغرافية بين الصومال واليمن، وخاصة في ظل وجود جالية يمنية كبيرة في الصومال، ووجود عدد كبير من اللاجئين الصوماليين في اليمن، تحتم وجود علاقة ما بين أطراف يمنية والقراصنة الصوماليين، ما يمكن للقراصنة أن يهربوا الأسلحة والمقاتلين إلي اليمن. أما وجود علاقة ما بين القراصنة والجماعات المعارضة للحكومة الصومالية فليس هناك أي أدلة تشير إلى وجود صلة ما بين الطرفين. وكانت تقارير الأمم المتحدة التي ترصد عمليات تهريب الأسلحة في منطقة القرن الأفريقي أشارت في وقت سابق إلى أن هناك أدلة على أن عصابات القرصنة قد أنشأت علاقات مع مسؤولين محليين في الصومال، كما أن هناك علاقة قوية بين عناصر القراصنة ومهربي البشر إلي اليمن، حيث يتبادلان المعلومات، كما أن المهربين يقومون بعض المرات عند عودتهم من نقل اللاجئين الصوماليين إلى السواحل اليمنية بالمشاركة في بعض عمليات القرصنة. وكما يهرب القراصنة البشر تشير مصادر أخري إلي أنهم يمارسون أيضا تهريب الأسلحة من وإلي اليمن عبر قوارب التهريب، ويعتقد بعض الخبراء أن هناك إمكانية من أن يدفع القراصنة أموالا كرشوة لتهريب أسلحة من وإلي اليمن، ولا سيما أن الدافع الرئيسي وراء أنشطة القراصنة هو الحصول علي الأموال، حيث يعملون لصالح كل من يقدم لهم أمولا. ولذلك فإن عمليات تهريب البشر وتهريب الأسلحة وعمليات القرصنة كلها تعمل وفق شبكة واحدة هدفها الحصول علي أموال. وكانت قوات حرس الحدود السعودية قد أعلنت قبل أيام عن أنها ألقت القبض على صوماليين، بالقرب من الحدود السعودية اليمنية، وهم يهربون أسلحة بصفة غير قانونية إلى المتمردين الحوثيين في اليمن، وذكرت القوات السعودية أنها ألقت القبض على المهربين في وقت كانت قوات الحدود تقوم بعلميات بحث في مناطق يعتقد أنها تشكل معاقل للحوثيين، وإلي جانب الصوماليين جنسيات غير صومالية من بينهم إثيوبيون وأفغان كانوا يريدون تقديم العون والمساعدة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن الذين يخوضون حربا مع دولة اليمن. من جهتها كانت اليمن قد أعلنت في وقت سابق وجود مقاتلين صوماليين يحاربون في صفوف المتمردين الحوثيين في صعدة، حيث تم إلقاء القبض علي سبعة منهم، إلا أن إعلان السعودية عن ضبط صوماليين يهربون أسلحة بهدف إيصالها إلى المقاتلين الحوثيين، يعد الأول من نوعه. هذه الأمور كلها تظهر علي أن هناك جهات صومالية تمارس عمليات نقل الأسلحة إلي المتمردين الحوثيين في اليمن. وأصبحت السواحل اليمنية في الفترة الأخيرة تشهد نشاطا ملفتا لتهريب الأسلحة المتنقلة مابين اليمن والصومال، حيث إن المياه الإقليمية اليمنية مثلت البوابة الواسعة لتهريب السلاح، بسبب أنها مفتوحة لعمليات التهريب الخطرة، إضافة إلي أن شواطئ الصومال كانت هي الأخرى مفتوحة لهذه العمليات منذ سنوات عدة. وعملية نقل الأسلحة غير الشرعية ما بين الصومال واليمن ليست وليدة اللحظة، فبعض الأسلحة التي تتدفق إلي الصومال منذ فترة كانت تأتي من اليمن حسب ما أشارت تقارير للأمم المتحدة. وفيما يستخدم القراصنة تهريب البشر كدروع بشرية للاحتماء بالمهاجرين غير الشرعيين من السفن الحربية، التي لن تطلق النار على قوارب القراصنة، عندما يجدونها تغص بالناس، ينقلون الأسلحة طمعا في الأرباح. ولم يستبعد بعض المحللين ضلوع إريتريا في تنامي أعمال القرصنة في سواحل الصومال وخليج عدن، إثر اتهامها بتقديم السلاح للمتمردين الصوماليين، الذي قد يذهب جزء منه حتى بطريقة غير مقصودة إلى متمردي اليمن عن طريق التهريب.

وتدعو مسودة قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى فرض حظر على مبيعات الأسلحة لإريتريا، وحظر سفر وتجميد أصول أفراد في الحكومة والجيش لمساعدتهم متمردين في الصومال. وقال دبلوماسيون أن أوغندا التي تشغل أحد مقاعد مجلس الأمن العشر غير الدائمة هي التي أعدت مشروع القرار الذي وزع على بقية أعضاء المجلس، الذي يضم 15 عضوا. وتتهم الولايات المتحدة وأعضاء آخرون في المجلس إريتريا بتزويد متمردي حركة «الشباب المجاهدين» التي تحارب من أجل الإطاحة بحكومة الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد بالأموال والأسلحة.

ومن الإجراءات التي طالب مشروع القرار باتخاذها حظر كل مبيعات «الأسلحة والذخائر والعربات والعتاد العسكريين وعتاد قوات الأمن وقطع الغيار» لأسمرة. كما يطالب مشروع القرار بحظر تزويد إريتريا «بمساعدات فنية والتدريب وبمساعدات مالية ومساعدات أخرى مرتبطة بالأنشطة العسكرية». وحذر كل من مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة أسمرة من زعزعة استقرار الصومال. وتنفي إريتريا دعم الشباب، وقالت إن تهديد الأمم المتحدة بفرض عقوبات «لا يقلقها على الإطلاق». وقالت هيئة لمراقبة الأسلحة تابعة للأمم المتحدة شكلت لتسجيل انتهاكات حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على الصومال في عام 1992، إن أسمرة ترسل شحنات من الذخيرة بالطائرات والسفن إلى متمردي الصومال كما تزودهم بالدعم في الإمدادات والمؤن. ولم يتضح متى سيصوت المجلس على القرار. وقال دبلوماسيون إنه سيكون بحاجة لمراجعة لتجنب ممارسة روسيا أو الصين لحق النقض «الفيتو» حيث لا تميل الدولتان لتأييد العقوبات بشكل عام. وسيسمح القرار للدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتفتيش «كل الشحنات الواردة أو الصادرة من الصومال وإريتريا» عن طريق البر والبحر إذا كان لديها ما يبرر الاشتباه في أن الشحنات تشتمل على مواد محظورة.