مبارك: نرفض المساس بكرامة مواطنينا في الخارج.. والدولة مسؤولة عن رعايتهم

حذر في افتتاح البرلمان إيران من التدخل في الشأن العربي.. وحمل إسرائيل مسؤولية تقويض فرص السلام

رجال شرطة مصريون في حالة تأهب لمنع المحتجين من الاقتراب من السفارة الجزائرية في القاهرة، وبدت اشارة ضوئية محطمة في اليوم الثاني من الاحتجاجات المصرية ضد الجزائر (أ. ف. ب)
TT

افتتح الرئيس المصري حسني مبارك، أمس، في القاهرة، الدورة الجديدة للبرلمان المصري. فبينما تحدث في خطاب الافتتاح، الذي ألقاه في جلسة مشتركة جمعت بين مجلسي الشعب والشورى، عن «كرامة المصريين»، شدد على رفض مصر المساس بمواطنيها في الخارج. وقال «إن رعاية مواطنينا بالخارج مسؤولية الدولة، نرعى حقوقهم ولا نقبل المساس بهم، أو التطاول عليهم، أو امتهان كرامتهم». وأضاف «أقول بكلمات واضحة، إن كرامة المصريين من كرامة مصر، ومصر لا تتهاون مع من يسيء لكرامة أبنائها». وحاول النواب حث الرئيس مبارك على ذكر الجزائر، لكنه لم يذكرها بالاسم، وطالبهم بعدم الانفعال قائلا «لا نريد أن ننفعل بسرعة»، وتابع موضحا بالعامية المصرية «بانفعل لكن بامسك نفسي».

وكانت المشكلات التي وقعت بين مشجعي فريقي الجزائر ومصر في السودان قبل وأثناء وبعد مباراة فريقي البلدين في السودان يوم الأربعاء الماضي قد أثارت أزمة دبلوماسية وشعبية حادة بين القاهرة والجزائر، أعقبها استدعاء مصر لسفيرها هناك للتشاور.. كما تفاعلت الهيئات والمؤسسات والنقابات المهنية المصرية مع القرار واتخذت قرارات بمقاطعة المؤسسات الجزائرية المناظرة لها.

وشدد مبارك على تماسك اللحمة المصرية قائلا «إنني كرئيس لكل المصريين، أؤمن بأننا جميعا أغلبية ومعارضة في خندق واحد، ندافع عن القيم والمصالح المشتركة لشعبنا، وتجمعنا وحدة الهدف والمصير، وإنني أمد يدي لكل مصري ومصرية لنعمل، يدا بيد، من أجل الوطن».

وفي الشأن الإقليمي حذر الرئيس المصري، إيران من التدخل في الشأن العربي وقال «لن نتردد في اتخاذ مواقف تتصدى لمحاولات زعزعة الاستقرار وتحمي أمن مصر القومي في صلته بأمن منطقة الخليج والبحر الأحمر وأمن الشرق الأوسط بوجه عام».

وتناول مبارك الوضع الفلسطيني وعملية السلام في الشرق الأوسط، محملا إسرائيل المسؤولية كاملة عن تجميد المفاوضات وما آل إليه الوضع في المنطقة، قائلا «ستبقى القضية الفلسطينية أولوية رئيسية في تحرك سياستنا الخارجية، وسيظل غياب السلام العادل هو الخطر الأكبر في منطقتنا رغم تعدد المخاطر والتهديدات المحدقة بالشرق الأوسط بما في ذلك الجدل حول برنامج إيران النووي، والوضع في أفغانستان بتداعياته على الساحة الباكستانية وانعكاسات كل ذلك على الأمن الإقليمي بالمنطقة العربية».

وأضاف «لقد لاحت فرصة جديدة لإحياء عملية السلام في مطلع العام الحالي، إلا أن الآمال التي تطلعت إليها سرعان ما تراجعت، ولا تزال جهود كسر الجمود الحالي تراوح مكانها، وتصطدم بمواقف إسرائيلية متعنتة لا تقرن حديثها عن السلام بسياسات تستجيب لمرجعياته واستحقاقاته»، وتابع موضحا «أقول بعبارات لا تحتمل اللبس، إن إسرائيل تقوض فرص السلام بمخططاتها لتهويد القدس وحفرياتها في محيط المسجد الأقصى، ومواجهات مستوطنيها وقواتها مع الفلسطينيين في الحرم الشريف، أقول لقادتها إنكم تضعون عقبات جديدة في طريق السلام بدعوتكم للاعتراف بيهودية الدولة والتفاوض على حدود (مؤقتة) للدولة الفلسطينية، واستبعاد القدس من مفاوضات الحل النهائي، وأقول لهم أوقفوا ممارساتكم في الضفة الغربية، ارفعوا حصاركم عن غزة.. كفاكم تعنتا ومراوغة، وامتثلوا لنداء السلام».

وأكد أن مصر ستظل على استعداد لدعم كل جهد صادق ونزيه يوقف الاستيطان بالأراضي المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية، ويستأنف المفاوضات من حيث انتهت مع الحكومة الإسرائيلية السابقة وفق إطار زمني محدد، وضمانات واضحة. مفاوضات جادة، تلتزم بالشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام، تحقق السلام العادل وتقيم الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.. وفي السياق ذاته، فإننا لن نفقد الأمل في إنهاء الانقسام الفلسطيني الراهن، فهو متطلب ضروري للدفاع عن قضيتهم، ورفع المعاناة عن شعبهم، لقد بذلنا جهودا مضنية منذ شهر مارس (آذار) الماضي من أجل وفاق وطني يحقق المصالحة بين السلطة الوطنية والفصائل».

ولفت إلى أن مصر «واصلت جهودها بصبر رغم تباعد الرؤى والمواقف بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد، ورغم ضغوط خارجية نعلمها، مورست على الفصائل لإفشال الجهود المصرية».

وقال معلقا «إن مصر لن تقبل المزيد من المماطلة أو أن تستمر هذه الجهود إلى ما لا نهاية، وعلى الفصائل أن تتحمل مسؤوليتها أمام شعب فلسطين، وأمام التاريخ».

وفي ما يتعلق بالدوائر التي تتحرك فيها مصر، قال مبارك «يأتي في قلب دائرة تحركنا الأفريقي تأمين إمدادات المياه في صلتها الوثيقة بالأمن الغذائي وأمن مصر القومي، نولي اهتماما فائقا لدعم علاقاتنا بدول حوض النيل، ونثق في قدرتنا على التوصل معا لرؤية مشتركة تتأسس على التعاون لا التنافس، تحقق مصالح دول المنبع، وتحفظ حقوق مصر واستخداماتها الحالية لمياه النيل».

وحول التعاون مع أوروبا «تولي دائرة تحركنا الأوروبي والدولي اهتماما خاصا لقضية أمن الطاقة باعتبارها قضية أساسية في إدارة العلاقات الاستراتيجية والسياسية بين الدول، نعمل على تأمين احتياجات الطاقة لأجيال المستقبل، ونسعى لتعزيز القيمة الاستراتيجية لمصر.. كمركز إقليمي لتجارة وتخزين وتداول الطاقة عبر شبكات الربط الكهربائي وخطوط الغاز، نواصل تنويع وتطوير وترشيد استخدامات الطاقة، ونمضى في برنامجنا لإقامة المحطات النووية لتوليد الكهرباء».

وواصل مبارك القول «لقد أصبح هذا البرنامج عنصرا أساسيا من عناصر استراتيجيتنا القومية للطاقة، إنني أتلقى تقارير دورية من الحكومة حول استكمال الإطار التشريعي والهياكل المؤسسية والإجراءات التنفيذية للبرنامج، وأتابع اتصالاتنا بالوكالة الدولية للطاقة الذرية وبكل من يبدي استعدادا للتعاون معنا من الدول الصديقة، ودعوني أؤكد لكم بعبارات واضحة أن مصر ماضية في تنفيذ هذا البرنامج القومي دون تردد، تحترم التزاماتها الدولية وفق معاهدة منع الانتشار ولا نقبل أن تكبل حركتها ضغوط أو مشروطيات».

وفي الشأن الداخلي تحدث مبارك عن استمرار برامج الإصلاح الاقتصادي وقال إن الحكومة ستقدم للبرلمان في دورته الجديدة عدة مشروعات قوانين لدعم قطاعات الزراعة ودعم الفلاح، والتأمين الصحي وغيرها من القوانين.