إيران: الحكم على أبطحي بالسجن 6 سنوات.. وإطلاقه «مؤقتا» بكفالة 700 ألف دولار

موسوي يطلب من الحكومة الإيرانية التوقف عن الترويع: حركتنا ستستمر ومستعدون لدفع أي ثمن

محمد علي أبطحي (إ.ب.أ)
TT

أفرجت السلطات الإيرانية أمس عن الإصلاحي البارز محمد علي أبطحي، المتهم بإذكاء الاضطرابات السياسية في إيران، بعد الانتخابات الرئاسية في يونيو الماضي، وذلك بكفالة قدرها سبعة مليارات ريال (نحو 700 ألف دولار). وجاء قرار إطلاق سراحه بكفالة بعدما حكم عليه بالسجن 6 سنوات بتهمة إثارة القلاقل والشغب خلال الانتخابات. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإيرانية «إرنا» عن المدعي العام في طهران عباس جعفري دولت أبادي، قوله إن أبطحي الذي كان نائبا للرئيس خلال فترة رئاسة محمد خاتمي، من عام 1997 حتى عام 2005، أفرج عنه «مؤقتا». وقال جعفري، إن أبطحي «أفرج عنه مؤقتا بعد استكمال المحاكمة وإصدار الحكم وجمع قيمة الكفالة وقدرها سبعة مليارات ريال، نحو 700 ألف دولار». ولم تعط الوكالة تفاصيل عن الحكم، لكن بعض الصحف الإصلاحية الإيرانية وأحد المواقع على الإنترنت أوردت في وقت سابق أن الحكم صدر على أبطحي بالسجن ست سنوات، وقال الموقع، إن محامي أبطحي سيحاول الحصول على إفراج عنه بكفالة. وسيصبح أبطحي أبرز إصلاحي يسجن حتى الآن بعد انتخابات الرئاسة الإيرانية المتنازع على نتائجها، التي أجريت قبل خمسة أشهر. وكان بين عشرات الإصلاحيين البارزين الذين ألقي القبض عليهم بعد انتهاء الانتخابات لاتهامهم بمحاولة الإطاحة بالمؤسسة الدينية.

وكان رجل الدين أبطحي نائبا للرئيس الإيراني للشؤون البرلمانية والقانونية خلال فترة رئاسة محمد خاتمي من عام 1997 إلى عام 2005. وقالت صحيفة «جهان» اقتصاد اليومية إنه أبلغ رسميا بهذا الحكم أول من أمس. كما نقلت الصحف الإيرانية عن ابنته فاطمة أبطحي قولها، إن قوات الأمن فتشت منزل والدها في طهران في وجوده أول من أمس، وأخذوه بعدها إلى محكمة حيث أبلغ بالحكم ثم عاد إلى السجن.

وقالت الهيئة القضائية الإيرانية الأسبوع الماضي، إن خمسة أشخاص حكم عليهم بالإعدام وصدرت على 81 شخصا أحكام بالسجن فترات تصل إلى 15 عاما بتهم ذات صلة بالاحتجاجات والعنف بعد الانتخابات، لكنها لم تعلن عن أسمائهم. ويمكن استئناف هذه الأحكام.

وتقول المعارضة المعتدلة، إنه جرى التلاعب في الانتخابات لضمان فوز الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية. وترفض السلطات هذه المزاعم وقالت، إن احتجاجات المعارضة التي اندلعت بعد الانتخابات مدعومة من الخارج.

وعزز الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي فوز أحمدي نجاد، وقال إن التشكيك في الانتخابات جريمة. وأدانت لجنة حقوق الإنسان التابعة للجمعية العامة بالأمم المتحدة في الأسبوع الماضي إيران لقمعها المحتجين المعارضين. وانتقد سفير طهران بالأمم المتحدة هذا القرار بشدة.

وكان أبطحي مستشارا كبيرا لرجل الدين الإصلاحي مهدي كروبي، الذي جاء في المركز الرابع في انتخابات الرئاسة في 12 يونيو. وألقي القبض على ألاف الأشخاص بعد الانتخابات التي أغرقت إيران في أخطر أزمة داخلية منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

وأطلق سراح أغلبهم منذ ذلك الحين، لكن لا يزال أكثر من 100 مسجون بتهم إثارة الاضطرابات عقب الانتخابات. ونددت المعارضة بالمحاكمات التي أجريت، ووصفتها بأنها «محاكمات صورية». وخلال محاكمة جماعية جرت في أغسطس (آب) قالت وكالة أنباء شبه رسمية، إن أبطحي أقر بأن الزعم بحدوث تلاعب في الانتخابات كان مجرد حجة تهدف إلى إثارة احتجاجات حاشدة.

ودعا محمد نبي حبيبي، وهو زعيم حزب محافظ، أول من أمس، إلى محاكمة زعيم المعارضة مير حسين موسوي، بتهمة «البهتان» بادعائه وقوع تلاعب في انتخابات الرئاسة الإيرانية. وربما يتسبب أي تحرك قانوني ضد موسوي في احتجاجات جديدة في الشوارع من جانب مؤيديه. وحل موسوي ثانيا في الانتخابات وتعهد بمواصلة مسعاه نحو الإصلاح السياسي في إيران. كما دعا محافظون آخرون إلى اتخاذ إجراء قانوني ضد موسوي وهو رئيس وزراء سابق إصلاحي.

ويأتي ذلك فيما ذكر موقع إصلاحي إيراني على الإنترنت، أن موسوي قال، إن الحكومة الإيرانية عليها التوقف عن ترويع الناس لمحاولة تغيير آرائهم السياسية. وسبقت تصريحات موسوي تجمعا من المقرر أن يقوم به إصلاحيون لإحياء ذكرى مقتل زوجين من الإصلاحيين المعتدلين لقيا حتفهما طعنا على أيدي عناصر «مارقة» عام 1998. ونقل موقع كلمة عن موسوي قوله: «يجب ألا تروع الحكومة الناس لكي يغيروا مسارهم، هذه الحركة ستستمر ونحن مستعدون لدفع أي ثمن». وكانت قوات الأمن الإيرانية حذرت المعارضة مطالبة إياها بعدم المشاركة في «أعمال شغب بالشوارع» في محاولة لتفادي تجدد الاحتجاجات التي اندلعت بالشوارع بعد انتخابات الرئاسة. وكان مقتل المثقفين والصحافيين الإصلاحيين داريوش فروهر، وزوجته واثنين آخرين على الأقل من الشخصيات العلمانية قد أثار غضب المجتمع الإيراني، وحدثت الجريمة في مطلع ولاية الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، في إطار الحرب التي شنها المحافظون ضده. وقال شاهد عيان طلب عدم نشر اسمه، إن الشرطة الإيرانية أغلقت المنطقة المقرر أن تقام بها مراسم إحياء ذكرى داريوش وزوجته. وأضاف «وجود الشرطة وقوات الأمن واضح للغاية في شارع هدايت». وكانت قوات الأمن اشتبكت في الماضي مع ناس أثناء مراسم إحياء ذكرى القتلى، التي تحولت إلى تجمعات حاشدة معارضة.

واشتبكت الشرطة مع أنصار موسوي في طهران في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) عندما حول تجمع حاشد بمناسبة الذكرى الثلاثين لاقتحام السفارة الأميركية إلى أعمال عنف. وتقول المعارضة إن أكثر من 70 شخصا قتلوا في أعمال العنف التي تلت انتخابات الرئاسة الإيرانية، في حين يقول مسؤولون إن عدد القتلى نصف هذا الرقم وأن أفرادا من قوات الأمن بين الضحايا. وألقي القبض على آلاف الأشخاص بعد الانتخابات وصدرت أحكام بالإعدام على خمسة منهم، في حين صدرت أحكام بالسجن لمدد تصل إلى 15 عاما على 81 شخصا. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، قالت يوم الخميس، إن أحكام الإعدام «تطور مؤسف ومحزن للغاية». وطالب رامين مهمانبرست، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية كلينتون باحترام استقلال الهيئة القضائية الإيرانية. ونقلت وسائل الإعلام عنه قوله: «الخمسة كانوا أعضاء بجماعات إرهابية واستهدفوا أشخاصا أبرياء، التدخل في شؤون إيران أمر غير مقبول». إلى ذلك وعلى صعيد آخر، أدان مرشحا الرئاسة أمام محمود أحمدي نجاد، الرئيس السابق للحرس الثوري محسن رضائي، ومير حسين موسوي، خطة حكومية تهدف إلى إلغاء الدعم على الطاقة وبعض المواد الغذائية، علما أن هذا التدبير معمول به منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979. ووافق البرلمان الإيراني في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) على الخطوط الكبرى لمشروع قانون يهدف إلى إلغاء هذا الدعم في غضون خمسة أعوام. واعتبر أبرز منافس لأحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية مير حسين موسوي، أن هذه المبادرة قد «تؤدي إلى فوضى وفساد في المجتمع».

وفي رسالة بثت على مواقع إلكترونية عدة، دعا موسوي البرلمان إلى «الصمود وفرض رقابته» لتفادي استخدام الأموال الناتجة من إلغاء الدعم «في إجراءات شعبوية».

بدوره، اعتبر محسن رضائي أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام، والمرشح الآخر الخاسر في الانتخابات الرئاسية في رسالة وجهها إلى رئيس البرلمان علي لاريجاني، أن «القانون الجديد سيزيد تأثير الاقتصاد العالمي على اقتصاد البلاد».

ودعا رضائي إلى تشكيل مجلس من خبراء ماليين مستقلين لبحث تأثير تطبيق هذا القانون على الحياة اليومية للإيرانيين. وتعتبر الحكومة الإيرانية أن الدعم الذي يشمل الطاقة والمواد الغذائية الأساسية لا تستفيد منه سوى فئة من السكان. وبحسب بعض وسائل الإعلام الإيرانية، فإن هذا الدعم يشكل حتى ثلاثين في المائة من إجمالي الناتج الداخلي في إيران. وأكدت الحكومة أنها ستستعيض عن الدعم بنظام تعويضات لمصلحة الطبقات الأشد فقرا.

لكن الكثير من الخبراء الاقتصاديين الإيرانيين يخشون أن يؤدي هذا التدبير إلى زيادة التضخم.

وتسلط انتقادات موسوي الضوء على مشكلات سياسية محتملة قد تواجه إدارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، عند تنفيذ القانون الهادف إلى إلغاء الدعم بصورة تدريجية عن سلع مثل البنزين والمواد الغذائية الأساسية في السنوات الخمس المقبلة.

وقال موسوي لموقع كلمة على الإنترنت «يوجد دعم في كل اقتصادات العالم، هؤلاء الذين يتصورون أن الدعم أمر سيئ ويجب التخلص منه، مخطئون». ويقول منتقدون، إن القانون الجديد سيؤجج التضخم، ومن المرجح أن يثير غضب كثير من المواطنين الإيرانيين، الذين يكافحون بالفعل لكسب عيشهم في ظل ارتفاع الأسعار. وتقول الحكومة، إن الدعم الحالي، الذي يتكلف ما لا يقل عن 90 مليار دولار سنويا أي نحو 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، يفيد الأغنياء بصورة رئيسية، وأنه سيجري تعويض الفقراء عن إلغائه.

وبموجب الخطة سيجري رفع أسعار الطاقة ومواد أخرى مع توجيه الدعم للمحتاجين بصورة مباشرة. وشأن منتقدين آخرين قال موسوي، إن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المستهلكين. وأضاف: «هذا القانون سيؤدي إلى رفع أسعار بعض المواد الاستهلاكية حتى قبل توجيه الدعم للمحتاجين». وتابع أنه يجب ألا ينظر إلى الفرق بين الأسعار المحلية والعالمية باعتباره نوعا من الدعم. وتساءل عما إذا كانت البلاد على استعداد لدفع أجور العاملين في إيران على أساس المعدلات العالمية. كانت صحيفة إيرانية قالت أول من أمس، إن 70 في المائة من الإيرانيين يكسبون أقل من 4.5 مليون ريال (نحو 450 دولارا) في الشهر.