العراقيون يديرون ظهورهم لخلافات السياسيين ويتهيأون لاستقبال العيد

خطط العوائل البغدادية تتلخص في السفر إلى كردستان والاجتماع حول مائدة فاخرة في مطعم فخم

عراقيون يرقصون في أحد شوارع بغداد متجاهلين الحوادث الأمنية («الشرق الأوسط»)
TT

أدار العراقيون ظهورهم للخلافات التي تعصف بسياسييهم، أو تلك التي يختلقها السياسيون كنوع من الدعاية للانتخابات، حسب تعبير برلماني عراقي، ويتهيأون لاستقبال العيد.

ويبحث العراقيون عن أي مناسبة يتنفسون من خلالها بعيدا عن دخان المعارك السياسية، وليعبروا للسياسيين عن عدم مبالاتهم بطروحاتهم التي «لن تعبر حتى الآن عن أي حرص من قبلهم على مصالح الناس أو البلد، بل عبرت بالدرجة الأولى عن حرص السياسيين والبرلمانيين خاصة على الحصول على أكبر عدد من الامتيازات المادية والمعنوية، لهم ولعوائلهم»، حسب خالد عبد الكريم، الموظف في أحد المصارف العراقية.

وجاءت مناسبة اقتراب العيد الأضحى كأفضل حل لينشغل من خلاله العراقيون بأمور بعيدة عن سوء الأوضاع الأمنية والخدمية والاقتصادية، وعلى الرغم من هذا فإن هذه الأمور لم تعكر صفو العراقيين استعدادا لاستقبال عيد الأضحى المبارك حيث تكتظ الأسواق الكبرى في أرجاء البلاد بأفخر أنواع الملابس والإكسسوارات والأجهزة المنزلية والحلويات تباع بأسعار تتلاءم ومستويات دخل غالبية سكان البلاد.

وتشهد الأسواق والمراكز التجارية في بغداد اكتظاظا كبيرا من قبل المواطنين، فيما تسارع هذه المراكز لعرض منتجاتها طوال فترة النهار وبأرقى الموديلات من مناشئ صينية وتركية وسورية وإيرانية ومصرية وإيطالية تباع جميعا بأسعار متفاوتة لكن غالبيتها تتلاءم ومستويات دخل الأسرة العراقية، بعد التحسن الكبير الذي طرأ على رواتب الموظفين.

تقول مائدة صبري، 44 عاما، موظفة حكومية: «متطلبات العيد تشكل عبئا على الأسر العراقية، وخصوصا الكبيرة منها، كونها متنوعة وموزعة بين شراء الملابس والإكسسوارات ومواد الزينة، فضلا عن تأمين مواد غذائية استعدادا لاستقبال الأهل والأقارب على وجبات طعام عائلية».

وتضيف قائلة لوكالة الأنباء الألمانية: «لا أعتقد أن الأزمة المالية في العالم ستؤثر على استعدادات الأسر العراقية لأن الأسواق تعج بأنواع من البضائع تباع بأسعار تتلاءم ومستويات دخل الأسر». وأعطت وزارة المالية العراقية الضوء الأخضر لجميع الوزارات والمؤسسات الحكومية للبدء بتقديم مواعيد صرف رواتب الموظفين قبيل عيد الأضحى ليتسنى للجميع تهيئة مستلزمات العيد وشراء ملابس جديدة للأطفال، فيما شرعت إدارات مدن الألعاب والملاهي والمنتزهات والمطاعم الكبرى في تهيئة جميع المستلزمات لاستقبال المواطنين طوال أيام العيد. كما شرع عدد من مكاتب شركات السياحة في تنظيم سفرات جماعية إلى إقليم كردستان المشهور بالمواقع السياحية الراقية الآمنة، كما تم تهيئة أعداد كبيرة من الأضاحي لنحرها أول أيام العيد، والتي أخذت أسعارها في الارتفاع هذه الأيام. وقال أمجد عبد الحسن، 56 عاما، وهو معلم: «نأمل أن يكون عيد الأضحى هذا العام مفعما بالحب ونبذ العنف والابتعاد عن كل ما يعكر صفو الناس، وأن يكون فرصة لمراجعة الذات وإعادة أمجاد الروابط الاجتماعية بين الناس».

وأضاف: «سأقضي جزءا من أيام العيد في زيارة الأضرحة المقدسة والمقابر، وسنخصص وقتا لأن نجلس مع العائلة في أحد المطاعم الشهيرة في حي الكرادة ببغداد لتناول وجبة فاخرة، وهو تقليد اعتدنا عليه في السنوات التي سبقت الاحتلال الأميركي للعراق». فيما قالت أم نادية، 41 عاما، ربة بيت: «سنقضي أيام العيد في شمال العراق في إقليم كردستان والاستمتاع بمناظر الطبيعة الخلابة هناك، والاحتفال مع إخوتنا الأكراد في الإقليم، رغم أن الجو بارد مقارنة بمدينة بغداد».

ووضعت الأجهزة الأمنية خططا أمنية ونشر أعداد كبيرة من عناصر الجيش والشرطة بالقرب من المزارات والمراقد المقدسة والمقابر وفي جميع الطرق المؤدية إلى مدن الألعاب لتأمين حماية للزوار الذين يتوقع ازدياد أعدادهم في محيط هذه الأماكن.

وقال أبو مهدي الياسري، 59 عاما، صاحب محل تجاري ببغداد: «تم تهيئة كميات وفيرة وموديلات فاخرة من الملابس للأطفال والنساء لأنها الأكثر رواجا وبأسعار معتدلة». وأضاف: «هناك مستوردون عراقيون في عدد من الدول العربية والأجنبية يحرصون على تجهيز الأسواق العراقية بمنتجات تتلاءم وذوق العائلة العراقية، وهي مشابهة لمثيلاتها في أسواق الدول المجاورة، وخصوصا دول الخليج».

وأوضح: «هناك طلب كبير على البضائع المعروضة، وهذا شيء يفرحنا كثيرا». وشرع أصحاب المحال التجارية في الأحياء الشعبية والأزقة في توفير أعداد كبيرة من لعب الأسلحة من البنادق والمسدسات التي تستهوي الأطفال ويفضلون شراءها في أيام الأعياد، وجميعها من مصادر أجنبية، حيث تنتشر بكثافة وتلقى رواجا رغم الدعوات التي تطلقها الحكومة والمنظمات التي تعنى بالطفولة بمنع شراء مثل هذه الألعاب.

وسيبقى لطقوس العيد في العراق نكهة خاصة ومميزة لا يمكن إزالتها رغم ما تعرض له هذا البلد من مصاعب وأعمال عنف استهدفت نسيجه الاجتماعي منذ الغزو الأميركي في أبريل (نيسان) 2003 وحتى الآن، راح ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء.