وزير الجاليات المغربي: الانطباع السائد بشأن الاهتمام بالمهاجرين في أوروبا وإهمال المقيمين بالدول العربية والأفريقية ليس صحيحا

عامر لـ«الشرق الأوسط»: نمول دراسة 50 طالبا مغربيا تقيم أسرهم في الجزائر

محمد عامر («الشرق الأوسط»)
TT

انتقد مسؤول حكومي مغربي الانطباع السائد داخل وخارج البلاد بشأن الاهتمام بالجاليات المغربية المقيمة في أوروبا، وإهمال تلك التي تقيم في الدول العربية والأفريقية، وقال محمد عامر، وزير الجاليات المغربية في المهجر، إنه يسمع هذا الانطباع في كل مرة يلتقي فيها مغاربة في دولة عربية، وإنه سمع ذلك أخيرا في مصر، لكنه أكد أن هذا الانطباع ليس صحيحا على الإطلاق، مشيرا إلى أن الإحصائيات الرسمية تقدر عدد المغاربة في الدول العربية بحوالي 280 ألف شخص.

وقال عامر في حديث لـ«الشرق الأوسط» «عندما التقيت الجالية المغربية في القاهرة سمعت الفكرة نفسها، وأكدت لهم أن ذلك ليس صحيحا، لسببين؛ لأن الجاليات المغربية في الدول العربية والأفريقية لها دور مهم من ناحية التحويلات المالية ربما أكثر من بعض الدول الأوروبية، وحجم التحويلات المالية من الدول العربية يفوق تحويلات المغاربة في أوروبا، والسبب الثاني هو أن برامجنا الميدانية تؤكد عكس هذا الاستنتاج».

ومضى عامر قائلا «نحن لدينا حاليا، وعلى سبيل المثال، برنامج عمل مهم وكبير موجه للجالية المغربية في الجزائر، ونحن بصدد تنفيذه، وما يؤكد ذلك دعم الحكومة لخمسين طالبا مغربيا تعيش أسرهم في الجزائر، ويدرسون حاليا في مراكز التكوين المهني في المغرب».

وأشار عامر إلى أن هناك برنامجا مماثلا للجالية المغربية في ليبيا. ونفى عامر أن تكون اعتبارات سياسية هي الدافع لإنجاز مثل هذه البرامج، مؤكدا أن هذه المشاريع من أجل الجالية وتهدف إلى دعم أبنائها.

وبشأن إنشاء مراكز ثقافية مغربية في أوروبا، قال عامر «إن إنشاء مراكز ثقافية في أوروبا يعود بالأساس إلى وجود نسبة 85 في المائة من الجاليات المغربية في الخارج بأوروبا».

وأوضح قائلا «سنشيد خمسة مراكز ثقافية في الخارج؛ ثلاثة في أوروبا، وواحد في كندا، وآخر في أفريقيا». وقال إن مركزيين ثقافيين يوجدان حاليا قيد الإنشاء، واحد في ليبيا ومركز «مبرة محمد الخامس» في تونس.

وحول فكرة المراكز الثقافية، قال عامر «إن وعينا بسياسة المراكز الثقافية مرده إلى أن المغرب هو البلد الوحيد في العالم الذي لديه جالية كبيرة في الخارج، وليست له مراكز ثقافية». وقال إن هناك 3 ملايين و200 ألف مغربي من بينهم 41 في المائة يوجدون في فرنسا، فيما يتوزع الباقون على دول أوروبية وعربية وأفريقية وأميركا، مستندا في ذلك على إحصائيات «مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة القاطنين في الخارج».

وأضاف عامر «نحن تأخرنا في هذا المجال، ونحاول الآن استدراك ما مضى». وأوضح «إنها مراكز نوعية نظرا لأنها ليست على غرار المراكز التي اعتادت دول أخرى تشييدها بهدف الدفاع عن أفكارها وآيديولوجياتها». وعبر عامر عن اعتقاده بأن «الثقافة ليست ترفا بل هي عنصر حيوي يربط المهاجر بوطنه، ويسهل عليه عملية الاندماج في البلد المستقبل».

وقال وزير الجاليات المغربي إن وزارته تتلقى شكاوى من جميع مناطق العالم، وإن هذه الشكاوى تجد الاهتمام نفسه دون تمييز من جالية إلى أخرى.

وزاد قائلا «نتعامل مع الأمر تعاملا شاملا ولا نفرق بين جاليات الشمال والجنوب». ودلل عامر على ذلك بقوله إن معظم الشكاوى التي ترد إلى الوزارة تأتي من دول عربية مثل الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر، وتتعلق خاصة بوضعية النساء العاملات في دول الخليج، وظروف عملهن، وعدم توفرهن على حماية اجتماعية. وفي شأن آخر، قال عامر إن وزارته ستقوم بإعداد برامج توعية الأجيال الجديدة في الخارج وتعريفها بالقضايا الوطنية، وذلك بتنسيق مع وزارة الخارجية والمؤسسات والجمعيات المغربية الموجودة في الخارج، لمواجهة خصوم المغرب. وأضاف عامر «الصراع والرهان الحقيقي مع خصوم وحدتنا الترابية هو الوجود وليس الحدود». وأشار إلى أن مفهوم الوجود هو عبارة عن «مشروع مجتمعي حداثي وديمقراطي يتبناه العاهل المغربي الملك محمد السادس». وزاد قائلا «هذا الأمر هو الذي يزعج خصومنا». وتحدث عامر عن تجربة «الجامعة الخريفية»، التي اختتمت أعمالها أمس في فاس، ونظمت بالتعاون بين وزارة الجاليات وتنظيمات تضم الجاليات المغربية في ألمانيا والحكومة الألمانية، حيث تم التوقيع على إقامة 10 مشاريع سينجزها مغاربة يقيمون في ألمانيا في بلادهم، وقال «إنها تجربة متواضعة لكنها تتميز بطموح كبير»، مشيرا إلى أن النقاش الذي تخلل المبادرة أظهر أن هناك «إمكانية لتوقيع عدد أكبر من المشاريع لكن الوقت لم يسمح لبلورة أو وضع اتفاقيات، وضبط الجانب التقني. وأغلبية المشاريع التي نوقشت هي مشاريع جديدة يمكن لها أن تكون موضوع شراكة مستقبلا».

وأضاف أن هناك أشخاصا جاؤوا حاملين لمشاريع لكنهم بصدد بحث عن شراكة أو إمكانية الدعم، مشيرا إلى أن هناك مشاريع ستمول من طرف مؤسسات ألمانية. وأكد عامر أن جميع الدول التي تستقبل الجاليات المغربية مرشحة للاستفادة من مثل هذه المبادرات. وقال إن تجربة الجامعات الخريفية لها هدفان؛ الأول، يتمثل في دراسة المشاريع التي عملت عليها الكفاءات المغربية مدة شهور، وهي بالعشرات، والثاني يتمثل في بناء طريقة عمل ومقارنة نموذجية يمكن تعميمها وملاءمتها بالنسبة لدول أخرى انطلاقا من التجربة مع ألمانيا.

وأوضح عامر أن هذه المبادرة لها عدة أبعاد، وتشكل دفعة كبيرة للتعاون المغربي ـ الألماني على جميع المستويات، موضحا أنها تميزت بدخول المغرب وألمانيا إلى مرحلة التنفيذ والخروج من مرحلة النوايا الحسنة في مجال تعبئة الكفاءات.

وحول موضوع الزيادة التي شهدتها الموازنة المخصصة لوزارة الجاليات في موازنة السنة المقبلة، قال عامر «الأمر لا يتعلق بأرقام، نحن نعمل في مجال واسع وهناك توقعات مهمة تنتظرها كل الوزارات والقطاعات الحكومية وبالتالي لا يمكن أن نبالغ وأن نقول إن الوزارة ستعالج كل القضايا التي تعانيها الجاليات المغربية في الخارج، لكن لدينا خطة خماسية تهم الجالية المغربية، وترتكز على خمسة مقومات هي: الجانب الثقافي والاجتماعي والاقتصادي بجانب الموارد البشرية والإدارية، الهدف منها خلق جو من الثقة بين المهاجر وبلده».