مقتل وجرح 40 في أعنف اشتباكات منذ شهر في الصومال

غداة إعلان الحكومة عن خطة جديدة لمواجهة المسلحين والسيطرة على مقديشو

مقاتلون من «حزب الإسلام» يهيئون أسلحتهم على شاحنة بقرية إيلما في ضواحي العاصمة الصومالية مقديشو أمس (رويترز)
TT

قتل 14 مدنيا على الأقل، وأصيب أكثر من 25 آخرين جراء اشتباكات جديدة اندلعت في العاصمة الصومالية مقديشو، بين القوات الحكومية المدعومة من قوات حفظ السلام الأفريقية، والمقاتلين التابعين للفصائل الإسلامية المعارضة.

وتجددت هذه المواجهات مساء أول من أمس بعد هدوء نسبي عرفته مقديشو خلال الأسابيع الماضية. ووقعت الاشتباكات، الأعنف من نوعها من شهر، في الأحياء الجنوبية لمقديشو، بعدما هاجم المقاتلون الإسلاميون بقذائف الهاون مقرات تابعة لقوات الاتحاد الأفريقي وقوات الحكومة في تقاطع كيلو 4 وشارع مكة المكرمة الذي يربط بين المطار والقصر الرئاسي، والذي تنتشر بمحاذاته مواقع عديدة للقوات الأفريقية. وإثر المواجهات التي استمرت عدة ساعات، قصفت القوات الأفريقية والحكومية مواقع تواجد المقاتلين بالمدفعية الثقيلة، وشمل القصف أيضا أحياء بعيدة عن أماكن المعارك. وسقطت عشرات القذائف على سوق البكارو، أكبر الأسواق في العاصمة، وأحياء أخرى بشمال العاصمة، مما أدى إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح، وتعتقد القوات الحكومية والأفريقية أن السوق يمثل معقلا للجماعات المعارضة التي تطلق القذائف بدورها من داخل الأحياء الشعبية، حيث يختبئون بالمناطق السكنية.

وقبيل اندلاع القتال كانت وحدات من قوات الاتحاد الأفريقي قد تحركت من بعض قواعدها بجنوب العاصمة لتنتشر في مناطق جديدة بغرب العاصمة، واتخذت مقرا جديدا لها في مقر مستشفى «ديكفير» سابقا الذي يقع غرب العاصمة ويطل على سوق البكارو من الناحية الغربية، ويقترب من مناطق تمركز مقاتلي الفصائل الإسلامية المعارضة، قبل أن يتصدى لهم المقاتلون الإسلاميون.

وجاءت هذه المواجهات بعد يومين من إعلان الرئيس الصومالي الشيخ شريف أن حكومته وضعت خطة عسكرية هدفها القضاء على الأطراف المعارضة المسلحة التي رفضت التفاوض مع الحكومة، وبسط سيطرتها في جميع أرجاء العاصمة واستعادة المناطق التي خسرتها خلال المعارك الأخيرة. وتحسبا لأي هجمات محتملة من قبل القوات الحكومية والأفريقية بادر مقاتلو الفصائل المعارضة بشن هذا الهجوم الاستباقي.

وتبنى الحزب الإسلامي المعارض الذي يقوده الشيخ حسن طاهر أويس مسؤوليته عن الهجوم الجديد، وقال متحدث عسكري باسم الحزب إنهم شنوا هجوما واسعا على معاقل للقوات الأفريقية، وأخرى لقوات الحكومة الصومالية التي تتمركز بالقرب من القصر الرئاسي، وشارع مكة المكرمة، إضافة إلى تقاطع كيلو 4. وأضاف الشيخ محمد عثمان عروس أنهم ألحقوا خسائر كبيرة في صفوف القوات الأفريقية والحكومية التي هاجموها.

وبسبب الظلام وكثافة القصف المدفعي قال عاملون في مجال الإسعاف إنهم وجدوا صعوبات في الوصول إلى المصابين. ويصعب التنقل بين أحياء العاصمة ليلا، لأن الشوارع الرئيسية المؤدية إلى المستشفيات مغلقة أمام المارة بعد غروب الشمس. وأصبح الحزب الإسلامي في وضع حرج، حيث يخوض حربين في جبهتين مختلفتين في الوقت الراهن، فإلى جانب القتال بينه وبين الحكومة، هناك مواجهات أخرى تدور رحاها بين الحزب وحركة الشباب المجاهدين في إقليم جوبا بجنوب البلاد من أجل السيطرة على مدينة كيسمايو. وكان الحزب قد خسر أول من أمس المدينة الاستراتيجية أفمدو التي كانت تعد أحد المعاقل الرئيسية للحزب. وقال الشيخ محمد حسين، القائد في الحزب الإسلامي في إقليم جوبا «إن الانقسامات الداخلية في حزبه هي التي سهلت ومهدت الطريق لأن يسيطر مقاتلو حركة الشباب المجاهدين على مدينة أفمدو».

على صعيد آخر، قام الرئيس الصومالي الشيخ شريف أمس بزيارة تفقدية لعدد من معسكرات القوات الحكومية، وذلك بهدف الاطلاع على أوضاع تلك القوات الجديدة. وزار الرئيس عددا من المعسكرات التي يتواجد فيها المئات من القوات المسلحة الجديدة التي تلقت تدريبات عسكرية أخيرا في الخارج، كما زار معسكرات أخرى للقوات القديمة. وتحدث الرئيس إلى أفراد المعسكرات من ضباط وجنود، وعبر عن ارتياحه لما شاهده من حماس لدى الجنود الجدد وروح وطنية عالية، على حد تعبيره. وتعهد الرئيس للقوات المسلحة بأنها ستحصل من الآن فصاعدا على رواتبها الشهرية بشكل منتظم، كما حثهم على أداء واجباتهم والخدمة من أجل الوطن. وتحدث الرئيس شريف عن دور القوات المسلحة الصومالية في ترسيخ الأمن وإعادة الاستقرار في البلاد، وقال «إن من أسباب انهيار وتلاشي الحكومات المتعاقبة التي تشكلت بعد عام 1991، فشلها في إنشاء وبناء جيش قوي ووطني صومالي».