محاكمة الإرهابيين تكشف عما يجب فعله في قضايا هجمات سبتمبر

قياسا على قضية غيلاني أول محتجز بغوانتانامو ينقل إلى المحاكم المدنية

التنزاني خلفان غيلاني (نيويورك تايمز)
TT

تم اعتقال أحمد خلفان غيلاني المتهم بالانتماء لتنظيم القاعدة في باكستان عام 2004 واحتجازه بأحد السجون السرية التي تديرها الاستخبارات الأميركية ثم نقل بعد ذلك إلى القاعدة العسكرية بغوانتانامو. ويقول غيلاني إنه خلال السنوات الخمس الذي قضاها محتجزا كان يعاني من ظروف قاسية ويساء معاملته خلال الاستجواب كما أنه حرم من حق الاستعانة بمحام.

ومنذ الربيع الماضي، كان غيلاني يمثل أمام محكمة فيدرالية في مانهاتن؛ حيث كان أول محتجز بمعتقل غوانتانامو ينقل إلى المحاكم المدنية.

ومنذ اللحظة الأولى التي أعلنت فيها إدارة أوباما عن رغبتها في محاكمة خالد شيخ محمد، مخطط هجمات 11 سبتمبر (أيلول) وغيره من محتجزي غوانتانامو أمام نفس المحكمة الفيدرالية، ثار جدال واسع حول حكمة ذلك القرار. حيث كان منتقدو القرار يخشون تسرب الأسرار الحكومية؛ مما قد يؤدي مثلا إلى رفض الدعوى نظرا لأن الأدلة تم الحصول عليها من خلال اللجوء إلى إجراءات قاسية أو أن تتحول المحاكمة إلى ساحة لبث الكراهية.

وهناك العديد من العوامل التي تجعل المحاكمة المحتملة لمحمد مختلفة عن المحاكمة المحتملة لغيلاني؛ وذلك حيث إن محمد - المتهم الأكثر شهرة وأهمية- يمكن أن يواجه عقوبة الإعدام، بالإضافة إلى أنه أعلن أنه سوف يمثل نفسه أمام المحكمة. لكن محاكمة غيلاني- التنزاني المتهم بالمشاركة في العمليات التفجيرية التي استهدفت السفارات الأميركية في أفريقيا في 1998- ربما تحمل دلالة مهمة بالنسبة للمدعي ومحاميي الدفاع على حد سواء.

فحتى الآن كان يبذل المتهم جهودا محمومة – باءت حتى الآن بالفشل- كي يتمكن من الاستعانة بالمحامين الذين كانوا يعملون معه في غوانتانامو. ونجح في مطالبه للمدعين بالسعي للحصول على الأدلة المتعلقة بالسجون السرية التابعة للاستخبارات الأميركية والتي كان محتجزا بها. وخلال الأسبوع الماضي فقط، رفع غيلاني ومحاموه طلبا رسميا بإسقاط الدعوى لأنه حرم من أحد حقوقه الدستورية الأساسية التي يحصل عليها كل من يخضع لنظام المحاكمة الفيدرالي أي حقه في الحصول على محاكمة سريعة.

فيقول غريغوري كوبر- أحد محاميي غيلاني: «أنا المستكشف الذي سوف يدخل الغابة قبل أن تقوم القوات الرئيسية بما عليها». وأضاف أن القضايا ضد موكله ومحمد ينتميان بالفعل «إلى عالمين مختلفين».

من جانبها، قالت الحكومة إنها لن تعرض أي أقوال غيلاني في المحكمة «لها علاقة باحتجاز الهيئات الحكومية الأخرى له» في إشارة واضحة لاحتجازه بالخارج أو بغوانتانامو.

يذكر أن هناك جانبا آخر مثيرا في قضية غيلاني هو الجانب المتعلق بالقاضي لويس كابلان؛ حيث إنه من أحدث القضاة الذين انضموا مؤخرا إلى السلسلة الطويلة والمعقدة المتعلقة بقضايا القاعدة في المحاكم الفيدرالية وربما ينتهي به الحال رئيسا للادعاء لأي دعاوي متعلقة بـ محمد.

وقد تم استدعاء غيلاني – يعتقد أنه في منتصف الثلاثينات من عمره- للمحاكمة أول مرة في 9 يونيو (حزيران) بنيويورك بعدما أعلن الرئيس أوباما أنه سوف يتم إرساله للمحاكمة كجزء من المساعي المتعلقة بإغلاق معتقل غوانتانامو، وقد أنكر غيلاني التهم الموجهة إليه.

وكان أوباما قد قال في ذلك الوقت: «بعد ما يقارب عقدا كاملا، أصبح الوقت ملائما لتحقيق العدالة».

يذكر أن غيلاني قد وجهت له اتهامات بالمشاركة في المؤامرة التي اشتملت على تفجيرات السفارات الأميركية في كينيا وتنزانيا في عام 1998 وهي الهجمات التي نظمها تنظيم القاعدة والتي أسفرت عن مقتل 224 شخصا. بعد ذلك كان غيلاني قد اكتسب ثقة أسامة بن لادن وعمل لديه كطاه وحارس شخصي، وفقا للسلطات.

وكان غيلاني يجلس بهدوء في المحكمة خلال الشهور الماضية؛ حيث كان يساعد محاميه ويرد بطريقة مهذبة على أسئلة القاضي، كما كان يؤكد على المطالبة بحقوقه فيما يتعلق بالقضايا الجديدة التي يمكن أن تثار إذا ما مثل المتهمون بهجمات 11 سبتمبر (أيلول) أمام المحكمة.

وفي ظهور له بغوانتانامو في 2007، اعتذر عن مساعدته لمن خططوا ونفذوا الهجمات ولكنه قال إنه لم يكن يعرف أغراضهم. فيقول: «لم أكن أعلم ما يفعلونه ولكنني ساعدتهم». وذلك وفقا لما أتت به الوثائق.

ومن القضايا الأولى التي أثارها غيلاني كمتهم مدني هي رغبته في الحصول مرة أخرى على مساعدة المحامين العسكريين اللذين كانا يمثلانه بغوانتانامو.

وكان غيلاني قد أرسل خطابا شخصيا بانجليزية ركيكة إلى وزارة الدفاع يطلب فيه الاحتفاظ بمحاميه؛ حيث كتب: «يبدو لي أنه ليس عادلا أن أخسر هذه الشخصيات المهمة في دفاعي». ولكن القاضي كابلان رفض طلب غيلاني خلال الأسبوع الماضي. ومنذ بداية الإجراءات ضد غيلاني، أعلن كوبر وبيتر كويجانو بوضوح عزمهما التحقيق في إساءة معاملة غيلاني خلال فترة احتجازه. وذلك حيث كتب محامو غيلاني في رسالة للقاضي كابلان يطالبونه فيها بإصدار أمر بألا تدمر الحكومة أيا من السجون السرية الموجودة خارج البلاد مثل التي كان غيلاني محتجزا بها حتى يستطيع الدفاع أن يزور تلك السجون ويفتشها: «من الواضح أن المتهم قد تعرض لظروف سيئة وآليات استجواب قاسية خلال احتجازه في تلك المعتقلات السرية التابعة للاستخبارات الأميركية».

ومن جهته، أشار دايفيد راسكين رئيس وحدة الإرهاب بمكتب المدعي العام بمانهاتن خلال الصيف الماضي بأن مكتبه سوف يسعى للحفاظ على سرية الأدلة.

ويمكن أن يوحي تصريح راسكين بأن الحكومة لن تستخدم الأقوال التي أصدرها غيلاني خلال احتجازه إلى التوجه الذي سوف تتخذه الحكومة في حال إقامة محاكمة محمد الذي تعرض لمحاكاة الغرق حوالي 183 مرة خلال 2003 كجزء من الوسائل التي استخدمتها الحكومة لاستخلاص المعلومات منه.

وبالفعل عندما سئل المدعي العام إريك هولدر حول المحاكمة في ضوء آليات الاستجواب قال إن لديه دليلا آخر «يمنحني ثقة كبيرة في أننا سوف ننجح في إقامة الدعاوى الخاصة بتلك القضية في المحكمة الفيدرالية».

فإذا ما قرر محتجزو 11 سبتمبر (أيلول) أن يحشدوا الدفاع – ما زال الأمر غير محدد خاصة في ظل الطلبات التي قدموها بمعتقل غوانتانامو بالاعتراف بالتهم الموجهة إليهم-، فإن المدعين سوف يمنحون المحامين تلا من الوثائق التي تتضمن بعض الأدلة السرية بموجب قوانين مطالبة الخصم بتقديم الأدلة الموجودة في حوزته.

وللتأكد من عدم تسرب المعلومات السرية، أصدر القاضي كابلان أمرا حمائيا فيما يتعلق بالمعلومات السرية التي ربما يفحصها محامو الدفاع في منطقة خاصة مؤمنة؛ غرفة لن يتم الإعلان عن موقعها.

*خدمة «نيويورك تايمز»