أوباما: سأنهي المهمة في أفغانستان قبل 8 أعوام

عقد اجتماعه الأخير مع كبار مستشاريه.. ويستعد لاعلان إستراتيجيته الجديدة نحو أفغانستان خلال أيام

شرطي أفغاني يقوم بتفتيش مواطن أفغاني عند نقطة تفتيش في تيلمان (رويترز)
TT

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما عزمه «إنهاء المهمة» في أفغانستان، قائلا أمس إن استقرار أفغانستان عنصر أساسي في مكافحة تنظيم القاعدة والجماعات الموالية له. وأضاف: «بعد العمل 8 أعوام على عملية (محاولة جذب الاستقرار إلى أفغانستان)، بعض تلك السنوات لم تحصل على الموارد والاستراتيجية الضرورية لإنهاء المهمة، ونيتي هي أن أكمل هذه المهمة».

وجاء تصريح أوباما في مؤتمر صحافي عقده مع رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ في البيت الأبيض أمس، حيث أعلنا مضاعفة جهودهما في مواجهة الإرهاب. وكان أوباما قد التقى بكبار مستشاريه ليل أول من أمس في اجتماع أخير لبحث خياراته الاستراتيجية في أفغانستان، التي من المرتقب الإعلان عنها الأسبوع المقبل بعد انتهاء «عيد الشكر» الأميركي. وصرح أوباما أمس أن استقرار أفغانستان من مصلحة الولايات المتحدة الاستراتيجية وفي مصلحة أمنها القومي، ليردف قائلا: «إن هذا أمر مهم، ليس فقط للولايات المتحدة، بل للعالم كله، العالم كله له مصلحة في مواجهة العنف والتطرف الموجود في المنطقة». وأضاف أوباما أن «على الشركاء الدوليين تحمل مسؤولياتهم، كما من الضروري الاعتراف بأن على الشعب الأفغاني أن يتحمل تزويد الأمن لنفسه، وعلينا تدريب القوات الأمنية الأفغانية وتجهيزها».

وبعد أسابيع من الترقب والانتظار، يقترب الموعد الذي حدده أوباما للاعلان عن سياسته الجديدة حيال أفغانستان. وعقد أوباما مساء أول من أمس اجتماعا مطولا مع كبار مستشاريه في البيت الأبيض للحصول على آخر تقاريرهم لتقييم الأوضاع في أفغانستان، بالإضافة إلى التشاور مع القادة العسكريين حول عدد القوات في أفغانستان والحاجة إلى زيادتها. ولم يحدد البيت الأبيض بعد الموعد النهائي لإعلان أوباما عن قراره حول زيادة القوات في أفغانستان، إذ قال الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس أمس إنه سيعلن عن قراره «خلال أيام». وأفادت صحيفة «نيويورك تايمز» أن أوباما سيعلن قراره في خطاب متلفز يوم الثلاثاء المقبل.

وقبل ساعات من عقد أوباما لقاءه مع مستشاريه، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية عن وفاة الجندي نيكولاس هاند، وهو جندي عمره 20 عاما قتل في هلمند. وبينما تتصاعد أعداد القتلى الأميركيين في أفغانستان تزداد الضغوط على أوباما في حرب باتت غير شعبية في البلاد. وأظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه قناة «سي ان ان» الإخبارية أمس أن 52 في المائة من الأميركيين باتوا يعارضون الحرب، بينما 49 في المائة يعارضون إرسال المزيد من القوات الأميركية إلى أفغانستان. وقال غيبس: «بعد الانتهاء من اجتماع مكثف أخير، لدى الرئيس أوباما المعلومات التي يريدها ويحتاجها لاتخاذ قراره وسيعلن هذا القرار خلال أيام». وحضر الاجتماع عدد كبير من كبار المسؤولين الأميركيين بمن فيهم وزير الدفاع روبرت غيتس ومستشار الأمن القومي الجنرال جيم جونز وقائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال ماكريستال ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وممثلة واشنطن في الأمم المتحدة سوزان رايس. وأمام أوباما خيارات عدة حول رفع عدد القوات الأميركية في أفغانستان؛ إما إبقاؤها عند عددها الحالي أو زيادة 34 ألفا التي يدعمها وزير الدفاع الأميركي، بينما ماكريستال كان قد طلب 40 ألف جندي إضافي. ولم يبلغ أوباما قراره بعد للمسؤولين في إدارته، إذ من المرتقب أن يقضي الأيام المقبلة في البيت الأبيض لبحث الخيارات المتاحة. ويذكر أن يوم غد هو «عيد الشكر»، وهو عطلة أميركية رسمية، سيقضيها أوباما في واشنطن مع عطلة نهاية الأسبوع لوضع اللمسات الأخيرة على قراره الذي من المرتقب أن يعلنه في خطاب متلفز للشعب الأميركي. والتقى أوباما بوزيرة خارجيته أول من أمس بعد أن كانت كلينتون قد زارت كابل وأجرت لقاءات مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي وحضرت احتفال تنصيبه. وشرح الممثل الأميركي الخاص لأفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك، الذي رافق كلينتون بأنه «بعد أن أصبحت الانتخابات (الأفغانية) خلفنا، سنكثف من جهودنا للتنسيق مع الجهود الدولية». وتجري الولايات المتحدة مشاورات مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) من أجل إرسال قوات إضافية من «الناتو» لدعم القوات الموجودة في أفغانستان. ولكن لفت هولبروك إلى أن واشنطن ستكثف من الجهود المدنية، بالإضافة إلى العسكرية في أفغانستان، قائلا: «بعد الوضع الأمني، نعتقد بأن الزراعة هي أولويتنا العليا المباشرة من الجانب المدني، وهذا لسبب بسيط: أنها تشغل 80 في المائة من الشعب، إنهم مزارعون ماهرون». يذكر أنه حتى عام 1978، كانت لدى أفغانستان أسواق تصدير زراعية قوية، إذ كانت تسيطر على سوق الزبيب في العالم وتنتج أفضل أنواع الفستق والرمان. وتعهد هولبروك أمس بأن تهتم وزارة الزراعة الأميركية وفريقه بهذه القضية. وبغض النظر عن عدد القوات الأميركية الإضافية التي سترسل إلى أفغانستان، تعمل وزارة الخارجية الأميركية على زيادة عدد المدنيين الأميركيين العاملين في أفغانستان ليصل عددهم بحلول نهاية العام إلى نحو 974 مدنيا. وفي بروكسل، يشهد مقر حلف شمال الأطلسي في السابع من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، اجتماعات تتناول ملف أفغانستان، ومناقشة مسألة تعزيز قوته الدولية (إيساف) المرابطة هناك. وأعلن الناطق الرسمي باسم الحلف جيمس آباتوراي أن «اجتماعا تحضيريا سيعقد على مستوى وزراء الخارجية بمجلس دول شمال الأطلسي خلال يومي الثاني والثالث من ديسمبر». وكان الأمين العام للحلف آندروس فوغ راسموسن وصف التقديرات البريطانية المتمثلة في إرسال خمسة آلاف جندي، يضافون إلى أولئك الذين ترغب الولايات المتحدة في إرسالهم لتعزيز الوجود العسكري في أفغانستان بـ«الواقعية». وقال وقتها راسموسن، في تصريحات للصحافيين قبيل الانضمام إلى اجتماع لوزراء الدفاع والخارجية الأوروبيين في بروكسل: «لم نتخذ قرارا بعد بشأن حجم القوة الإضافية على وجه التحديد، ولكنني أرى من البديهي أننا بحاجة إلى جنود إضافيين، كما نحن بحاجة، على وجه الخصوص، إلى موارد للبعثة العاملة في مجال تدريب القوات الأفغانية، وإلى مدربين وأجهزة تدريب وإلى عدد أكبر من رجال الأمن الأفغان».

ووصف جيمس آباتوراي، المرحلة الانتقالية في أفغانستان بـ«الطويلة والمعقدة»، مؤكدا أن «الناتو» يعمل على خلق الظروف التي ستسمح لقوى الأمن الأفغانية بتسلم الملف الأمني، قبل انسحابه. وأضاف: «سننتقل بعد ذلك للعب دور الشريك الداعم».