طالباني يشيد بقانون الانتخابات بعد تعديله.. والهاشمي يلمح إلى نقضه مجددا

المفوضية العليا تؤكد استحالة إجراء الاقتراع في يناير.. وواشنطن تحذر من التأخير

TT

برزت أمس بوادر انشقاق داخل المجلس الرئاسي العراقي المكون من رئيس الجمهورية ونائبيه بعد أن أشاد رئيس الجمهورية جلال طالباني بقانون الانتخابات، بعد أن أقر البرلمان تعديلات عليه أول من أمس، رغم تلميح نائبه طارق الهاشمي إلى احتمال أن ينقضه مجددا.

وانتقد الهاشمي بشدة التعديل الذي أجراه مجلس النواب على قانون الانتخابات، معتبرا إياه أكثر إجحافا من النسخة الأولى. وتلحظ التعديلات الجديدة إضافة نسبة 8.2 في المائة لكل محافظة كمعدل للنمو السكاني، استنادا إلى إحصاء عام 2005. ويؤكد الدستور ضرورة أن يكون لكل مائة ألف مواطن نائب. كما تنص التعديلات على أن يدلي العراقيون بأصواتهم أينما كانوا لصالح مرشحي محافظاتهم.

وأفاد بيان صادر عن مكتب الهاشمي أنه يعتبر التعديل «غير دستوري ومجحفا ويتناقض مع الأعراف والتقاليد السياسية التي اعتمدها مجلس النواب في تعامله مع تشريعات وطنية حساسة من هذا العيار». وأضاف أن الهاشمي «نقض القانون السابق الذي كان، رغم عيوبه التي حاول سيادته إصلاحها في رسالة النقض، أكثر إنصافا للعراقيين من القانون الجديد الذي سيتعامل معه كما تعامل مع سابقه بمنتهى المسؤولية الوطنية، حفاظا على المصالح الوطنية العليا، وتكريسا للديمقراطية، وتأسيسا لدولة العدل». وأضاف، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن «رئاسة مجلس النواب في إدارتها المؤسفة لجلسة أمس تتحمل القسط الأكبر مما حصل». وختم مؤكدا أن «ما حصل يشكل سابقة خطيرة ستلقي بظلالها سلبيا على مجمل العملية السياسية، والذين كانوا وراء هذا التعديل غير الدستوري وغير المنصف وغير العادل يتحملون تبعات ذلك».

إلا أن طالباني أشاد بالقانون بعد التعديلات الأخيرة. وأفاد بيان صادر عن مكتب رئيس الجمهورية أن طالباني «أشاد بالقرار واعتبره تجسيدا لتطلعات الشعب العراقي بكل مكوناته وطيفه الوطني، وتعبيرا عما تتطلبه العدالة والتوافق الوطني وتعزيز العملية الديمقراطية». ويطالب الهاشمي بزيادة عدد المقاعد التعويضية المخصصة للأقليات والمقيمين في الخارج والقوائم الانتخابية الصغيرة من 5% إلى 15% في البرلمان المقبل، الذي سيضم 323 نائبا. يذكر أن المقاعد التعويضية مخصصة لتمثيل أفضل للعراقيين المقيمين في الخارج، والقوائم التي حصلت على نسبة تصويت عالية محليا وليس على الصعيد الوطني. وقال المتحدث الرسمي باسم مكتب الهاشمي عبد الإله كاظم لـ«الشرق الأوسط» إن نائب رئيس الجمهورية «سيتعامل مع التعديل مثلما تعامل مع التعديل السابق». وقال كاظم إن قرار النقض الأول كان من أجل حماية المهاجرين والأقليات والقوائم الانتخابية الصغيرة، وهذا الأمر لم يلتفت إليه التعديل الأخير أيضا، وفي هذا الأمر إجحاف جديد للمهاجرين.

ويؤكد الدستور ضرورة أن يتخذ مجلس الرئاسة المكون من الرئيس طالباني ونائبيه الهاشمي وعادل عبد المهدي قراراته بـ«الإجماع» وليس بالأغلبية. ويتعين على مجلس الرئاسة الموافقة على القانون أو رفضه خلال 15 يوما من إقراره. وبالإمكان نقض القانون مرتين فقط، وإعادته إلى مجلس النواب الذي يستطيع تمريره بموافقة ثلاثة أخماس النواب، أي 165 من أصل 275 نائبا. وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أعلنت الأسبوع الماضي وقف جميع أنشطتها الخاصة بالتحضيرات لإجراء الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة أصلا في 16 يناير (كانون الثاني) المقبل ثم أخرت إلى 18 منه.

من جانبه أكد أسامة النجيفي رئيس تجمع «عراقيون» أن اعتراض الكتل السنية على التعديل الأخير جاء وفق الصيغة التي طرحت للتصويت في غياب مكونات مهمة ممثلة لمحافظات مهمة في العراق، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن احتمال النقض الثاني وارد جدا من الهاشمي، مؤكدا على أن المحافظات الموصل وصلاح الدين والأنبار خسرت من مقاعدها فيما لم يتم تعديل القانون وفق النقض الذي تقدم به الهاشمي، وهذه مخالفة للدستور العراقي.

من جهتها، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استحالة إجراء الانتخابات في موعدها. وقال قاسم العبودي عضو مجلس المفوضية العليا في بيان صحافي: «هناك استحالة قانونية لتنفيذ إجراء الانتخابات في 18 يناير (كانون الثاني) المقبل أو أي موعد بعد هذا التاريخ في نفس الشهر، لأن تحديد موعد الانتخابات من هيئة الرئاسة يتم قبل 60 يوما من موعد إجرائها بعد المصادقة على القانون، وأعتقد أن الوقت لم يعد ملائما بالنسبة للمواعيد السابقة».

إلى ذلك، حذرت واشنطن من تأخير موعد الانتخابات النيابية لفترة طويلة. وقال السفير الأميركي كريستوفر هيل في مؤتمر صحافي في المتحف الوطني العراقي إن «تأخيرا بسيطا لموعد الانتخابات لن يؤثر، لكن لا نرغب في التأجيل لفترة طويلة. لذا، آمل أن ينظروا (العراقيون) إلى ذلك بعناية، وآمل أن نتمكن من المضي قدما». وأضاف: «أعتقد أن الأمر الأكثر أهمية هو إجراء الانتخابات والسير قدما بالعملية».