البيان الوزاري المنتظر للحكومة اللبنانية.. هدية الأضحى أم تمنٍّ في العيد لما بعده؟

تضارب بين التفاؤل بقرب إقراره وتوقع لمناقشات ستطول

TT

تضاربت أمس المعلومات حول صدور البيان الوزاري تمهيدا لنيل الحكومة ثقة البرلمان، فتحدّث رئيس الحكومة سعد الحريري في دردشة مع الإعلاميين في السراي الحكومي عن «محاولة لتوحيد الموقف»، لافتا إلى أن «الأمور تسير بشكل إيجابي ونحاول قدر الإمكان الإسراع في إنجاز البيان».

وعن الاستراتيجية الدفاعية قال إن «هذا موضوع كبير، وأسعى بكل جهد لإنجاز بيان مقتضب، لا سيما أن الموضوع الأهم لدى الناس هو الموضوع الاقتصادي».وفيما شاعت أجواء التفاؤل بين فريق الأكثرية، لا سيما بعد تصريح نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الذي توقّع صدور البيان «خلال يوم أو يومين»، استبعد عضو تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب زياد أسود، في اتصال مع «الشرق الأوسط» هذا الأمر «في ظل وجود تباينات وتناقضات وبحث عن مفاهيم منمّقة لا تغيّر الواقع».

ورغم أن سلاح «حزب الله» يستحوذ على المناقشات، فقد تعذّر الاتصال بأي من نوابه، لا سيما أن عددا كبيرا منهم خارج لبنان، في ظل رفض البعض الآخر منهم التحدث عن الموضوع. بالعودة إلى مكاري الذي صرّح عقب لقائه رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة بأن «البيان الوزاري بات على وشك الانتهاء، ربما خلال يوم أو يومين ويبقى الموضوع المتعلق بالشق السياسي... أعتقد أن اللجنة الوزارية يجب أن تجد الصيغة الملائمة حتى لا يتأخر البيان الوزاري، وهذا الموضوع لا يعالج إلا بالحوار في ما بعد، وسيتم البحث فيه في هيئة الحوار الوطني». وعن إمكان التوصل إلى صيغة موحدة قال: «قد لا تكون هناك صيغة موحدة، إنما قدر الإمكان قد يكون هناك تقارب في وجهات النظر. وقد يتحفّظ بعض الوزراء، وهذا ما جرى في الحكومة السابقة، وهو أمر طبيعي».

من جهته قال وزير العمل بطرس حرب عقب استقباله سفير فرنسا في بيروت دونيه بييتون إنه جدد «التأكيد للسفير مطلب لبنان من أصدقائه دعم سيادته واستقلاله وقراره الحر»، فيما أكد السفير الفرنسي تصميم حكومة بلاده على مواصلة دعم لبنان ومساعدته».

وعن العراقيل التي تواجه البيان الوزاري والتي تحول دون إقراره قبل عيد الأضحى، قال: «لا يمكنني تحديد موعد انتهاء صياغة البيان الوزاري، إلا أن لجنة الصياغة مصممة على أن لا يكون البيان الوزاري جُملا إنشائية ومجموعة وعود لا تطابق الواقع. ولهذا كانت عملية صياغة البيان الوزاري بكل مدرجاته دقيقة وصعبة، ليس بسبب الخلافات إنما بسبب تصميم لجنة الصياغة على وضع مشروع مسودة للبيان يكون جادا يتطرق إلى كل المشكلات العالقة في لبنان ويقدم على الأقل توجهات الحكومة من دون أن ندخل في تفاصيل مواجهة أو مقاربة هذه المشكلات». وأضاف: «الجميع يعرفون أن هناك طاولة حوار في قصر بعبدا (مقر رئاسة الجمهورية) حول قضية أساسية هي قضية السلاح واستقلاله ووجوده في يد حزب الله. والجميع يعرفون أن طاولة الحوار من أجل هذه الغاية ولا خلاف حول هذا الموضوع. وأستغرب استغراب الناس لهذا الموضوع الذي يبحث بصورة جادة في إيجاد صيغة لا تتناقض مع سيادة الدولة وحصرية القرارات الوطنية للسلطة الشرعية والمؤسسات الدستورية في لبنان والقوى الشرعية اللبنانية، مع الأخذ في الاعتبار ما قدمه فريق من اللبنانيين من تضحيات لتحرير قسم من الأرض اللبنانية... وأطمئن هنا إلى أن النقاش في اللجنة يجري في أجواء إيجابية وجادة وفي مسعى مشترك للتوصل إلى صيغ جادة لا تلتف حول الواقع، بل تبين حقيقته والنقاش حول هذه النقاط الحساسة والدقيقة. وآمل من كل الأطراف التي تضمها الحكومة، وقد جمعت أطرافا ذات توجهات مختلفة، في بذل الجهود لوضع صيغة صالحة ترضي الجميع، لا أن نقدم عبارات جميلة يفسرها كل فريق كما يريد لتبرير مواقفه».

وفي اتصال مع «الشرق الأوسط» أبدى النائب زياد أسود اتجاها مختلفا، إذ قال: «لست من الذين يتفاءلون بإفراط بقرب إقرار البيان الوزاري، والمبالغة في إشاعة أجواء تفاؤلية غير دقيقة... الواقع أن هناك تباطؤا وهدوءا وبحثا عن مفاهيم منمّقة من غير فائدة، وأحيانا كثيرة هناك جمل تصاغ فارغة من أي مضمون». وعن أي تحفّظات من جانب المعارضة عن الشق الاقتصادي مقابل تحفّظات الأكثرية النيابية عن مسألة السلاح، قال: «البيان هو رزمة متكاملة يجب أن تكون متناسقة، ذلك أن هناك برامج سياسية مختلفة وتوجهات متباينة، وجمع كل هذا في بيان واحد ليس مسألة سهلة. كذلك إن البحث عن تعابير منمّقة يستغرق وقتا، كما لا يفيد إذا تجاهل واقعا معينا. فإذا ذكرت المقاومة من دون كلمة سلاح، في ظل وجود الخطر الإسرائيلي وتهديداته وخروقه المتكررة، فما الإنجاز الذي يكون قد حققه هذا الفريق؟ إنها ببساطة انتصارات وهمية. فما لا يذكره البيان أو يتغافل عنه، لا يُلغى من الواقع. فالمقاومة هي حالة دفاع عن الأرض، ولا تكون بالوسائل البدائية، بل بوسائل عدّة من بينها السلاح، خصوصا في ظل عدم جهوزية الجيش والمؤسسات». وانتقد «تحفّظ الأكثرية على ذكر سلاح المقاومة»، معتبرا أن «عدم ذكر كلمة سلاح في البيان، لا قيمة قانونية له في ظل ذكر المقاومة وتمتّعها بوزراء في الحكومة».

ورأى عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب فؤاد السعد أن «صياغة البيان الوزاري طالت كثيرا، كما طالت عملية تأليف الحكومة»، معتبرا أن هذا «دليل عدم وجود توافق فعلي عند الجميع حول المستقبل الذي نتجه نحوه». وعن سلاح المقاومة قال: «أصبح أمرا واقعا، ولن تتخلى عن المقاومة ما دام الوضع في الجنوب على ما هو عليه، وما دام الوضع الإقليمي أيضا على حاله». ولفت إلى أن «حل مسألة السلاح ليس داخليا حتى وإن سلّمنا جدلا أن قرار الحرب والسلم يعود إلى الدولة. فبإمكان المقاومة تجاوز الأمر كما حصل في حرب تموز (يوليو)».

وفي إطار الحديث عن سلاح حزب الله، قال عضو «المستقبل» النائب أحمد فتفت: «إن هناك أهم من موضوع صلاحيات رئيس الجمهورية في اتفاق الطائف، وهو السلاح الموجود في يد فريق لبناني، الذي يناقض الديمقراطية وأي نظام سياسي في البلد». وأكد أن «البند الأول الذي يجب تطبيقه في الطائف هو بسط سلطة الدولة على كل الأراضي اللبنانية، وسحب سلاح الميليشيات، خصوصا بعد توجيه السلاح إلى الداخل»، مطالبا بـ«ضرورة معالجة هذه المشكلة عن طريق السياسة، ومعالجة التعددية الموجودة في مركز القرار وواقع العقلية عند من يحمل السلاح».

وقال عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي خريس: «يقع على عاتق هذه الحكومة، حكومة الوحدة الوطنية، تعزيز المؤسسات الأمنية وخصوصا مؤسسة الجيش اللبناني الذي يتصدى بشكل دائم لكل الخروق الإسرائيلية». ورأى أن «العدو الإسرائيلي لا يفهم بغير السلاح والقوة»، داعيا الفصائل الفلسطينية إلى «أن يتحدوا ولا يعتمدوا على العرب ولا على مجلس الأمن ولا على المفاوضات، بل على أنفسهم ووحدتهم مع المقاومة».