موسكو تعيد فرض الطوارئ في الشيشان بعد احتدام أعمال العنف

مجلس أوروبا يطالب بإنهاء حالة الإفلات من العقاب في القوقاز

TT

فرضت السلطات الروسية حالة الطوارئ في عدد من المناطق الشيشانية نتيجة تجدد واحتدام العمليات المسلحة في المنطقة. وقالت مصادر رسمية إن السلطات الروسية اتخذت قرار إعادة فرض «نظام مكافحة الإرهاب» اعتبارا من منتصف ليل الثلاثاء في عدد من مناطق اتشخوي مارتان في الشيشان، مشيرة إلى اختباء مجموعات المقاتلين في المناطق الجبلية هناك. وكشفت المصادر أن هذا النظام يمنح السلطات والأجهزة الأمنية حق تفتيش المواطنين والمركبات والمساكن إلى جانب تنفيذ قرار إخلاء بعض المناطق والمساكن ووسائل النقل في حالة الضرورة.

ويعزو مراقبون العودة إلى فرض حالة الطوارئ بعد إلغائها في ابريل (نيسان) الماضي إلى تعثر عمليات ملاحقة المسلحين والبحث عن زعيمهم دوكو عمروف الذي سبق وأعلنت السلطات المحلية أكثر من مرة عن مصرعه خلال الأعوام الأخيرة.

وكان الرئيس الشيشاني رمضان قادروف أعرب عن ارتياحه لاستجابة السلطات الروسية لطلبه إلغاء حالة الطوارئ معلنا أن اتخاذ القيادة السياسية الروسية لقرار إلغاء حالة الطوارئ هو اعتراف ضمني بالانتهاء من القضاء على المسلحين. غير أن الأيام التالية لإعلان إلغاء نظام حالة الطوارئ شهدت تصعيد المقاتلين لعملياتهم في أطراف الشيشان والجمهوريات المتاخمة لها لا سيما في داغستان وانغوشيتيا ما كان في مقدمة أسباب اغتيال الكثيرين من القيادات المحلية.

وكان الرئيس الانغوشي يونس بك يفكوروف تعرض لمحاولة اغتيال من خلال عملية انتحارية أسفرت عن إصابته بإصابات جسيمة ودفعت السلطة الفيدرالية إلى تعزيز إجراءاتها الأمنية في شمال القوقاز بعد إعلان الرئيس دميتري ميدفيديف أن «الأوضاع في القوقاز صارت أكثر المشاكل الداخلية تعقيداً». وقال ميدفيديف إن «الإرهاب والارتفاع الذي لم يسبق له مثيل لمستوى الفساد والقبلية يحولان ضد تطوير وتنمية المنطقة».

وكان الرئيس الروسي قد أوكل إلى الهيئات القيادية المحلية في الشيشان الإشراف على عمل ونشاط وحدات الأجهزة الأمنية وفصائل مجموعة القوات الموحدة في شمال القوقاز وهو ما كان يسعى إليه الرئيس الشيشاني على مدى سنوات طوال.

وتأتي هذه التطورات تزامناً مع نشر مفوض حقوق الإنسان في مجلس أوروبا تقريراً طالب فيه بإنهاء حالة الإفلات من العقاب في منطقة شمال القوقاز وانتقد «غياب التحقيقات الفعالة بشأن عمليات الاختفاء والقتل والاغتيالات». وبعد زيارة قام بها في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى الشيشان وانغوشيتيا، أعرب المفوض توماس هاماربيرغ، عن الأسف «لاستمرار حالة الإفلات من العقاب» في هذه المنطقة. ودعا في تقرير له نشر أمس في استراسبورغ إلى «بذل جهود دائمة لمكافحة الفساد في النظام القضائي وفي قوات الأمن» كما طالب أيضا «بتوفير الحماية للشهود خلال التحقيقات». واعتبر أن منطقة شمال القوقاز «لم تعرف بعد الاستقرار» وأن «النشاط المتزايد للمجموعات المسلحة غير الشرعية وغياب التحقيقات الفعالة حول عمليات الاختفاء والقتل والاغتيالات التي يتعرض لها الناشطون في مجال حقوق الإنسان هي عمليا مقلقة».

وأشار إلى أنه في النصف الأول من عام 2009، شنت قوات محاربة الإرهاب الروسية والشيشانية أكثر من مائة «عملية خاصة» ولكن نشاط المجموعات المسلحة غير الشرعية لم يخف. ودعا هاماربيرغ أيضا إلى «استئصال الإعدامات خارج المحاكمات وعمليات القتل والاعتقالات غير المشروعة وإحالة المسؤولين عنها إلى القضاء».

وأوضح أنه خلال زيارته إلى القوقاز، تلقى عدة شكاوى من عائلات شيشانية تتعلق بمفقودين. وفي الفترة بين 2000 و2009، اختفى ما مجموعه 3074 شيشانيا، حسب ما جاء في التقرير نقلا عن مصادر قضائية. ودعا إلى «وقف العقوبات الجماعية بحق أفراد عائلات إرهابيين مفترضين أو أعضاء في مجموعات مسلحة غير شرعية». وأوصى أيضا بإجراء «تحقيقات شاملة حول عمليات الاختفاء التي جرت في الماضي وتحديد هوية الجثث المدفونة في مواقع معروفة في الشيشان».

وطالب كذلك بأن يتم نبش الجثث لتحديد هوياتها بحضور العائلات وتوفير الوسائل الكافية بهذا الخصوص للطب الشرعي.