في تخفيف للهجة الإيرانية: طهران لا تعارض نقل اليورانيوم الموجود لديها للخارج شرط تبادل متزامن

جليلي: إذا لم نحصل على ضمانة ملموسة.. فلدينا خيارات أخرى

TT

أعلن مسؤولان إيرانيان كبيران أمس أن إيران لا تعارض نقل اليورانيوم الضعيف التخصيب (5.3%) الذي تملكه إلى الخارج ولكنها تريد مبادلته بشكل متزامن على أراضيها بوقود نووي مخصب بنسبة 20%. وتعكس تصريحات المسؤولان الإيرانيان تخفيفا في حدة الموقف الإيراني إزاء مسودة اتفاق صاغتها الأمم المتحدة بشأن الوقود النووي تهدف إلى تهدئة مخاوف الغرب بشأن الطموحات النووية الإيرانية وذلك بعد أن بدا وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي الأسبوع الماضي رافضا لمسودة الاتفاق.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبراست وعلي باقري مساعد سكرتير المجلس الأعلى الإيراني للأمن القومي وعضو فريق المفاوضين في الملف النووي الإيراني، إن عملية تبادل متزامنة في إيران لليورانيوم الضعيف التخصيب بنسبة 5.3 في المائة الذي تملكه طهران بوقود نووي مخصب بنسبة 20 في المائة في الخارج يشكل الضمانة التي تطالب بها إيران.

وقال مهمانبراست خلال مؤتمر صحافي إن «إيران لا تعارض نقل اليورانيوم الضعيف التخصيب الذي تملكه إلى الخارج ولكنها تنظر في كيفية القيام بذلك». وأضاف أن إيران «بحاجة إلى ضمانات بنسبة مائة في المائة» بأنها ستحصل على الوقود النووي اللازم لمفاعل الأبحاث في طهران «وإحدى هذه الضمانات هي حصول تبادل متزامن على الأراضي الإيرانية» بين اليورانيوم الإيراني الضعيف التخصيب واليورانيوم المخصب في الخارج بنسبة 20%.

وفشلت مفاوضات استمرت أسابيع بين إيران والدول الكبرى الست في التوصل إلى صفقة بشأن الوقود النووي تبدد قلق الغربيين إزاء البرنامج النووي الإيراني. وتخشى القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة من أن تجري إيران عمليات تخصيب أعلى لقسم من اليورانيوم الموجود لديها ما يجعلها قادرة على صنع قنبلة، الأمر الذي تنفيه إيران بشدة.

ويقع تخصيب اليورانيوم الإيراني في صلب اختبار قوة يجري منذ سنوات بين إيران والغرب الذي يخشى أن تكون نشاطات التخصيب الإيرانية تخفي أغراضا عسكرية.

وفي مسعى لحل الأزمة عرضت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر الماضي مقترحا ينص على أن ترسل إيران 1200 كلغ من اليورانيوم الضعيف التخصيب كانت تمثل نحو 70% من مخزونها عند تقديم العرض إلى روسيا حيث يستكمل تخصيبه إلى نسبة 20% قبل أن يحول في فرنسا إلى وقود لمفاعل الأبحاث في طهران.

بيد أن إيران رفضت هذا العرض بسبب رفض مسؤولين كبار إرسال اليورانيوم الإيراني إلى الخارج. وقال مهمانبراست إن إيران ترغب في الحصول على هذه الضمانة «لأن البلدان التي نتعامل معها لا تحظى بسمعة طيبة لدى الرأي العام الإيراني». وأكد باقري من جهته أن أفضل ضمانة للخروج من المأزق الحالي تتمثل في القيام بعملية تبادل متزامنة لليورانيوم.

وقال في تصريحات نقلتها صحيفة كيهان أمس إن الدول الست المعنية بالمفاوضات مع إيران (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين) «قالت بوجوب إخراج 1200 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 5.3% من إيران لتخصيبها بنسبة 20% في روسيا قبل تحويلها إلى وقود في فرنسا».

وتابع «إن إيران لا مشكلة لديها في نقل اليورانيوم إلى الخارج، لكن بشرط الحصول على ضمانة موثوق بها مائة في المائة بأنها ستتلقى الوقود لمفاعلها. والحل الوحيد للحصول على هذه الضمانة هو القيام بعملية تبادل متزامنة على الأراضي الإيرانية».

كذلك أكد كبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي أمس لشبكة «العالم» التلفزيونية الناطقة بالعربية أن إيران «بحاجة إلى ضمانات ملموسة بالحصول على وقود لمفاعل طهران». وتابع «إذا لم نحصل على ضمانة ملموسة، فلدينا خيارات أخرى»، ملمحا بذلك إلى أن إيران قد تعمد إلى تخصيب اليورانيوم بنفسها إلى نسبة 20% أو إلى شرائه من الخارج.

وكانت القوى الكبرى هددت بأنها ستتخذ عقوبات جديدة بحق إيران إذا لم يتم التوصل إلى حل بشأن برنامجها النووي وقالت إنها لا تزال تأمل في أن تقبل إيران المقترح الدولي وترسل اليورانيوم الضعيف التخصيب إلى الخارج.

وقالت ايلين تاوشر مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لمراقبة الأسلحة والأمن الدولي الأحد، «نفضل أن يختار النظام الإيراني التعاون في نهاية المطاف». بيد أنها أضافت «إذا لم ينفع الإقناع، فإن المرحلة المقبلة ستكون ممارسة ضغوط». لكنها أضافت «لا أعتقد أن (أعمالا عسكرية ضد إيران) مطروحة في الوقت الراهن». ولم تستبعد الولايات المتحدة ولا إسرائيل العدو اللدود لإيران الخيار العسكري ضد إيران بسبب برنامجها النووي.

وتؤكد إيران من جانبها استمرار قوتها العسكرية وقدرتها على التصدي لأي ضربات عسكرية خصوصا ضد منشآتها النووية. وبدأ جيشها الأحد مناورات واسعة من أجل حماية المواقع النووية في البلاد.

ويأتي ذلك فيما حصل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على تأييد البرازيل في ما يتعلق ببرنامج طهران النووي المثير للجدل طالما أن «أغراضه سلمية». وقال الرئيس البرازيلي لويس اناسيو لولا دا سيلفا، خلال زيارة نجاد لبرازيليا، «نعترف بحق إيران في تطوير برنامج نووي للأغراض السلمية مع مراعاة الاتفاقات الدولية بشكل كامل».

وواجه نجاد مظاهرات في المحطة الأولى له من جولته بأميركا اللاتينية والتي ستأخذه أيضا إلى بوليفيا وفنزويلا. ودعا لولا، الذي كشف عن خطط لزيارة إيران في مارس (آذار) المقبل، نظيره الإيراني إلى تبني مسار المحادثات مع «الدول المهتمة بحل عادل ومتوازن لقضية البرنامج النووي الإيراني».

يذكر أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين دخلت في حوار متعثر مع إيران بشأن برنامجها النووي. وشهدت زيارة نجاد للبرازيل مظاهرات خارج مقر وزارة الخارجية البرازيلية، حيث التقى نجاد مع لولا، وأيضا في البرلمان حيث عبر مشرعان اثنان بإشارات بكلمات «الهولوكوست (المحرقة).. لن تتكرر مرة أخرى». وكان نجاد قد أنكر مرارا وقوع المحرقة ضد اليهود في أوروبا ودعا إلى محو إسرائيل من على الخريطة.

ونظم عدة مئات أول من أمس الأحد احتجاجات على زيارة نجاد في ريو دي جانيرو. وكانت البرازيل استقبلت في الآونة الأخيرة قادة من منطقة الشرق الأوسط بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز. وقال عباس في مقابلة صحافية إنه يأمل أن يحاول لولا إقناع أحمدي نجاد إنهاء دعم إيران لحركة حماس الإسلامية. وأضاف الأسبوع الماضي «إيران تدعم حماس بالأموال وقرارات حماس في أيدي طهران».

وخطط أحمدي نجاد أساسا لزيارة البرازيل في مايو (أيار) الماضي ولكنه ألغاها بشكل مفاجئ قبل فترة وجيزة من الانتخابات الرئاسية الإيرانية المثيرة للجدل. ووقعت البرازيل وإيران اتفاقيات للتعاون في مجالات الطاقة بما في ذلك النفط والوقود الحيوي والتعدين والزراعة. وقال لولا «نحن ندافع عن حقوق الإنسان، وحرية مواطنينا في الاختيار» مؤكدا رفض حكومته لـ«كل أعمال التعصب والإرهاب». ومن المقرر أن يتوجه أحمدي نجاد إلى بوليفيا اليوم.