بري يكرر اعتزامه المضي في تأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية و«14 آذار» تعتبره «تخويفا للمسيحيين»

تصريحاته إلى «الشرق الأوسط» عن «الطائفية السياسية» تتفاعل في لبنان والبعض اعتبرها تهربا من الاستراتيجية الدفاعية

TT

أثارت التصريحات التي أدلى بها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إلى «الشرق الأوسط» الاثنين الماضي المزيد من ردود الفعل المتباينة بين الرفض والتأييد والدعوة إلى التريث لجهة إعلانه عزمه المضي في تأليف الهيئة الوطنية العليا لإلغاء الطائفية السياسية، انطلاقا من مسعاه لاستكمال تطبيق اتفاق الطائف الذي يمر هذا العام 20 عاما على إقراره برعاية سعودية في عام 1989، وهو لا يزال يواجه دعوات متباينة بين التعديل والتطبيق الكامل.

ودافع بري بعد لقائه أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان عن طرحه إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، معطيا أمثلة عدّة لبلدان «نجحت اقتصاديا وسياسيا بعدما ألغت الطائفية السياسية». ولفت إلى أن «هناك أناسا لا يريدون حتى التفكير بإلغاء الطائفية السياسية في لبنان»، معتبرا ذلك «مسايرة على حساب الدستور»، ردا على سؤال حول كلام «كتلة المستقبل» التي يرأسها رئيس الحكومة سعد الحريري أمس الأول عن التوقيت غير المناسب لطرح هذا الموضوع.

عن دعوته لتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، نقل النواب عن رئيس المجلس «إن هذا الموضوع أصبح في صلب الدستور وعندما يطالب بتطبيق الدستور فهذا أمر طبيعي، أما اللا طبيعي فهو معارضة هذا الأمر أو طلب تأجيله». وذكر النواب أن بري «حريص كل الحرص على ما فات المجلس خلال السنوات الماضية نتيجة الأزمات التي مرت». وبدوره، استغرب المعاون السياسي للرئيس بري، النائب علي حسن خليل، الضجة التي أثيرت حيال طرح رئيس المجلس النيابي تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وبالتالي «رفض البعض تنفيذ بنود اتفاق الطائف»، فيما سأل عضو كتلة بري، النائب علي خريس، «لماذا هذه الموجة المفتعلة اليوم عند طرح هذا الموضوع؟، هل يريدون إبقاء لبنان في دائرة القوقعة والعودة به إلى الوراء؟، وهل يريدون أن يبقى لبنان في إطار الطائفية المريضة»؟.

ورد رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع على بري دون أن يسميه سائلا «ما الغاية من هذا الطرح في هذه المرحلة تحديدا؟». ورأى أن «إعلان هذا الطرح وتوقيته ما هو إلا تهرب من الاستراتيجية الدفاعية والمقاومة في لبنان التي يشوبها غش كبير حين يقولون إنها جزء من اتفاق الطائف وهذا غير صحيح، إذ لا توجد كلمة مقاومة واحدة في كل نص اتفاق الطائف». ودعا عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب اللبناني نعمة طعمة إلى تطبيق الطائف بكامله قبل طرح تعديله، معتبرا أن «الظروف غير مؤاتية الآن لتعديل الاتفاق الذي أصبح دستورا». وقال طعمة، الذي ينتمي إلى كتلة النائب وليد جنبلاط، إن تعديل الطائف يحتاج إلى إجماع وطني وأن تكون الظروف مؤاتية لهذا الأمر بعيدا عن أية خلافات بين القوى السياسية حوله. وشدد على أن جنبلاط «ضنين وحريص على اتفاق الطائف في أكثر من أي وقت مضى، في ظل التحولات الإقليمية والفتن الطائفية والمذهبية إلى ما شهده لبنان في السنوات الماضية من خلافات. وأشار طعمة إلى أن هاجس النائب وليد جنبلاط محوره إبعاد شبح الفتن الطائفية والمذهبية عن لبنان كذلك إزالة رواسب السابع من مايو (أيار) نهائيا من ذاكرة اللبنانيين وأبناء الجبل. واعتبر طعمة أن اتفاق الطائف هو «الضامن للسلم الأهلي والذي يعبّر عن الشراكة الوطنية بين كل شرائح المجتمع اللبناني». وأشار إلى أن دور المملكة العربية السعودية في إنجاز الطائف «كان أساسيا ورياديا، ورعايتها لهذا الاتفاق مستمرة من خلال توجهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والآيلة إلى دعم لبنان واستقراره ورخائه والوقوف إلى جانبه، وهذا ما لمسناه في قمة جدّة بين الملك عبد الله والرئيس السوري بشّار الأسد ومن ثمّ أثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين لدمشق، مما يعني أن لبنان في قلب المملكة ورعايتها، من خلال دور وتوجهات قيادتها الحكيمة وما تقوم به من رعايةٍ مستمرة للبنان، إلى دورها في تقديم الدعم في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتربوية وفي مختلف المجالات. وهنا لا بدّ للحكومة اللبنانية ولكل اللبنانيين والعرب من أن يكونوا بجانب المملكة والوقوف صفا متراصا في دعمها لاجتثاث الإرهاب من خلال الحرب التي تخوضها للدفاع عن شعبها وأرضها ضدّ المعتدين والإرهابيين أيا كانوا». وفي الإطار نفسه شدد عضو تكتل «لبنان أولا» النائب عمار حوري، على أن «إلغاء الطائفية السياسية يجب أن يتم بعد إنجاز الاستراتيجية الدفاعية التي تبحث على طاولة الحوار»، معتبرا أن «إلغاءها بوجود السلاح يخل بالتوازنات». ورأى أنه «يجب عدم إلغاء الطائفية السياسية مع وجود فريق يملك القدرة الأكبر ليعبر عن وجهة نظره». وعن طرح موضوع تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، قال عضو كتلة «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا «بوجود أحزاب طائفية، وفي ظل عدم تطبيق الإجراءات الفعلية للطائفية السياسية التي تتحدث عن حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية خلال فترة الستة أشهر، وفي ظل غياب التوازن في البلد، وفي ظل الخلافات السياسية ذات الطابع الطائفي، فإن البدء بعملية إلغاء الطائفية السياسية هو دعوة للمسيحيين الباقين في البلد لتوضيب حقائبهم والرحيل». ورأت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» أن الدعوة إلى تشكيل «الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية» بصورة عاجلة، في شكلها ومضمونها وتوقيتها، تثير بعض التساؤلات المشروعة»، متسائلا «كيف يمكن التوفيق بين هذه الدعوة، وما نراه اليوم من خلل في التوازن الوطني بفعل السلاح الذي يجعل البعض يوغل في بناء كيانيته الخاصة، سياسيا وجغرافيا وأمنيا وماليا وثقافيا؟ هل يجوز طرح هذه القضية بطريقة تستعيد أسلوب «التخويف» الذي اعتمده النظام الأمني في أيامه؟».

واعتبر عضو كتلة «الكتائب» النائب سامر سعادة أن «القول بإلغاء الطائفية السياسية هرطقة ولا يمكن أن تتحقق في ظل وجود سلاح وعدم بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها».