دول 5 + 1 تبحث مشروع قرار يدين إيران بسبب ردها على مسودة الاتفاق النووي

مجلس أمناء الوكالة الدولية يعقد اجتماعه الأخير خلال تولي البرادعي منصب المدير العام

الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ونظيره البوليفي إيفو موراليس عقب توقيعهما اتفاقيات تعاون بين البلدين في القصر الرئاسي في العاصمة البوليفية لاباز أمس (إ. ب. أ)
TT

ينخرط مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، صباح اليوم، في آخر اجتماع له والدكتور محمد البرادعي مديرا عاما للوكالة التي رأسها لمدة 12 عاما (ثلاث دورات) تنتهي في الثلاثين من هذا الشهر.

وفيما يتصدر الملف الإيراني أجندة الاجتماع لمناقشة آخر تطورات النشاط النووي الإيراني وآخر مراحل التعاون بين الوكالة وإيران كما جاء في التقرير الذي رفعه البرادعي للمجلس قبل أيام، تشير متابعات «الشرق الأوسط» لاجتماعات متواصلة بين مناديب وسفراء مجموعة «5 + 1» الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين بالإضافة إلى ألمانيا، وذلك بغرض دراسة مختلف أوجه مشروع قرار غربي يحظى بقبول صيني وروسي لإدانة إيران بعدم الالتزام في حالة لم تسارع إيران اليوم أو غدا بالإعلان صراحة بقبولها لمقترح مسودة الاتفاق الدولي التي قدمها لها البرادعي بتاريخ 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومحورها توفير وقود تطلبه إيران لمفاعل طهران للأبحاث الطبية بموجبه تشحن إيران 70% من اليورانيوم الذي نجحت في تخصيبه بدرجة 3.5% إلى روسيا لترفيع درجة تخصيبه إلى نسبة 19% ومن ثم إلى فرنسا لتحويله لقضبان نووية تعود لطهران لاستخدامها كوقود للمفاعل الذي يغطي احتياجات 200 مستشفى متخصص في علاجات السرطان بعموم إيران.

من جانب آخر أشارت مصادر «الشرق الأوسط» بين أولئك المجتمعين أن مسودة مشروع القرار قيد الدراسة تبحث ضرورة إلزام إيران بفتح كل مواقعها للتفتيش الدولي، ما سيؤكد أنها لا تخفي مواقع نووية سرية لم تعلن عنها أو تكشف عن وجودها.

ومعلوم أن اجتماع مجلس الأمناء لو اضطر لإجازة مشروع قرار كهذا سيكون الثاني من نوعه بعد قراره الذي أجازه فبراير (شباط) 2006 والذي بموجبه تمت شكوى إيران لمجلس الأمن ما أدى لفرض 3 حزم من العقوبات الدولية ضدها. نشير هنا إلى أن مجلس أمناء الوكالة يحرص عادة على إجازة قراراته بإجماع أعضائه وعددهم 35 دولة ولذلك فمن الضروري جدا أن يحظى مشروع القرار بموافقة الدول الممثلة لمجموعة دول عدم الانحياز المؤيدة لإيران والتي كانت في الماضي تجد مساندة قوية من روسيا والصين.

من جانب آخر كانت الدول الغربية الثلاث الشريكة في توفير الوقود النووي لإيران، وهي فرنسا وروسيا والولايات المتحدة قد التزمت بالرد وفقا للموعد الذي حدده البرادعي بتاريخ 23 الماضي. وكانت ردودها إيجابية هذا فيما لا تزال القوى السياسية الإيرانية، وحتى اللحظة، تتناقض تصريحاتها ما بين قبول مشروط ورفض بات لنقل اليورانيوم خارج حدودها بدعوى انفراط ثقتها في الدول الغربية التي سبق أن نقضت عهودا وتعاملات بينها وبين إيران. وتطالب تلك القوى الإيرانية المتشككة في نوايا الغرب سواء كانت فرنسا أو روسيا أو الولايات المتحدة الأميركية التي أبدت التزاما بتقديم مساعدات عينية لمفاعل طهران ممثلة في تجديد آلياته لمزيد من الأمان، أن تتم عمليتا تسليم اليورانيوم الإيراني والوقود المخصب في وقت متزامن وداخل إيران. من جانب آخر حرصت قوى إيرانية أخرى على تصريحات تفصح عن عدم رفضها لمسودة الاتفاق مشترطة توفر تعهدات وتطمينات بنسبة 100% تؤكد استلام إيران للوقود. ووفقا لمصادر وثيقة فإن ممن يؤيدون المضي قدما في الموافقة على مسودة اقتراح البرادعي، الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وبعض معاونيه ممن يرون في الاقتراح فرصة قد لا تتكرر لإحداث اختراق إيراني للمقاطعة الدولية ما سيعد نصرا سياسيا يدعم موقفهم. من جانبها ترى الدول الغربية الاقتراح كبادرة لامتصاص كمية مقدرة من اليورانيوم الإيراني المخصب ما يبث شيئا من الطمأنينة التي يحتاجها المجتمع الدولي الذي يخشى أن تنجح إيران في رفع درجة تخصيب ما بحوزتها من يورانيوم سعيا في تحويله لسلاح نووي.

فيما تفسر بعض مصادر «الشرق الأوسط» التأجيلات الإيرانية على تسليم رد قاطع والادعاءات الإيرانية بمختلف التسببات فقط من أجل كسب الوقت خاصة أن إيران مصرة على مواصلة تخصيب اليورانيوم ولم تتوقف يوما كما صرح مندوبها لدى الوكالة الدولية السفير علي أصغر سلطانية في حديث سابق مع «الشرق الأوسط».

في سياق آخر كان مسؤول دبلوماسي رفيع قد استبعد في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» وجود أي ضرورات تستدعي عقد جلسة ثانية تجمع بين إيران وبقية أطراف الاتفاق. كما تطالب إيران بدعوى ضرورة بحث مزيد من التفاصيل التقنية والقانونية لمسودة الاتفاق. مؤكدا أنهم بحثوا كل التفاصيل كما قدموا لإيران كل ما يمكن تقديمه من ضمانات. داعيا إيران للتوكل وعقد الاتفاق الذي، كغيره من الاتفاقات التجارية، صغرت أو كبرت، يحمل شيئا من المخاطرة. وأكد الدكتور محمد البرادعي أن إيران محجوبة معصوبة عن التفاعل إيجابيا مع ما يطرحه من مقترح دولي لتوفير وقود لمفاعل طهران الطبي بسبب تناقضات سياسية تدور في داخلها. مكررا القول إن الحل الوحيد لحل قضية الملف النووي الإيراني هي الحوار وصولا لحل دبلوماسي لاسيما أن المجتمع الدولي بأسره وفي مقدمته الرئيس الأميركي باراك أوباما والاتحاد الأوروبي يمدان أيديهم لإيران من دون شروط مسبقة وعملا بمبدأ الاحترام المتبادل. جاء ذلك في مؤتمر صحافي مشترك عقده ووزير الخارجية الألماني بمقر الوكالة بالعاصمة النمساوية فيينا حيث أمن الوزير الألماني على ما قاله البرادعي. مبينا إيمان حكومة بلاده بالحوار والتفاوض. مضيفا أنهم رغم ذلك لن ينتظروا إيران إلى ما لا نهاية. حاثا إيران على المسارعة بالاستجابة.

من جانب آخر أكد البرادعي أنهم ومختلف الأطراف المشاركة في الاتفاق قدموا كل ما يمكن تقديمه من تطمينات لإيران. متسائلا ماذا يمكن أن نقدم لإيران أكثر من العروض التي قدمناها؟؟ مشددا على ضرورة نقل اليورانيوم خارج إيران باعتبار أن ذلك بمثابة فك العقبة الأساسية أمام الوصول لحل دبلوماسي يمثل خرقا لحالة العزلة التي تعيشها إيران. مؤكدا ضرورة أن تبدأ إيران العمل وفق أرضية جديدة فرشها الثقة وليس عدمها. مؤملا أن تسارع إيران بقبول مسودة الاتفاق التي قدمها وذلك قبل مغادرته كمدير عام للوكالة.