أوباما يعتزم إرسال 30 ألف جندي إلى أفغانستان

سيعلن استراتيجيته الجديدة مساء الثلاثاء

جندي من مشاة البحرية الأميركية من فرقة استطلاع متقدمة في أفغانستان يستريح في وقت كثر فيه الحديث عن قرب إعلان الرئيس أوباما استراتيجيته الخاصة بأفغانستان يوم الثلاثاء المقبل (إ.ب.أ)
TT

سيعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما استراتيجيته الأفغانية الثلاثاء المقبل عند الثامنة مساء (الأربعاء الساعة 00.01 ت.غ) في خطاب إلى الأمة سيلقيه في أكاديمية ويست بوينت العسكرية (شمالي شرق)، كما صرح المتحدث باسمه روبرت غيبس أمس.

وقال غيبس إن «الرئيس سيوجه كلمة إلى الأمة بخصوص أفغانستان يوم الثلاثاء عند الساعة 00.20 (بالتوقيت المحلي) من أكاديمية ويست بوينت العسكرية»، مضيفا أنه سيعرض استراتيجيته الجديدة على نواب الكونغرس قبل إلقاء كلمته.

ولم يتسرب شيء حتى الساعة عن مضمون الاستراتيجية الأميركية الجديدة، لكن غيبس أعلن أن خطط الرئيس ستتضمن استراتيجية للخروج من أفغانستان.

وأعلن أوباما أول من أمس أنه قرر «إنجاز المهمة» في أفغانستان، وقد أشار مساعدوه إلى أن الرئيس أوباما ربما يرسل ما بين 25 ألفا و30 ألفا من القوات الأميركية الإضافية على الرغم مع التأكيد على أن العدد النهائي ما زال لم يحدد بشكل نهائي.

ومن جهته، قال البيت الأبيض إن أوباما قد أتم مشاوراته مع مجلس الحرب مساء يوم الاثنين، وإنه ربما يعلن رسميا قراره في خطاب رسمي خلال الثلاثاء المقبل.

وفي مؤتمر صحافي أقيم بالغرفة الشرقية بالهند مع رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ؛ أشار أوباما إلى اختلاف التوجه الذي يتخذه عن ما ورثه من مواقف عن إدارة بوش، وقال إن الهدف هو منع القاعدة من استخدام المنطقة لشن المزيد من الهجمات ضد الولايات المتحدة وإرساء الاستقرار في أفغانستان.

ومن جهة أخرى، يقول: «بعد ثماني سنوات ـ بعض هذه السنوات لم نكن خلالها نمتلك الموارد أو الاستراتيجية لإنجاز المهمة ـ أعتزم إنهاء المهمة».

كما قال إنه سوف سيحدد استراتيجية أفغانستان في أعقاب عيد الشكر، مضيفا: «أشعر بالثقة البالغة في أن الأميركيين سيمنحوننا تأييدهم بعدما يسمعون المبررات المنطقية لما نفعله هنا وخططنا لتحقيق تلك الأهداف».

وعلى الرغم من أنه ومستشاريه وضعوا معايير لقياس التقدم الذي يحرزونه ولفرض الضغط على الحكومة الأفغانية كي تؤدي دورها، فإنه لم يقدم أي تفاصيل خلال التصريحات التي أدلى بها يوم الثلاثاء. كما التزم الصمت بشأن ما الذي يعنيه إنجاز المهمة في أفغانستان، أو مدى السرعة التي يعتقد أنه سيكون قادرا بها على تخليص الولايات المتحدة من الحرب هناك.

وعلى الرغم من أن عدد القوات التي سوف يأمر بإرسالها إلى أفغانستان سوف يسهم إلى حد كبير في تحديد موقفه، فإن البيت الأبيض أكد أن مراجعة أوباما تتجاوز مسألة عدد القوات إلى تحديد دور الجيش والمساعدات المدنية في الجهود في أفغانستان بشكل أفضل، بالإضافة إلى كيفية مواءمة تلك الجهود مع جهود القضاء على القاعدة في باكستان، مع الحرص على ألا يكون الالتزام الأميركي في أفغانستان بدون نهاية محددة.

وفي الاجتماع الذي عقده عشية يوم الاثنين، دار أوباما حول طاولة الاجتماعات بقاعة إدارة الأزمات بالبيت الأبيض، وهو يسأل كبار مستشاريه عن محصلة تقديراتهم الفردية وعن مخاوفهم كذلك، وذلك وفقا لما قاله أحد المسؤولين بالإدارة حول الاجتماع الذي استمر لساعتين. ويضيف المسؤول أنه كان هناك الكثير من الشد والجذب، حيث كان السيد أوباما يقحم أسئلته، وكان كبار مساعديه يقاطعون بعضهم بعضا. وعندما انتهى الاجتماع بعد الساعة العاشرة بقليل، تفرق بعض كبار مستشاري الرئيس في مجموعات أصغر لمواصلة المناقشات، وذلك وفقا لما قاله المسؤول الذي رفض الاجتماع مثل غيره من المسؤولين الذين التقينا بهم خلال ذلك الموضوع شريطة عدم الإفصاح عن هويته نظرا لسرية هذا الاجتماع.

وقد غطى الاجتماع نطاقا واسعا من القضايا بما في ذلك معايير قياس التقدم في باكستان وأفغانستان، بالإضافة إلى العدد المحدد من القوات الأميركية الإضافية التي سيتم إرسالها.

وعلى الرغم من أن بعض مساعديه رجحوا ألا يقل عدد القوات التي سيتم إرسالها إلى أفغانستان كثيرا عن 30 ألف جندي ـ هناك حاليا نحو 68 ألف جندي أميركي في أفغانستان ـ قال عدد من المسؤولين إن السيد أوباما بدا وكأنه لم يستقر بعد على العدد النهائي. فيقول أحد المسؤولين إنه «ما زال غير راض».

وربما ترجع مخاوف الرئيس أوباما في جانب منها إلى عدم الرضاء الذي يسود بعض أعضاء حزبه في الكونغرس فيما يتعلق بتصعيد الحرب ودفع المقابل. يذكر أن بيتر أورسزاغ، مدير الموازنة بالبيت الأبيض، كان ضمن حاضري اجتماع عشية يوم الاثنين.

وقبل اجتماعها مع الرئيس أوباما يوم الثلاثاء، قالت نانسي بيلوسي، رئيس مجلس النواب الأميركي، في حوار مع رجال الاقتصاد والمدونين، إنه توجد «مخاوف حقيقية في حزبنا بشأن إذا ما كنا نستطيع تحمل كلفة الحرب».

ومن جهتها، قالت بيلوسي إنها لم تكن تريد أن تضحي بأجندة الحزب المحلية من أجل تكلفة زيادة القوات. فتقول: «يعتقد الأميركيون إنه إذا كان هناك شيء في صالح أمننا القومي، فيجب أن نكون قادرين على تحمل كلفته. ولكن ذلك لا يعني أن نجعل كل شيء آخر رهينا لتلك الخطة». ويقول بعض المسؤولين في الإدارة إن المسؤولين قد ناقشوا خلال اجتماع يوم الاثنين عرضا بنشر القوات الأميركية على مراحل، تسافر المجموعة الأولى منها في بداية العام، وتتمركز في جنوب وشرق أفغانستان بحلول الربيع. وأضافوا أن الجيش الأميركي قادر على نشر لواء كل ربع سنة.

ومن جهة أخرى، قال أحد المسؤولين بالإدارة الأميركية والمطلعين على السياسة الأفغانية إن الرئيس وكبار مستشاريه كانوا يفكرون من منطلق «استراتيجيات الانسحاب» ولكن ليس بالضرورة من خلال «توقيت الانسحاب». وقارن ذلك التوجه «بالتقارب المشروط» الذي اتبعه الرئيس جورج بوش في العراق. وأضاف المسؤول أن المسؤولين الأميركيين سوف يراقبون عن كثب تدريب قوات الأمن الأفغانية ونشرها لتحديد التوقيت الملائم لنقل السلطة تدريجيا إلى السلطات الأفغانية. وذلك هو ما حدث في العراق، حيث نقلت القوات الأميركية السيطرة على الأراضي تدريجيا إلى العراقيين كلما أثبتوا قدراتهم.

«خلال تنفيذ الاستراتيجية ربما يتم تحديد مدد معينة»، وذلك ما قاله المسؤول بالإدارة الأميركية، والذي استشهد بالعرض الذي قدمه السيناتور كارل ليفني الديمقراطي عن ميتشغان، الذي يترأس لجنة الخدمات المسلحة بوجوب زيادة الجيش الأفغاني بحلول عام 2012 إلى 240 ألف جندي من عدد 92 ألفا، وزيادة عدد قوات الشرطة إلى 160 ألف ضابط من 84 ألف ضابط في الوقت الراهن.

وقد رفض أوباما أن يحدد اليوم الذي سوف يعلن فيه عن قراره النهائي ولكن المسؤولين أشاروا إلى أنه من المحتمل أن يعلن عنه يوم الثلاثاء، حيث تمت دعوة قيادات الكونغرس. وقال المسؤولون بالإدارة إنه في إطار استراتيجيته المتعلقة بأفغانستان، سوف يضع أوباما معايير مشددة لقياس الأهداف الذي تتوقع الولايات المتحدة أن تفي الحكومة الأفغانية بها. وسوف يربط السيد أوباما ما بين المساعدات العسكرية والاقتصادية إلى أفغانستان بتحقيق هذه الأهداف.

وفي الوقت الذي تزايدت فيه حدة الجدل المتعلق بزيادة عدد القوات خلال الشهور القليلة الماضية، حازت الزيادة التي تقدر بنحو 30 ألفا من التعزيزات الإضافية على تأييد وزير الدفاع روبرت غيتس، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، والأدميرال مايك مولين رئيس الأركان.

* خدمة «نيويورك تايمز»