باكستان: توجيه الاتهام إلى 7 بالتورط في هجمات مومباي

اعتقال ضابط سابق في الجيش الباكستاني بشأن قضية خلية شيكاغو

TT

وجهت محكمة خاصة في باكستان رسميا الاتهام إلى سبعة باكستانيين اشتبه في مشاركتهم في إعداد هجمات منسقة أوقعت 166 قتيلا قبل عام في مومباي في الهند، على ما أعلن أحد محامي المتهمين أمس لوكالة الصحافة الفرنسية. وتتهم الهند مجموعة مسلحة متطرفة إسلامية تتخذ من باكستان مقرا لها تدعى «عسكر طيبة» بأنها دبرت ونفذت هذه الهجمات في العاصمة الاقتصادية للهند من 26 إلى 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، وتشتبه في أن المهاجمين العشرة الذين نجا أحدهم تلقوا دعما لوجستيا من أجهزة الاستخبارات الباكستانية. وأوقفت الشرطة الباكستانية سبعة مشتبه بهم منذ ذلك الحين، بينهم ذكير الرحمن الأخوي العقل المدبر المفترض للاعتداءات بحسب نيودلهي، وأحد الأعضاء البارزين في «عسكر الطيبة» ضرار شاه. وقال المحامي شهباز راجبوت لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف إن الأشخاص السبعة «وجهت إليهم التهم، وبينهم الأخوي، لكن المتهمين دفعوا ببراءتهم لأنه ليس هناك أي دليل لإدانتهم»، وذلك أمام محكمة مكافحة الإرهاب في روالبندي. وأضاف: «لقد اتهموا بموجب قوانين مكافحة الإرهاب الباكستانية»، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.

إلى ذلك، أعلن متحدث باسم الجيش الباكستاني أن وكالات الأمن الباكستانية اعتقلت ضابطا سابقا في الجيش الباكستاني بسبب صلاته المحتملة برجلين اعتقلا في شيكاغو بتهمة الإرهاب. واعتقل ديفيد هيدلي وتهور حسين رنا الشهر الماضي ووجهت لهما اتهامات بالتخطيط لشن هجوم على صحيفة «يولاندس بوستن» الدنماركية التي نشرت رسوما كاريكاتورية اعتبرت مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في عام 2005، مما أثار احتجاجات من جانب المسلمين في عدة دول. ورنا كندي مولود في باكستان في حين أن هيدلي أميركي قضى وقتا في باكستان التي تواجه ضغوطا أميركية لشن حملة أقوى على المتشددين على الحدود مع أفغانستان لمساعدتها على إخماد تمرد لطالبان هناك. وقال المتحدث العسكري الباكستاني الميجور جنرال اثار عباس إن ضابطا سابقا في الجيش برتبة ميجور اعتقل فيما يتعلق بهذه القضية. وأضاف: «ما زال معتقلا ويجري استجوابه»، وقال إنه لم يتم اعتقال أي ضابط ما زال في الخدمة في هذه القضية. وذكرت وثائق محكمة أميركية أن هيدلي ورنا ناقشا هجومهما المزمع على الصحيفة الهولندية مع أعضاء في جماعة «عسكر طيبة» التي تتخذ من باكستان مقرا لها و«جماعة إلياس» الكشميرية المتشددة التي تتخذ من باكستان مقرا لها ولها صلة بـ«القاعدة». وتحدثت أيضا جماعة «عسكر طيبة» التي ينحى باللائمة عليها في هجوم وقع في مومباي عام 2008، معهما بشأن احتمال شن هجمات في الهند وأشارت إلى ضرورة إعطاء ذلك أولوية على المؤامرة المزعومة في الدنمارك. وتنفي «عسكر طيبة» صلتها باعتقالات شيكاغو. ويشعر المسؤولون بقلق منذ فترة طويلة من إمكان استخدام «عسكر» طيبة لشبكة دعمها الكبيرة في الشتات الباكستاني لضرب أهداف غربية.

ولكن محللين قالوا إنه يجري بشكل غير رسمي التغاضي عنها لأنه لا يعتقد بتورطها في هجمات داخل باكستان، حيث تقاتل الحكومة متشددي طالبان. وحاكمت السلطات الباكستانية سبعة من أعضاء «عسكر طيبة» بسبب صلاتهم بأحداث العنف التي وقعت في مومباي وأدت إلى قتل 166 شخصا، في حين وضع مؤسس الجماعة حافظ محمد سعيد رهن التحفظ المنزلي لفترة وجيزة. وأغلقت السلطات أيضا مكاتب جماعة الدعوة، وهي مؤسسة خيرية كان يرأسها سعيد بعد أن قالت الأمم المتحدة إنها اسم مستعار جديد لـ«عسكر طيبة» ووضعتها ضمن قائمة للإرهاب في 2008. ولكن جماعة الدعوة عادت إلى الظهور على ما يبدو تحت اسم مؤسسة فلاح الإنسانية وشاركت كوادرها في أنشطة إغاثة لمن شردهم هجوم للجيش على مقاتلي طالبان في وادي سوات بشمال غربي باكستان في مايو «أيار». وأصدرت هذه الجماعة أيضا صحيفة أسبوعية. ومثل المتهمون السبعة أمام المحكمة التي اتخذت مقرا لها في سجن شديد الحراسة في روالبندي. وتزامنت هذه الجلسة التي أرجئت عدة مرات منذ أشهر مع الذكرى الأولى لهجمات مومباي، فيما كررت الهند المجاورة الشكوى من امتناع إسلام آباد عن التعاون. ونشأ البلدان عام 1947 نتيجة الاستقلال الفوضوي لإمبراطورية الهند البريطانية، وتواجهتا مذاك في ثلاث حروب. كما تملك كل منهما السلاح النووي. وبدأت عام 2004 عملية سلام هشة بينهما قطعتها الهند بعد هجمات بومباي. وتنفي باكستان الاتهامات الموجهة إلى أجهزة استخباراتها وتؤكد أنها ستتمكن من إحراز تقدم كبير وبسرعة أكبر في تحقيقها حول المتهمين السبعة وغيرهم إن وافقت الهند على «تقديم المزيد من المعلومات». ودعا رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ في زيارة إلى واشنطن إلى الضغط على باكستان لتكافح الإرهاب على أرضها، فيما اعتبر الرئيس الأميركي أمس أن إسلام آباد «أحرزت تقدما» مشيرا إلى أن باكستان تلعب «دورا بالغ الأهمية» في إحلال السلام في المنطقة. وأقرت الولايات المتحدة للتو منح باكستان مساعدة مالية ضخمة. وتشكل باكستان حليفة أساسية للولايات المتحدة في «الحرب على الإرهاب» التي بدأت مع نهاية 2001، وتدفع ثمنا باهظا في المقابل. وقتل أكثر من 2550 شخصا في أرجاء البلاد في عامين ونيف نتيجة موجة من الهجمات نفذ أغلبها انتحاريو حركة طالبان باكستان المتحالفة مع «القاعدة» التي يواجهها الجيش في شمال غربي البلاد على الحدود مع أفغانستان. ويحاكم محمد أكمل قصاب الناجي الوحيد من هجمات بومباي التي وفد منفذوها من باكستان بحرا، في الهند حيث سبق أن اعترف بتلقيه تدريبا لدى «عسكر طيبة». وأعلنت هذه الحركة المحظورة في باكستان أنها تحارب «الاحتلال» الهندي في كشمير و«الاضطهاد» الذي يتعرض له 150 مليون مسلم في الهند.