مؤتمر المناخ: أوباما يشارك «جزئيا».. والصين تطالب بنتائج ملموسة

مسؤول دولي لـ«الشرق الأوسط»: البعض سيساهم في كوبنهاغن بالمال والبعض بالأفكار

TT

أعلن مسؤول في الإدارة الأميركية، أمس، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيتوجه إلى كوبنهاغن في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لحضور مؤتمر المناخ الدولي، المقرر في الفترة من 7 إلى 18 ديسمبر (كانون الأول). وبهذه المشاركة في الأيام الأولى للمؤتمر، ينضم أوباما، الذي تعد بلاده مع الصين بين أكبر الملوثين في العالم، إلى العشرات من رؤساء الدول والحكومات الذين قبلوا بالفعل دعوة الدنمارك (مضيفة هذا المؤتمر للأمم المتحدة). وعلى أوباما في كل الأحوال التوجه إلى أوروبا في العاشر من ديسمبر لتسلم جائزة نوبل للسلام في أوسلو، التي لا تبعد كثيرا عن كوبنهاغن.

كذلك أعلن البيت الأبيض أن الرئيس أوباما سيعرض في مؤتمر كوبنهاغن للمناخ خفض انبعاثات بلاده من الغازات الدفيئة بنسبة 17% مع عام 2020، ثم 30% مع 2025، ثم 42% لعام 2030، مقارنة بمستويات 2005. ولم تحدد الرئاسة الأميركية ما تعنيه نسب التقليص المذكورة بالنسبة إلى عام 1990 المرجعي لدى أغلبية الدول المعنية بمفاوضات الأمم المتحدة حول المناخ.

ومن جانبه، قال مفاوض صيني، إن بكين ستطالب بأن يتوج مؤتمر كوبنهاغن باتفاق حقيقي، وألا ينتهي بما يطلق عليه بيان سياسي. ونقلت وكالة «شينخوا» للأنباء عن لي جاو، المسؤول في لجنة التنمية الوطنية والإصلاح، قوله أمام منتدى أمس «سنحاول أن نجعل القمة ناجحة ولن نقبل أن تنتهي ببيان أجوف أو ما يطلق عليه بيان سياسي». وأضاف «مؤتمر كوبنهاغن سيكون حدثا مهما وسيدون في التاريخ ولذلك فإن الكثير من الآمال معقودة عليه». واعتبر أن المحادثات حققت بعض التقدم حتى الآن لكن ليس بالقدر الكافي.

وكان من المنتظر أن تضع قمة كوبنهاغن إطارا جديدا لمكافحة الاحتباس الحراري لكن المحادثات تعثرت بسبب خلاف بين الدول المتقدمة والدول النامية بشأن الطرف الذين يتعين عليه خفض الانبعاثات وأيهما يجب أن يدفع ثمن هذا. واقترحت الحكومة الدنماركية، مضيفة المؤتمر المرتقب، أن يؤجل العالم اتفاقا ملزما قانونا حتى 2010 والتوصل بدلا من ذلك إلى اتفاق سياسي شامل. وأيد الرئيس الأميركي أوباما الاقتراح لكنه قال إنه يريد رؤية اتفاقية «يبدأ تطبيقها على الفور».

وقالت الولايات المتحدة الأسبوع الحالي إنها ستقترح هدفا للحد من الانبعاثات مع الوضع في الاعتبار أن يحصل على دعم المشرعين الأميركيين الذين يجب أن يوافقوا عليه حتى يصبح قانونا. وكانت إدارة أوباما أحجمت في السابق عن تحديد هدف للحد من الانبعاثات لأن هذا يتطلب موافقة مجلس الشيوخ أولا على مشروع قانون شامل للمناخ وهو ما أضعف موقف الولايات المتحدة في مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ. واكتفت الصين بالقول إنها «تدرس» الخطة الدنماركية لكن لي بدا أنه يقبلها ضمنيا، قائلا إن العروض المقدمة من الدول الغنية لتمويل نقل التكنولوجيا وتكلفة التأقلم على عالم أكثر دفئا تمهد الطريق لإبرام اتفاق.

وفي إطار الإعداد لمؤتمر كوبنهاغن، يجتمع قادة دول الكومنولث الذين سينضم إليهم بصورة استثنائية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، يوم غد، في ترينيداد وتوباغو في الكاريبي، في آخر اجتماع دولي كبير قبل مؤتمر كوبنهاغن. وستبحث المنظمة، التي تضم 53 دولة منبثقة بمعظمها عن الإمبراطورية البريطانية السابقة، خلال ثلاثة أيام اتفاقا جديدا لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري يفترض أن يحل مكان بروتوكول كيوتو.

وستفتتح الملكة إليزابيث الثانية رئيسة رابطة الكومنولث هذا الاجتماع الذي سيشارك فيه الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، بان كي مون، ورئيس الوزراء الدنماركي لارس لوكي راسموسن، الذي تستضيف بلاده المؤتمر حول المناخ. وسينضم إلى الاجتماع بصورة استثنائية الرئيس ساركوزي ونظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، اللذان لا تنتمي بلادهما إلى الكومنولث للسعي إلى ترويج نص مشترك بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن المناخ.

وعبر الأمين العام للمنظمة، كماليش شارما، عن أمنيته بأن يفضي هذا الاجتماع إلى إعلان سياسي قوي قبل مؤتمر كوبنهاغن، لافتا إلى أن صوت أصغر الدول في الكومنولث يجب أن يسمع.

ولاحظ المسؤول أثناء اجتماع في لندن أن «الأكثر معاناة بطرق مختلفة من التغير المناخي هي الدول الصغيرة العديدة المغلوبة على أمرها والتي لا تنتج سوى كمية قليلة جدا من ثاني أكسيد الكربون». وأعلن رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون أمس أنه سيتوجه إلى الاجتماع «ليسعى إلى التوصل إلى توافق بين دول مثل أستراليا (وبريطانيا) وبعض الدول (التي تعد) الأكثر فقرا في العالم بشأن طريقة تمويل الرد على التغير المناخي». وتدعو لندن إلى تأسيس صندوق بمائة مليار دولار لمساعدة البلدان النامية على مواجهة التغير المناخي، لكن هذا المشروع يلقى اعتراضات خصوصا في أوروبا.

كذلك، عقد وزراء البيئة في دول الاتحاد الأوروبي أخيرا اجتماعا، بحثوا فيه التحضيرات الأخيرة قبيل انعقاد مؤتمر كوبنهاغن، شاركت فيه أيضا شخصيات دولية بينها إيفو ديبور السكرتير التنفيذي لاتفاقية المناخ، كممثل عن الأمم المتحدة. وعلى هامش الاجتماع قال ديبور لـ«الشرق الأوسط» إن هناك دولا مثل البرازيل وروسيا واليابان وكوريا الجنوبية، أظهرت خلال الفترة الأخيرة استعدادا للمساهمة في الدعم المالي لخطط مكافحة الاحتباس الحراري، وهناك دول ستأتي بحزمة من الإجراءات والأفكار إلى مؤتمر كوبنهاغن. وأوضح أن الولايات المتحدة، التي لم توقع على معاهدة كيوتو، أبدت استعدادها للمشاركة في خطط مكافحة الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. وعن توقعاته للمؤتمر المرتقب، قال ديبور إنه لا يعتقد أن الفترة القادمة ستشهد وضع قوانين ملزمة ليجري طرحها في كوبنهاغن.

وبدوره، قال وزير البيئة السويدي أندرياس كارلغرين، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن بلاده تأمل في أن يخرج مؤتمر كوبنهاغن بخطة مستقبلية. وأضاف أن بعض الجهات تريد أن تكون هناك أكثر من خطة، لكن في كل الأحوال نتمنى أن يشكل المؤتمر بداية الطريق لتحقيق الأهداف المطلوبة.