أكثر من 2.5 مليون حاج من كافة أنحاء المعمورة يقفون اليوم على صعيد عرفات

خادم الحرمين الشريفين يشرف اليوم في المشاعر على تنقلات الحجيج ويفتتح المرحلة الأخيرة لجسر الجمرات العملاق

جموع الحجاح يستغلون الجسر الواقي اتقاء للأمطار التي هطلت في المشاعر المقدسة أمس (تصوير: محمد علي)
TT

منذ تباشير فجر هذا اليوم التاسع من شهر ذي الحجة «يوم عرفة»، رصدت «الشرق الأوسط» تدفق الحشود المليونية لحجاج بيت الله الحرام من كافة أنحاء المعمورة والذين سيقفون هذا اليوم على صعيد عرفات الطاهر، قادمين من منى حيث قضوا ليلة البارحة استعدادا لهذا الحدث الديني السنوي، ليبتهلوا إلى الخالق عز وجل أن يغفر لهم ذنوبهم ويستر عيوبهم ويكفر عنهم الخطايا، وأن ينصر أمة الإسلام ويرفع من شأنها.

في الوقت الذي يقف فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز اليوم ميدانيا للإشراف على نفرة وتنقلات ضيوف الرحمن من صعيد عرفات إلى المشعر الحرام مزدلفة ومن ثم إلى منى حيث يصل بعد عصر هذا اليوم إلى مشعر منى ليفتتح المرحلة الرابعة والأخيرة من جسر الجمرات العملاق، الذي أمر قبل ثلاث سنوات بتنفيذه والذي تبلغ تكلفته 4.2 مليار ريال سعودي.

ويستعد حجاج بيت الله الحرام لرمي جمرة العقبة يوم غد الجمعة وهو أول أيام عيد الأضحى المبارك، لرمي جمرة العقبة ونحر وذبح أضاحيهم اقتداء بسنة المصطفى عليه أفضل الصلوات والتسليم.

وكانت القيادة السعودية وكافة الجهات الحكومية المعنية بشؤون الحج يتقدمهم الأمير نايف بن عبد العزيز، الذي يؤدي دورا ميدانيا مباشرا، وذلك بصفته رئيسا للجنة الحج العليا، حيث يتابع شخصيا كافة الأجهزة التنفيذية التي تدير كل ما يتعلق بالحج لمتابعة تنقلات الحجاج ووصولهم إلى منى ومن ثم إلى عرفات، وكل ما يبذل نحوهم من خدمات وتسهيلات، يسانده في ذلك الدور البالغ الأهمية للأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية والذي يتابع ميدانيا أيضا تحركات الحجيج لحظة بلحظة منذ وصولهم إلى مكة المكرمة، وتنقلاتهم في المشاعر المقدسة. وعودة إلى خطة التصعيد إلى منى، التي احتضنت منذ صباح يوم أمس جموع الحجاج واستقبلتهم بهطول أمطار تراوحت بين المتوسطة والغزيرة شملت أيضا أنحاء منطقة مكة المكرمة، حيث استبشر الكثير من ضيوف الرحمن بهذا الغيث، سائلين المولى عز وجل أن يجعلها سقيا خير وبركة، فيما قضى الحجاج في منى يوم التروية وباتوا بها، مقتدين في ذلك بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد اقترن توافد مواكبهم بالهدوء والسكينة بينما ارتفعت أصواتهم بالتلبية «لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك». ورصدت بعثة «الشرق الأوسط» في المشاعر المقدسة رحلة الحجيج في مرحلتها الأولى من التصعيد من مكة المكرمة إلى منى التي تميزت باليسر والسهولة رغم الأمطار الغزيرة التي صاحبتها زوابع رعدية، في حين أكدت المديرية العامة للدفاع المدني أنه لم يتم تسجيل أي حوادث بسبب هطول الأمطار في المشاعر المقدسة حتى الآن، وأن الأوضاع في مكة المكرمة والمشاعر مطمئنة وتحت السيطرة، وكان الدفاع المدني دعا كافة الحجاج إلى أخذ الحيطة والحذر والالتزام بتعليمات مسؤولي السلامة في المخيمات، كما دعتهم إلى الابتعاد عن مناطق تجمعات الأمطار واتباع التعليمات في حالات الإخلاء، وعدم التدافع والهدوء التام. وكان أيضا قد حذر في وقت سابق من أمس القادمين عبر الطرق السريعة من المدينة المنورة وجدة والليث والسيل إلى توخي الحذر أو تأجيل سفرهم لحين توقف الأمطار.

وفي وقت لاحق من مساء أمس تابعت بعثة «الشرق الأوسط» في المشاعر المقدسة اكتمال وصول حجاج بيت الله الحرام، ورافق توافد المواكب آلاف من رجال الأمن بمختلف القطاعات الذين تابعوا توجه الحجاج إلى منى عبر الطرق الفسيحة والأنفاق والجسور التي هيأتها الحكومة السعودية حيث ترتبط مكة المكرمة بالمشاعر المقدسة بشبكة طرق عديدة إضافة إلى الأنفاق والطرق الخاصة بالمشاة التي زودت بجميع ما يحتاجه الحاج وهو في طريقه إلى منى.

وعلى الرغم من الكثافة الكبيرة في أعداد السيارات والمشاة فإن رجال المرور الذين يساندهم أفراد قوى الأمن أسهموا بفعالية في تنظيم حركة التصعيد وإرشاد ضيوف الرحمن ومساعدتهم والحفاظ على أمنهم وسلامتهم، فيما تتسابق الجهات الحكومية والخاصة المعنية بالحج، في تقديم أفضل خدماتها لضيوف الرحمن، ومن ضمن هذه الجهات وزارة الصحة السعودية التي تقدم خدماتها الصحية والطبية خلال هذا الموسم بتأمين 10 آلاف شخص ما بين أطباء وممرضين وفنيين وسائقين وعمال جندتهم لخدمة ضيوف الرحمن يعملون في 21 مستشفى في مناطق المشاعر المقدسة ومكة المكرمة والمدينة المنورة تضم 3932 سريرا وبرج الطوارئ بمنى بسعة 182 سريرا بينما تبلغ السعة السريرية في مستشفيات مشعر منى أكثر من 800 سرير في حين تقدم خدماتها للحجاج في عرفات عبر 3 مستشفيات بسعة 800 سرير وعشرات المراكز الطبية المنتشرة في مشعري منى وعرفات إلى جانب خطة الطوارئ الخاصة بجسر الجمرات التي تعتمد على الوجود الميداني بجوار الجسر من خلال فرق طبية مجهزة بكامل مستلزماتها وسيارات إسعاف، إضافة إلى المراكز الصحية الموسمية الستة الموجودة على جسر الجمرات.

وتشارك وزارة الصحة مع الجهات ذات العلاقة في تنفيذ خطة الطوارئ العامة للتعامل مع الحالات الطارئة التي قد تحدث خلال وقوف الحجاج على عرفات أو نفرتهم منها أو على جسر الجمرات وتدريب أفراد الدفاع المدني وقوات الأمن الخاصة على بعض الإسعافات الأولية وطرق نقل المصابين.

وفي المجال الأمني، أنهى الأمن العام السعودي كافة ترتيباته واستعداداته اللازمة لحج هذا العام، وأوضح الفريق سعيد القحطاني مدير الأمن العام أن فرق التجهيز اللازمة باشرت مهامها وفق الخطط المطروحة والمنبثقة عن الخطة العامة للحج في مجال التشغيل والتجهيز، وبين الفريق القحطاني أن الأمن العام وضع الخطة المرورية والأمنية لتنقل الحجيج داخل المشاعر المقدسة ومكة المكرمة راعى في مجملها معالجة السلبيات التي حدثت في حج العام الماضي وتنمية الإيجابيات بما يكفل تحقيق أهداف الخطة العامة التي تستهدف المواقع الأكثر ازدحاما لتغطيتها بما يلزم من تجهيزات تباعا ودعمها بالقوى البشرية اللازمة لتحقيق الأهداف المرجوة.