التحقيق البريطاني في حرب العراق: لندن تلقت تقريرا قبيل الغزو عن تدمير السلاح الكيماوي والبيولوجي

مسؤولان سابقان أكدا عدم وجود أدلة على صلة صدام بـ«القاعدة»

TT

كشف مسؤولان سابقان في وزارة الخارجية البريطانية، أمس، أن العراق لم يكن على رأس لائحة البلدان التي تعتبرها بريطانيا مصدر قلق لناحية تطوير أسلحة دمار شامل، كما اعترفا في اليوم الثاني لبدء التحقيق العلني في الحرب على العراق، بأن بريطانيا تلقت معلومات استخباراتية قبل أيام من إعطاء الأمر بغزو العراق، تفيد بأن العراق دمر الأسلحة الكيماوية والبيولوجية التي كان يملكها وأنه قد لا تكون لديه ذخيرة لتسليمها.

وكان رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير قد أبلغ البرلمان البريطاني عند تقديمه أسباب ضرورة المشاركة في الغزو الأميركي للعراق، بأن العراق يملك أسلحة كيماوية وبيولوجية يمكن أن تستخدم خلال 45 دقيقة، وأن ذلك يشكل خطرا على دول المنطقة. وقال وليام إيرمان، الذي كان يشغل مدير مكتب الأمن الدولي في الخارجية البريطانية من عام 2000 حتى عام 2002، في جلسة التحقيق أمس، إنه في 10 مارس (آذار) من عام 2003، تلقت وزارة الخارجية «تقريرا يفيد بأن الأسلحة الكيماوية قد تكون ما زالت مفككة وأن صدام حسين لم يأمر بعد بإعادة جمعها وقد يكون يفتقد للرؤوس الحربية». وأكد إيرمان أن الخارجية البريطانية لم تتلق تقارير استخباراتية مخالفة للمعلومات التي لديها حول وجود أسلحة دمار شامل في العراق، قبل مارس (آذار) 2003. وتحدث إيرمان، الذي يشغل اليوم منصب سفير بريطانيا في الصين، عن الفترة الأولى التي تلت دخول العراق، والقلق الذي تسبب به عدم العثور على أسلحة دمار شامل، وقال للجنة التي يرأسها السير جون شيلكوت والتي تضم خمسة أعضاء آخرين «في الأسابيع والأشهر الأولى، كنا متفاجئين وقلقين عندما لم نعثر على أسلحة... لم يكن هذا ما توقعناه». بدوره، قال تيم داوز، الذي كان يرأس قسم مكافحة الانتشار النووي في الخارجية البريطانية بين العامين 2001 و2003، وهو المسؤول الثاني الذي أدلى بشهادته أمس، إن وزارة الخارجية كانت في الفترة الأولى من بدء حرب العراق، تنصح المسؤولين البريطانيين بالتريث وعدم إعلان النصر قبل العثور على الأسلحة. وقال «في وزارة الخارجية بقينا مصرين على أنه لا يجب إعلان الفوز والنجاح بطريقة مبكرة.. قبل الحصول على الأدلة، وكنا نعتقد أنه ما زال هناك أمل للعثور عليها». وتحدث إيرمان أيضا عن الدول التي كانت تثير قلق بريطانيا أكثر من العراق، وقال «بشأن الأسلحة النووية والصواريخ، إيران وكوريا الشمالية وليبيا كانت تشكل مصدر قلق أكبر من العراق، ولكن في ما يتعلق بشأن الأسلحة البيولوجية والكيماوية كان العراق مصدر القلق الأكبر». وأكد داوز أقوال إيرمان، وقال إن العراق «لم يكن على رأس اللائحة». وأضاف «في عام 2001 وبداية عام 2002 كنت على الأرجح أخصص معظم وقتي لإيران وليبيا وعبد القدير خان (أبو القنبلة الذرية الباكستانية)، أكثر مما كنت أخصصه للعراق». وكشف إيرمان في إفادته أمس، أن بريطانيا كانت لديها مخاوف أيضا من وقوع أسلحة الدمار الشامل في العراق بأيدي الإرهابيين، وأن هذه المخاوف تعززت بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول). وقال إن «دعم صدام لجماعات إرهابية كان مصدر قلق كبير»، إلا أنه نفى أن يكون البريطانيون قد تمكنوا من جمع أدلة على أن صدام يقدم الدعم لجماعات إرهابية، أو أدلة تربطه بأحداث 11 سبتمبر (أيلول). وقال «كان يدعم منظمات فلسطينية إرهابية... ويؤمّن الدعم للجهاد الإسلامي، ولحماس ولحزب الله، ولكن لم نجد أي دليل على أن صدام كان يعطي أسلحة للإرهابيين». وكشف داوز من جهته عن «أدلة لاتصالات بين مسؤولين عراقيين وأفراد من «القاعدة» في نهاية التسعينات». وقال إن أبو مصعب الزرقاوي كان موجودا في بغداد في نهاية التسعينات وبداية 2000، ولكنه أضاف أن البريطانيين توصلوا إلى أن تلك الاتصالات كانت «متفرقة»، وأن النظام العراقي لم يشأ أن يرتبط بـ«القاعدة» بعد 11 سبتمبر (أيلول). وأشار إيرمان من جهته إلى أن «الأميركيين وضعوا ثقلا أكبر على الاتصالات التي وجدناها في نهاية التسعينات بين (القاعدة) وصدام حسين، ولكن نحن بقينا مقتنعين بأن لا وجود لدليل قاطع على علاقة صدام بـ(القاعدة)». وكشف المسؤولان السابقان أيضا عن اقتراح فرنسي تم بحثه بشكل قصير كبديل للغزو، ويقضي بإرسال عدد أكبر من المفتشين الدوليين للبحث عن الأسلحة، مدعومين بقوة عسكرية لإجبار العراق على التخلي عنها. إلا أن داوز قال إن هذا الخيار استبعد بسرعة بعد أن تبين أن هذه الخطة قد تعرض المفتشين الدوليين للخطر، وأن زيادة عدد المفتشين قد لا يوصل إلى شيء في ظل إصرار النظام العراقي على عدم التعاون.