خطب عيد الأضحى في لبنان تدعو لفتح صفحة جديدة

المفتي قباني: اتفاق الطائف ضمان لوحدة البلاد

الحريري يؤدي صلاة العيد وإلى يساره مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني في جامع محمد أمين وسط بيروت (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

أجمعت خطب رؤساء الطوائف الإسلامية اللبنانية في أول أيام عيد الأضحى أمس، على ضرورة فتح صفحة جديدة وتمكين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري من الاضطلاع بمسؤولياتها وإنهاض الوطن.

وقد ألقى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني خطبة العيد في جامع محمد الأمين في وسط بيروت وأم المصلين في حضور الحريري، وعدد من المسؤولين وحشد من المصلين. وأمل أن يحمل العيد «تباشير الخير بمرحلة جديدة يشهدها لبنان، مرحلة يسودها الأمن والأمان والسلام والازدهار، نطوي معها صفحة الماضي بكل مآسيه وآلامه وأحزانه ومراراته وكآباته، ونفتح صفحة ناصعة بيضاء، نملؤها معا بتعاوننا نحن اللبنانيين، بتضامننا نحن أبناء هذا الوطن العزيز».

وأضاف أن الحكومة «ستقوم بورشة عمل شاملة ومتكاملة، تتناول معالجة الأوضاع العامة والمشكلات العالقة، وبت الملفات الشائكة، الاقتصادية منها والاجتماعية والمعيشية والسياسية والتربوية والصحية والأمنية، بروح جديدة تتجلى فيها أقصى درجات التعاون والتفاهم والمسؤولية الوطنية، وبحيث تعمل هذه الحكومة، التي جاءت تحت عنوان الوحدة الوطنية، كفريق عمل واحد، متضامن ومنسجم وفاعل، بما يعكس مفهوم الوحدة الوطنية، التي تتأكد بالاهتمام بمصالح اللبنانيين جميع اللبنانيين، وبالمناطق اللبنانية كل المناطق اللبنانية، وبحيث لا يتولد لدى أي جماعة أو منطقة شعور بالغبن أو بالتهميش أو بالإهمال (...) والمسؤولية كما الأمانة، تقضي بأن تتوجه أعمالنا لخدمة الناس، ولخدمة اللبنانيين، كل اللبنانيين، بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الطائفية أو المناطقية، فلا تُحول الوزارات والإدارات والمرافق العامة إلى إقطاعات أو ملكيات خاصة، نتصرف فيها على هوانا لخدمة مناصرينا أو أحزابنا، أو طوائفنا أو مناطقنا».

وأكد أنه «لا الدستور مقدس ولا اتفاق الطائف مقدس»، مطالبا بالتعيير من دون استفزاز طرف لآخر. واعتبر أن اتفاق الطائف «حمى اللبنانيين وحمى وحدتهم الوطنية، ووفاقهم الوطني، وأعاد إليهم سلامهم وسلمهم الأهلي، ولا يزال يشكل صمام الأمان، بل الضمان للعيش المشترك الإسلامي ـ المسيحي، فحذار من قفزة غير مناسبة أو متسرعة في المجهول، ونحن لا نزال نداوي جروحا لم تلتئم بعد، ونريد أن تلتئم لكي يستكمل بناء الوطن، والتأسيس لدولة تكون هي الحامية وهي الضامنة، وهي الحاضنة وهي القادرة، الدولة التي تحمي المواطن، وتذود عنه وعن الوطن، وتؤمن له حياة حرة وكريمة».

ورأى أن «مقاومتنا لإسرائيل، تكون بالضرورة في تعزيز جبهتنا الداخلية، في تماسكنا الوطني، في تضامننا الاجتماعي، في تدعيم وفاقنا الوطني، في تعميق عيشنا المشترك، وباتخاذ الدولة ما يقتضي من إجراءات لتحرير الأرض، واستعادة الكرامة، كما جاء في اتفاق الطائف، الذي لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أدركها وعالجها».

وبعد صلاة العيد توجه مفتي الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء إلى ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيث قرأ الفاتحة عن روحه وأرواح رفاقه.

من جهته، أدّى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان صلاة عيد الأضحى في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وألقى خطبة دعا فيها إلى نسيان «الرواسب الماضية والبدء بورشة عمل تهدينا إلى سواء السبيل لحل الأزمات».

ورأى أن «لبنان لا مثيل له في تعدد طوائفه وتنوعه، فعلينا أن لا نحمل رواسب الماضي، بل علينا أن ننطلق إلى المستقبل بروح شفافة وبعمل كريم فنضع أيدينا بأيدي بعضنا البعض، ولا نخرج من محيط العدالة والإنصاف والمساواة (...) نريد لبنان جسما واحدا بالأخوّة والصداقة والتعاون».

وأكد أن «لبنان سلك طريقا صحيحا بعد انتهاء اللجنة الوزارية من صياغة البيان الوزاري. ونريد من الجميع أن يفهموا أننا عندما ندعو إلى إلغاء الطائفية السياسية، فإننا لا نكون ضد أحد، بل ندعو إلى التعاون مع الجميع».

وفي خطبة العيد تطلع شيخ عقل الدروز الشيخ نعيم حسن إلى «المرحلة المقبلة بكثير من الأمل والثقة بأن التوتر الذي مر به لبنان خلال السنوات القليلة المنصرمة لن يتكرر لأن إرادة الوفاق الوطني ستبقى فوق كل اعتبار والرغبة في العيش المشترك والحفاظ على السلم الأهلي تتخطى كل الصعاب».

ورأى أن «لقاءات المصالحات الثنائية التي تعقد بين القوى السياسية تسهم في تكريس مناخات الانفتاح والتواصل والحوار الذي يبقى السبيل الوحيد لحل النزاعات والخلافات وإدارتها ضمن أطر المؤسسات الدستورية التي عادت مسيرتها إلى الانتظام الطبيعي مع تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري». ولفت إلى أن «حماية الوحدة الوطنية هي مسؤولية كل القوى دون استثناء ويفترض أن تبقى فوق كل اعتبار». وأمل أن «تكون المرحلة الجديدة مبنية على الثقة المتبادلة بين مختلف الجهات وأن يتاح للحكومة الجديدة الاهتمام بقضايا الناس الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي باتت تتطلب حلولا جذرية على كل المستويات».