الجزيرة السياحية في بغداد.. تنفض عن نفسها غبار العنف وتعاود استقبال المواطنين

ضابطة أميركية شاركت في إعادة تأهيلها: كانت جوهرة في تاج صدام

عمال يرممون مسرحا في متنزه الجزيرة السياحية في بغداد (أ.ف.ب)
TT

كانت من معالم بغداد السياحية المتميزة، وبعد الغزو تحولت إلى ساحة للعنف لكنها عاودت أمس، أول أيام عيد الأضحى، استقبال آلاف العراقيين، ولكن وسط إجراءات أمنية مشددة تحسبا لهجمات. إنها الجزيرة السياحية في بغداد.

وقف حسين ناجي مرتديا ملابس قوات الشرطة الوطنية الزرقاء وهو يحمل رشاشا (كلاشنيكوف) لحراسة الجزيرة السياحية. وقال ناجي (39 عاما) وهو يقف وسط أشجار النخيل قرب بحيرة وسط مبان من الطراز العثماني بدت جرداء اللون، إن الحياة ليست دائما على هذه الحال، في إشارة إلى جمال الطبيعة والهدوء. وكانت الأوضاع سابقا مختلفة في الجزيرة التي كان يسمع فيها أزيز الرصاص خلال السنوات الماضية. وأضاف ناجي قائلا لوكالة الصحافة الفرنسية، بينما كان يراقب المارة: «لم نحمل السلاح في الجزيرة قبل الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003. لكننا بدأنا حمله بعد السقوط عندما كانت القذائف تنهمر علينا يوميا ولم يعد يأتي أحد إلى هنا مطلقا».

وتقع الجزيرة، التي كانت تعتبر من أجمل المتنزهات في بغداد، على ضفاف نهر دجلة في شمال العاصمة وتنتشر فيها مطاعم وقاعة للعب «البولينغ» وساحات لكرة القدم وكرة المضرب وسط حدائق واسعة توزعت فيها شقق سياحية. ولم تسلم مباني الجزيرة من الدمار والسلب والنهب بعد الاجتياح الأميركي، فلحق بها ركود اقتصادي باستثناء برج كبير كان مطعما في السابق.

وقال متحدث باسم وزارة السياحة: «سيكون الدخول مجانا خلال أول يومين من أيام عيد الأضحى». ويدفع زوار الجزيرة 500 دينار (45 سنتا) قيمة تذكرة الدخول للفرد الواحد. وسيكون ناجي الذي قضى معظم طفولته في الجزيرة عندما كان والده يعمل فيها، بين الحراس الذين سيتولون حمايتها.

وشيد هذا المتنزه عام 1982، على مساحة مليوني متر مربع. وكانت الجزيرة تجذب ما بين خمسة إلى ستة آلاف شخص يوميا، ويرتفع العدد إلى خمسين ألفا. وشيد عدي وقصي، نجلا الرئيس الأسبق صدام حسين، منزلا فخما في الجزيرة التي كانت تعد أحد المنتجعات المفضلة لديها بجداولها وزوارقها التي تستخدمها العائلات.

وأثناء اجتياح العراق في مارس (آذار) 2003، كانت الجزيرة مقرا للجيش. وبعد وقت قصير من بدء العمليات، تم استهدافها بعدد من الصواريخ. وتقول الكولونيل ماريا زمولت، من الجيش الأميركي: «كانت الجزيرة جوهرة في تاج صدام»، في إشارة إلى جمالها آنذاك. وعمل جنود أميركيون جنبا إلى جنب مع العراقيين لإعادة الحياة إلى الجزيرة وملء قنواتها بالمياه، كجزء من مشروع تكلفته 1.5 مليون دولار، بالتعاون بين وزارة السياحة والولايات المتحدة. وتسرد زمولت ذكرياتها قائلة: «عندما وصلنا في فبراير (شباط) المنصرم، كانت مهملة بشكل كامل، لكننا شعرنا بالقدرة على تغييرها».

وكل شيء بحاجة إلى نفقات: الصخور والرمال البرتقالية والمباني الكونكريتية، التي بدت مهملة، كلها تبدو بحاجة إلى إعادة ترميم.

بدوره، يؤكد نصير رنيم (46 عاما) الذي بدأ العمل في الجزيرة عام 1994، أن الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضي. وأضاف: «لدينا المال الكافي لإصلاحها، سنعيد ترميم قاعة (البولينغ)، والممرات والمطاعم، وسترجع العائلات». وتنتشر الأسلاك الشائكة والحواجز الإسمنتية في مداخلها، وبدا واضحا أن هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به لإعادة الحياة إلى الجزيرة. ويلقي الجيران بالملامة على الأميركيين في تدهور أحوال الجزيرة، رغم جهود هؤلاء لإعادة الحياة إليها.