المسلمون في سويسرا يتوقعون رفض مبادرة حظر المآذن غدا

اليمين المتشدد يستغل تصرفات وأقوال البعض لتخويف المواطنين من المسلمين

إعلانات في جنيف تدعو لإقرار قانون يمنع ظهور المآذن.ويصور الإعلان المآذن على شكل صواريخ (أ.ب)
TT

ينتظر المسلمون في سويسرا نتائج التصويت الشعبي على المبادرة الداعية إلى حظر بناء مآذن جديدة في البلاد، وتجرى عملية التصويت غدا. وقبل ساعات من هذا الموعد قالت منظمة العفو الدولية إن حظرا للمآذن سيَحُول دون مراعاة سويسرا لتعهداتها المترتبة عن احترام حرية الأديان.

وقالت نيكولا دوكوورث مديرة برنامج أوروبا ووسط آسيا في منظمة العفو الدولية، إن فرض «حظر على بناء المآذن، مقابل السماح مثلا ببناء أبراج الكنائس، يُعتبر شكلا من أشكال التمييز على أساس الدين». وأضافت دوكوورث أنه «على عكس مزاعم أصحاب المبادرة، فإن حظرا عاما سينتهِك حق المسلمين في سويسرا في التعبير عن ديانتهم». كما اعتبرت المسؤولة في منظمة العفو الدولية أن «تحويرا للدستور يتضمن حظرا شاملا لبناء المآذن، يجب أن يُرفَض بتصميم. فهذا الرفض مهم، لأنه سيعزّز المساواة في الحقوق لجميع الأشخاص المقيمين في سويسرا». وحرص الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي على عدم التدخل في الجدل، لكنه قال بدبلوماسية إنه «واثق من أن الشعب السويسري (...) سيتخذ القرار الأمثل». وأضاف أنه من الواضح للحكومة السويسرية وأوساط الأعمال أن منعا للمآذن «سيسبب سوء تفاهم في الخارج ويضر بصورة سويسرا. وبعد الإعلانات التي دعت إلى طرد (الخرفان السود) الأجانب خارج سويسرا، سببت الدعاية الشعبوية اليمينية فضيحة جديدة.

وقالت اللجنة الاتحادية لمكافحة العنصرية، الهيئة الحكومية الاستشارية، إن هذه الصورة «تؤجج الكراهية»، بينما عبرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن قلقها من حملة «الإعلانات المؤسفة». وعلى غرار هدف الاستفتاء، تسبب المناقشات حول حملة الإعلانات انقساما حادا في سويسرا. فقد منعت عدة مدن هذه الحملة الدعائية بينما فضلت أخرى عدم الحد من حرية التعبير. وطلبت الحكومة والأحزاب السياسية الكبرى من اليسار إلى يمين الوسط من السويسريين رسميا رفض مشروع منع المآذن الذي سيكون مخالفا لحقوق الإنسان وسيعرض «السلم الديني للخطر»، على حد تعبير وزيرة العدل إيفلين فيدمر شلامف المنشقة عن اليمين الشعبوي. وأدان المجلس السويسري للديانات أيضا الذي يضم قادة الكنائس المسيحية في سويسرا والجاليات اليهودية والمسلمة مبادرة اليمين الشعبوي. ودعا الأساقفة السويسريون مواطنيهم إلى عدم الرضوخ للدعوات إلى كره الأجانب مشددين على أهمية «موقف القبول المتبادل في الحوار والاحترام المتبادل». وحذروا من أن «الخوف دليل سيئ». كما أعلنت أكبر منظمتين تمثلان الجالية اليهودية في سويسرا عن معارضتهما «الحازمة» لمنع المآذن. والمبادرة أُطلِقت من طرف سياسيين ينتمون إلى حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) وإلى حزب ديني صغير. وكشف آخر استطلاع للآراء أجري في سويسرا أن 53% من المستجوَبين قالوا إنهم سيرفضون المبادرة، فيما أشار 37% إلى أنهم سيؤيدون الحظر. وخلال اتصال هاتفي أجرته «الشرق الأوسط» مع عبد الحفيظ الورديغي مدير مؤسسة التعارف في جنيف الذي ظل على مدى 30 عاما يشغل منصب المتحدث باسم مسجد جنيف، قال الورديغي إن هناك تضامنا على المستويات الاجتماعية والثقافية والسياسية والدينية لرفض المبادرة ولكن السر في المبادرة لا يعلمه إلا الله. وعن توقعات أبناء الجالية المسلمة في سويسرا لنتائج التصويت قال: «نحن نتوقع أن يرفضها الشعب السويسري، ولكن إذا أظهرت النتائج وجود أعداد من المواطنين يؤيدون حظر المآذن، فعلينا أن نهتم بهذا الأمر، ونكون فاعلين، ونعمل على طمأنة هؤلاء، ونفتح أبوابنا لهم، ونوضح لهم الصورة الحقيقية للإسلام، وأننا يمكن أن نكون قدوة، وبخاصة أنه وللأسف الشديد، استغل المتشددون في البلاد، بعض الأقوال والمواقف، من جانب عدد من المسلمين، وصنعوا الخوف داخل الناس، ولا بد إذن أن نغير الأسلوب الذي كان متبعا من قبل، ونكون أكثر انفتاحا على الآخرين، ونختار أناسا يمثلوننا بشكل جيد، ويتحدثون بالشكل اللائق، حتى لا يستغل اليمين المتشدد الفرص، إلى جانب بعض الأحداث التي وقعت في بلداننا الإسلامية واستغلها اليمين المتشدد، وأعطيك مثلا بسيطا ما حدث مؤخرا بين المصريين والجزائريين، جعل البعض من السويسريين وبخاصة من اليمين المتشدد يقول: تريدون أن نتفق معكم وأنتم كمسلمين لا تتفقون معا؟ إذن لا بد أن نعمل بصورة فعالة حتى يشعروا أننا قدوة حسنة، ولا بد أن يكون لنا دور بارز في كل الميادين لا خلف جدران المساجد فقط». وحول سؤال عن وجود مسلمين وعرب في المجالس النيابية السويسرية قال الورديغي: «لا يوجد نواب من أصول عربية وإسلامية، وإنما كان هناك بعض المرشحين من أصول عربية في قوائم الأحزاب السويسرية وأرادوا فقط من اختيارهم لتلك الأسماء كسب أصوات الناخبين السويسريين من أصول عربية وإسلامية، وهذا دليل آخر على أنهم يستغلوننا ويحاولون الاستفادة من وجودنا إلى جانبهم، ونحن في المقابل لا نعمل بشكل كافٍ لخدمة مصالحنا». وحول المؤسسة التي يترأسها حاليا وتحمل اسم «التعارف» قال عبد الحفيظ إنها مؤسسة تجمع السياسيين والمفكرين والمثقفين وأبناء الجاليات المسلمة للتعارف والنقاش حول موضوعات تهم المجتمع ككل. ووُلد الورديغي في الجزائر بالقرب من تلمسان من أم جزائرية وأب مغربي ينحدر من منطقة ورديغا القريبة من فاس، ودرس عبد الحفيظ في فرنسا قبل أن ينتقل للعيش في سويسرا.