في جبل الرحمة.. أكل التراب عادة يمارسها الحجيج طلبا للبركة والأجر

يحرصون على نقش أسمائهم على صخوره

TT

إذا كنت ترتدي بزة تدل على انتمائك إلى جهة خدمية معينة في مشعر عرفات، فإن أسئلة الحجاج ستمطرك من كل جانب «أين جبل الرحمة؟». هذا السؤال يصبح عبارة دارجة على لسان الحجيج في عرفات يرددونها على كل عابر كما يلهجون بالتلبية حتى يجدوا أنفسهم على سفح الجبل مستقبلين القبلة ومبتهلين في دعاء ولحظات إيمانية لا يقطعها إلا الغروب.

وعلى سفح الجبل لا يبدو كل ما يمارسه الحجيج عملا ينتمي إلى الشعيرة أو حتى يوافقها، فالحقيقة الماثلة لكل من يصعد الجبل ويرصد ممارسات الحجيج هناك أن ثمة جهلا كبيرا يحيط بكثير من الحجيج ويدفعهم إلى ممارسات غير منطقية ولا مشروعة طلبا للأجر أو البركة أو تخليدا للذكرى.

ومن هذه الممارسات التي رصدتها «الشرق الأوسط» عبر موفدها في مشعر عرفات حرص الحجاج على التقاط صور شخصية لهم باستخدام الكاميرات فورية الطباعة، أو إحضار صورة جاهزة لهم ولأقاربهم وتخبئتها وسط صخور الجبل. وتأتي هذه الممارسة كما يقول حاج هندي من باب تخليد الذكرى في هذا المكان الذي قد لا ينعم الشخص بالوصول إليه إلا مرة في العمر، إضافة إلى اعتقاد بأن ترك صورة في هذا المكان من المشاعر المقدسة سيكون جالبا للحظ والبركة والتوفيق.

ممارسة أخرى ليست أقل غرابة من سابقتها، وهي الوقت الذي يفنيه بعض الحجيج بدلا من الدعاء والعبادة في نفش أسمائهم على صخور الجبل لتخليد ذكراهم. والتفاتة واحدة إلى صخور الجبل تكشف لك عن مدى انتشار هذه العادة وحرص الحجيج على القيام بها.

وإن كانت الذكرى هي الباعث في الممارسات السابقة، فالتبرك بتراب الجبل وصخوره ممارسة يمكن ملاحظتها على سفوح جبل الرحمة. حيث تراب الجبل يجري خلطه باللوز وعجنه مع مكسرات أخرى ومن ثم أكله في اعتقاد بأن البركة تكمن في هذا التراب، وأن من يتناول ترابا من جبل الرحمة سيحصل على الشفاء ومزيد من القربى والأجر كما يعتقد الحاج عباد الرحمن، وهو باكستاني طاعن السن قدم للحج من إقليم بيشاور. وقريبا من هذا المشهد حجاج آخرون يقومون بنثر تراب وحصى أخذوه من جبل الرحمة في عرفات على أجسادهم طلبا للبركة وحصول الأجر. والاعتقاد السائد لدى هؤلاء أن الوصول إلى الجبل وصعود صخوره هو مطلب أساسي لا يتم الحج من دونه، رغم المشقة التي يعاينها الكثيرون من كبار السن والنساء. وهو الأمر الذي دفع بقوة الطوارئ الخاصة يوم أمس إلى التدخل لتنظيم عملية الصعود إلى الجبل وإجبار بعض الحجيج على النزول خشية التعرض لخطر السقوط.

آخرون رصدتهم «الشرق الأوسط» وهم يحملون أحجارا بحجم الكف حصلوا عليها من الجبل، مؤكدين حرصهم على الاحتفاظ بها للذكرى والعودة بها إلى ديارهم طلبا للبركة ومشاركة للأصدقاء. ويشير مطوف عامل في إحدى حملات الحج من جنوب شرق آسيا إلى أن بعضهم قد يجد مبلغا مجزيا مقابل هذه الصخور ويقوم ببيعها في بلاده حين يعود من رحلة الحج.