الحجاج غير الناطقين بالعربية يستخدمون مصطلحات ثابتة مثل «فين بيت» و«جمرة متى» و«أخو ما فيه معلوم»

في موسم الحج.. إذا كان الحديث من فضة فالوصف بالإشارة من ذهب

TT

صوت متلعثم وإشارة هي كل ما يملكه الحجاج الذين لا يجيدون العربية إجادة تامة، إذ تترامى الأيدي في مشهد راقص، وتتمتم الأفواه بـ«لا شيء» مفهوم، ويكتفي من يجيد بعض العربية بجملة «ما في معلوم»، وقد ينتهي الحديث الصامت المتكلم في النهاية إلى لا نتيجة، وقد يجتاز البعض الامتحان الصعب في وصف مكان المخيم لأحد التائهين، أو إرشاد حاج نحو الطريقة الصحيحة لعبادة ما.

يقول أحد عناصر الأمن لـ«الشرق الأوسط»: «أتشرف بخدمة ضيوف الرحمن، ولكن يؤرقني كثيرا بعض الحجاج الذين يتوهون عن مخيماتهم أو مقراتهم، فلا أملك إلا بذل أكبر مجهود نحو إرشادهم»، مضيفا «في بعض الحالات، يصادف أن يعرف الحاج بعض المصطلحات العربية، كأسماء الجسور أو الشوارع، وهو ما يسهل كثيرا عملية الإرشاد».

ومن عمق السؤال الذي يطرح، تنزح جمل ظريفة يتداولها الحجاج، كما يقول سامي العمري الشاب الذي يعمل في بيع بطاقات إعادة الشحن، مثل «فين بيت؟»، «جمرة متى»!، «أخو ما فيه» وغيرها ـ يسردها العمري وهو غارق في الضحك ـ مشيرا إلى أن بعضها لا يستخدم في موضعه «وهي متداولة بين الحجاج، ويستعملونها في كل حال».

وعلى الإيقاع ذاته يقول علي المالكي، وهو شاب يعمل في مركز التوجيه والإرشاد «نوزع الكتب والخرائط بمختلف اللغات في مراكزنا، إلا أن بعض اللغات قد تصعب علينا، خصوصا أن دولا كالهند مثلا، تحوي كثيرا من اللغات، مما يصعب بعض الشيء إرشاد متحدثي اللغات غير المتوافرة».

تسأل الحاجة سليمة بنت عبد الله، وهي جزائرية في العقد الخامس من العمر قدمت للحج مع جيرانها، عن مقر بعثة الجزائر، بعد أن أتمت رمي الجمار. ولم تسعف اللهجة الجزائرية الحاجة سليمة، إذ استعصى على بدر المطرفي أحد العاملين في حملات الحج أن يفهم لهجتها. وفي حين لم تفلح أساليب الإشارة ومحاولة التحدث بالإنجليزية المكسرة من قبل الطرفين في أن تتم الحديث، أخذ شاب فضل عدم ذكر اسمه الحاجة سليمة، وحمل أمتعتها، واتجه بها إلى مستشفى منى الجسر، وأوقف لها دراجة نارية، وزود صاحب الدراجة بالنقود والبطاقة الخاصة برقم المخيم، وانتهت المشكلة.

فيما اكتفى حاج إندونيسي، اتخذ من مدخل المستشفى ملاذا من الحر، بالتمتع ببعض الهواء البارد في أجواء ساخنة بعض الشيء شهدتها منى في أول أيام العيد، لكنه ما لبث أن خرج حتى تاه عن مجموعته المكونة من تسعة حجاج على حد قوله.

واستطاع نور الإسلام محمود، وهو سائق يعمل في مدينة الجوف أقصى شمال السعودية، معرفة طريق الحملة، عبر أحد عناصر الأمن الموزعين في أرجاء منى، إذ أنقذته لهجته العربية المكسرة في شرح الموقف، والسير نحو الاتجاه الصحيح.

وقال محمود مازحا لـ«الشرق الأوسط» إنه يتحدث اللهجة السعودية «نص ونص»، مؤكدا صعوبة الموقف، عندما يتوه أحد أبناء جلدته وهو لا يجيد العربية.