حجاج يحتفظون بلباس الإحرام «كفنا» بعد الموت

يغسلونه بماء زمزم طلبا للبركة

حاج يستخدم الهاتف الجوال في جسر الجمرات أمس (تصوير: عدنان مهدلي)
TT

وسط أجواء ماطرة شهدها مشعر مِنى أمس الجمعة سارع أكثر من مليوني حاج إلى التحلل من إحرامهم وخلع اللباس الأبيض بعد أن رموا الجمرة الكبرى وطافوا بالبيت العتيق وحلقوا رؤوسهم وذبحوا هديهم مبادرين إلى الاستبدال بملابس الإحرام التي رافقتهم طوال أيام الحج الماضية. غير أن خلع لباس الإحرام الأبيض ليس بالضرورة نهاية علاقة الحاج بهذا الرداء الذي يوحد بين ملايين البشر في مشهد واحد، إذ إن الكثيرين من حجاج بيت الله الحرام يسارعون إلى الاحتفاظ بإحرامه لتخليد ذكرى الحج التي لا تتكرر في حياة البعض منهم سوى مرة في العمر. شفيق وسليم، وهما حاجان من أفغانستان في المربع 53 من مشعر مِنى حيث مقر بعثتهما، دار بينها جدل بعد الفراغ من أداء أعمال يوم الحج الأكبر وخلع الرداء الأبيض حول ما يجب فعله بلباس الإحرام، حيث يصر شفيق على الاحتفاظ بلباسه تخليدا لذكرى قدومه إلى للمشاعر المقدسة قائلا: « قمت بطي لباسي ووضعته في حقيبتي لأحتفظ به في أفغانستان حتى الموت»، وحين يجادله جاره الحاج سليم في جدوى الأمر يسارع إلى تأكيد أن التخلي عن هذا اللباس بالنسبة إليه سيصبح ممكنا حين يموت. وإن كان شفيق الحاج الأفغاني سيتخلى عن إحرامه عند الموت فالحاج المغربي عيسى الفاسي يبرر احتفاظه بالإحرام برغبته أن يكفَّن في الإحرام لدى موته، قائلا: «في هذا اللباس نغتسل من الذنوب ونحن أحياء، وكذلك نأمل أن يحدث عند الموت».

هذه الممارسة تظل منطقية في حدود الذكرى، غير أن الأمر لا يتوقف عند الذكرى بل ثمة اعتقاد بحصول البركة جراء الاحتفاظ بهذا الإحرام، كما يذكر حاج قدم من الشيشان حين يضم إحرامه إلى صدره مشيرا إلى قلبه وهو يقول: «بركة.. بركة»، مشيرا إلى أنه سيقوم بغسل إحرامه بماء زمزم والعودة به إلى الشيشان في قناعة صارمة بجدوى التبرك بقطعتي القماش. رمزية هذا اللباس تظل عالية في نفوس مرتديه محولة إياه إلى شيء مقدس، إذ تتجلى هذه الرمزية في مشهدين أولها حين يتدخل مصطفى (حاج مصري) منتقدا حاجا آخر من المفترشين افترش لباس الإحرام للنوم عليه حيث يشدد مصطفى على أن هذه الممارسة إهانة للإحرام «رمز الحج الأول» ومن ثم إهانة للشعيرة.

مشهد آخر في كابينة الاستفتاءات الشرعية حيث يلجأ حاج انتهى للتو من حلق رأسه متسائلا عن الحكم الشرعي في رمي الإحرام حيث يجد في نفسه الحرج من فعل ذلك.