مصادر في دمشق تؤكد أن الأيام المقبلة ستشهد تطورات على صعيد صفقة شاليط

حماس تقرر التزام الصمت إزاء القضية.. و«فوكس نيوز» تؤكد ما نشرته «الشرق الأوسط»

TT

في الوقت الذي تلتزم فيه حماس وإسرائيل الصمت المطبق إزاء تطور المفاوضات غير المباشرة بينهما عبر الوسيط الألماني حول صفقة تبادل الأسرى، أكد مصدر فلسطيني في العاصمة السورية لـ«الشرق الأوسط» أن هناك توافقا في أوساط قيادة حركة حماس حول الخطوط العامة، خلافا لما يقال عن وجود انقسامات في هذا الشأن، مؤكدا أن تقدما كبيرا قد أحرز وأن الأيام القادمة ستشهد شيئا ما لم يحدده.

ورفض محمود الزهار عضو المكتب السياسي لحركة حماس الخوض في أي تفاصيل تخص المفاوضات الجارية. وقال الزهار الذي نقل عرضا إسرائيليا تسلمه من الوسيط الألماني في القاهرة الأسبوع الماضي، إلى قيادة الحركة في دمشق لـ«الشرق الأوسط» «إحنا مسكرين هذا الموضوع. لقد كثر الكلام فيه، وأي كلام سيصدر عنا سيبنى عليه. لذا نحن نفضل التزام الصمت حتى تتضح الصورة تماما». وتابع القول «لا أريد أن أقول شيئا لأن كثيرا من اللغط حصل أثّر سلبا على القضية». ورفض الزهار قول شيء حتى مع الوعد بعدم نشره على الأقل على لسانه. وقال «كلامنا مسموع لذا ليس هناك سر على الهاتف». وعبر الزهار عن أسفه لهذا الموقف مؤكدا أنه عمم على الجميع أن لا يصرحوا بأي شيء في هذه المسألة، لأن الكلام فيها أصبح مؤذيا جدا. لكن رغم هذا الرفض لمّح الزهار بأن المفاوضات ستستأنف بعد عيد الأضحى. إذ قال ردا على سؤال إن كانت المفاوضات ستستأنف بعد العيد: «طبعا لأنه في العيد لن يكون هناك شيء».

وقال مصدر فلسطيني في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن تقدما كبيرا أحرز في المفاوضات للإفراج عن الجندي ارسير جلعاد شاليط في إطار صفقة تقضي بالإفراج عن 1150 أسيرا فلسطينيا من بينهم 43 من ذوي المحكوميات العالية. وحسب المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه «فإن ما تبقى في هذه الصفقة تفاصيل فنية بسيطة»، مستطردا «هناك عمليات عض أصابع شديدة، رغم الرغبة الشديدة لدى الطرفين بإنهاء الصفقة لما لها من انعكاسات إيجابية بالنسبة للحكومة الإسرائيلية وحماس». وأكد المصدر مجددا أن حماس تصر على الإفراج عن أربعة من كبار أسراها في إسرائيل وهم إبراهيم حامد قائد كتائب القسام جناحها العسكري في الضفة الغربية، وعبد الله البرغوثي أحد كبار مسؤوليها العسكريين، وعباس السيد المتهم بالوقوف وراء عمليات انتحارية، وحسن سلامة. يضاف إليهم ـ حسب المصدر ـ أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح. ووفق المصدر فإن حماس مستعدة لتعطيل كامل الصفقة في حال رفضت إسرائيل الإفراج عن سعدات ومروان البرغوثي، لأن مثل هذا الإفراج سيحقق لها مكاسب سياسية غير مسبوقة كما يقول المصدر.

وأضاف المصدر أن اجتماعات دمشق التي ضمت 3 من أعضاء المكتب السياسي في غزة، وهم إضافة إلى الزهار، خليل الحية ونزار عوض الله، أسفرت عن توافق في الموقف والقرار خلافا لما تردد في الآونة الأخيرة. واختتم المصدر بالقول «حسب تقديراتي فإن الأيام المقبلة ستشهد تطورات».

وفي هذا السياق نقل «صوت فلسطين» عن مصادر مصرية لم يسمها، القول إن حماس ستسلم شاليط إلى المصريين في إطار المرحلة الأولى من مراحل الصفقة الثلاث، وستقوم إسرائيل في المقابل بالإفراج عن 43 من ذوي المحكوميات العالية ومن تسمهم إسرائيل «الملطخة أيديهم بالدماء اليهودية». وحسب «صوت فلسطين» فإنه جرى تعزيز الوجود الأمني على الحدود وصدرت التعليمات باتخاذ مزيد من الحيطة والحذر. وقالت المصادر المصرية لـ«صوت فلسطين» «إن دخول قادة حماس وخروجهم من مصر شيء معروف، لكن هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها وجود أمني.. وهذا مؤشر على احتمال حدوث شيء فوق العادة».

وأول من أمس أكدت شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية الأميركية، ما كانت «الشرق الأوسط» قد نشرته في عددها يوم الخميس الماضي، حول احتمال التوصل إلى صفقة تبادل الأسرى الأسبوع المقبل. وحسب «فوكس نيوز» فإن المفاوضات ستستأنف غدا أي بعد عودة نتنياهو من زيارة لألمانيا وانتهاء عطلة عيد الأضحى. ونقلت الشبكة الأميركية عن مصادر مصرية قولها إن حماس لم ترد بعد على اعتراضات إسرائيل، إلا أن التطورات الأخيرة تدل على أن شقة الخلاف بين الجانبين قد ضاقت بشكل كبير.

وذكرت المصادر أن أبرز نقاط الخلاف تركزت على عدد من أسماء الفلسطينيين الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم وإلى أين سينقل الأسرى من أهالي القدس الذين سيفرج عنهم.

وفي إسرائيل ورغم استمرار الصمت المطبق إزاء الاحتمالات، تنشغل المؤسسة السياسية العسكرية بمرحلة ما بعد تنفيذ هذه الصفقة، على صعيد العلاقات المستقبلية مع حماس وتأثيراتها على السلطة الفلسطينية. وترى أجهزة المخابرات أن تنفيذ الصفقة، وفق أية شروط، سيؤدي في النهاية إلى تقوية حماس في الشارع الفلسطيني. وكتبت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن حماس تعمدت تسريب معلومات عن المفاوضات تفيد بأن الخلاف الأساسي حاليا يتركز على إصرار حماس على إطلاق سراح قائد «فتح»، مروان البرغوثي، والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أحمد سعدات. فهذا الإصرار يرفع أسهمها في الشارع الفلسطيني بشكل هائل، سواء نجحت أم لم تنجح في إطلاق سراحهما. في ذات الوقت ما زال الصراع محتدما بين مؤيدي صفقة تبادل الأسرى ومعارضيها. غير أن نتنياهو ضمن لنفسه أكثرية في الحكومة، بينما تحاول قوى اليمين المتطرف التأثير على من تبقى من المسؤولين المترددين فيها. وتكثر في هذا الوقت الأنباء عن تفاصيل مختلفة حول الصفقة. فقد نشر أن إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية بدأت عملية تجميع الأسرى المنوي إطلاق سراحهم، في ثلاثة سجون. ولكنها نفت هذه الأنباء وقالت إنها لم تحدث أي تغيير في أوضاع الأسرى. ونشرت أنباء عن تحركات عسكرية في الجنوب وعلى الحدود مع مصر، تمهيدا لتنفيذ الصفقة. ولكن الإسرائيليين أوضحوا أن هذه التحركات جاءت رد فعل على نشاط ملحوظ لمسلحين فلسطينيين يخرجون من غزة إلى سيناء ويحاولون اجتياز الحدود لتنفيذ عمليات تفجير. ويصر الناطقون بلسان الحكومة على أن هناك تقدما في المفاوضات، ولكن الصفقة ما زالت غير ناجزة. وتحتاج إلى مزيد من الوقت. وأن الأمر يتوقف على رد حماس على المقترحات الإسرائيلية.