متظاهرون في القدس يطالبون بطرد اليهود من بيوت اللاجئين

مثلما يُطرد العرب من بيوت يهودية * الجيش الإسرائيلي يسلم المستوطنين أوامر تجميد البناء فيمزقونها

صبي من اليهود المتدينين في حي ميا شاريم في القدس المحتلة يصرخ على شرطي خلال احتجاجات ضد فتح مرآب سيارات ايام السبت، امس (ا ف ب)
TT

«أنا يهودية من القدس. عندما شاهدت الشرطة تطرد عائلة فلسطينية من بيت في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، بدعوى أنه بيت يهودي قديم منذ ما قبل سنة 1948، قلت: هناك مسار عكسي أيضا. فمثلما يفعلون بالعرب، يجب أن يفعلوا باليهود الذين يسكنون في عشرات آلاف البيوت الفلسطينية في حيفا وعكا ويافا وغيرها، التي طُرد أو هرب سكانها من البلاد عام 1948 وأصبحوا لاجئين في الدول العربية»، هذا ما قالته باتيا كوبيتس، إثر المظاهرة اليهودية العربية التي نظمت الليلة قبل الماضية في القدس احتجاجا على تحويل فندق «شيبرد» في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة إلى بيت سكن يهودي.

وكانت كوبيتس قد حضرت إلى ذلك الحي مع 80 متظاهرا من اليهود والعرب، متضامنين مع عائلة المواطن المقدسي ناصر الراوي، الذي طُرد من عمارة «شيبرد» في أغسطس (آب) الماضي، بدعوى أن العمارة ملك للمليونير اليهودي الأميركي إرفين موسكوفتش. ففي حينه تبين أن البيت مسجل في الطابو باسم عائلة يهودية وأن هذه العائلة باعته في السنوات الأخيرة إلى موسكوفتش، الذي يمول عمليات تهويد القدس وشراء بيوت العرب فيها بغرض تهويدها. واعترض الساكنون العرب على هذا التسجيل، لكن المحكمة الإسرائيلية صادقت عليه وأمرت بإخلاء العمارة من سكانها العرب. ونفذت الشرطة الإسرائيلية أمر المحكمة بفظاظة.

ومنذ ذلك الوقت، تسكن عائلة الراوي في خيمة مقامة مقابل العمارة المذكورة في حي الشيخ جراح. وتحولت هذه الخيمة إلى مزار حجيج من آلاف المتضامنين الفلسطينيين من القدس والضفة الغربية وإسرائيل، وكذلك من مئات اليهود الإسرائيليين من أنصار السلام ومعهم متضامنون من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.

وفي الليلة قبل الماضية، سارت مظاهرة من قلب مدينة القدس الغربية وحتى حي الشيخ جراح، رُفعت فيها شعارات تقول: «يا لصوص، يا لصوص، غادروا البيوت». وبرز من بين المتظاهرين اليهود شاب من المتدينين المتزمتين، اسمه ناحوم نوبرتسا، روى أنه قرأ عن طرد العائلات العربية في الإنترنت فقرر الانضمام إلى المظاهرة: «أنا إنسان مؤمن، ولا أقبل بالظلم، خصوصا إذا جاء من يهود. فأولاد العم لا يطردون أناسا إلى الشارع. فقد قامت الحكومة الإسرائيلية بطرد المستوطنين من المستوطنات في قطاع غزة، ولكنها لم تقذف بهم إلى الشارع، بل منحتهم تعويضات ومنحتهم حق بناء بيوت جديدة فاخرة في أماكن أخرى. أما هنا، فإن الحكومة تقذف بهم إلى الشارع. لماذا؟ لأنهم عرب. وهذا موقف عنصري أخجل منه كيهودي ولا أتحمله، بغض النظر عن التفاصيل».

واستمع المتظاهرون إلى ناصر الراوي الذي راح يشرح معاناته وأفراد عائلته، الذين يعيشون في ظل البرد المقدسي القارص في الشتاء. وقال إن وجود يهود يتضامنون مع عائلته بهذه القوة والحزم، أقنعه بأن اليهود ليسوا جميعا سيئين، وأن هناك من يكافحون ضد ظلم إخوتهم.

وتجدر الإشارة إلى أن ضباط الجيش الإسرائيلي بدأوا في تنفيذ قرار الحكومة تجميد البناء في مستوطنات الضفة الغربية بشكل جزئي محدود. وكانت الخطوة الأولى بتصوير جميع البيوت في المستوطنات، حتى تتاح لهم وللأميركيين مراقبة تنفيذ قرار التجميد. ثم أصدر قائد لواء المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، الجنرال آفي مزراحي، أمرا موجها إلى رؤساء المستوطنات يوضح لهم فيه حظر إجراء أي بناء غير قانوني في مستوطناتهم. ويقول إنه حتى في العمارات التي بوشر العمل فيها، يجب التوقف وتنفيذ التجميد إذا لم تُبنَ بعدُ الأساسات. وبدأت عملية تسليم هذا الأمر إلى رؤساء المستوطنات، لكنهم رفضوا تسلمها. وقام أحدهم، وهو رئيس مستوطنة بيت إيل الملاصقة لمدينة رام الله، موشيه روزنبوم، بتمزيقها أمام الضابط الذي سلمها إليه. وأعلن: «قررنا أن لا نحترم هذه الأوامر ومواصلة البناء رغم كل شيء». من جهة أخرى، أعلن وزير السياحة الإسرائيلي ستاس ماسيغنيكوف، أن المشروعات السياحية المخططة في المرافق الاستيطانية لن تتأثر هي الأخرى بقرار تجميد البناء الاستيطاني، وأن وزارته تواصل تطوير هذه المرافق، خصوصا في المستوطنات المجاورة لمدينة بيت لحم ومستوطنة معاليه أدوميم شرق القدس وأرئيل غرب مدينة نابلس وغيرها.