«استاد كروي» يتحول لعنوان جديد للصراع على مناطق «ج» بالضفة

أوقفت الإدارة المدنية الاحتلالية بناءه رغم أنه يحظى برعاية وتمويل «الفيفا» ودول أوروبية

TT

بعد عام من العمل المتواصل في استاد كروي في مدينة البيرة، المتاخمة لمدينة رام الله، أجبر الجيش الإسرائيلي، الشهر الماضي، القائمين على البناء، على إيقاف العمل في الملعب الذي يقع في حدود المنطقة «ج» الخاضعة لإسرائيل أمنيا وإداريا.

وعلى الرغم من الحرب الدائرة بين السلطة وإسرائيل بشأن السيطرة على مناطق «ج»، فإن الفلسطينيين فوجئوا بقرار الإدارة المدنية الإسرائيلية بشأن الملعب الذي خطط له أن يكون دوليا، والسبب أنه حظي بكل الدعم اللازم من الفيفا ودول أوروبية مولت المشروع مثل ألمانيا وفرنسا. وفي أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي افتتح رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جوزيف بلاتر الملعب الذي يقع ضمن حدود بلدية البيرة، ومن ثم ابتدأ العمل في بناء مدرجاته وزرعه بالعشب الأخضر. وكان اتحاد الكرة الفلسطيني يخطط لافتتاحه رسميا بمباراة تجمع المنتخب الفلسطيني بأحد المنتخبات العربية نهاية العام، لكن الأمر الذي صدر من الإدارة المدنية بدد كل هذه الأحلام.

وفي نوفمبر (كانون الثاني) الماضي، سلم الجيش العاملين في الملعب أمرا، بوقف العمل فيه والامتناع عن استخدام الأرض وإعادة الوضع لما كان عليه، وهدم البناء بحجة أن الأعمال الجارية لم تحصل على التراخيص التي نص عليها القانون. وقالت بلدية البيرة، إن السلطات الإسرائيلية أوقفت العمل في مرحلته الأخيرة «كون المشروع يقع في منطقة (ج)». واستطرد رئيس البلدية جمال الطويل بأن الملعب والأراضي المحيطة به، تقع ضمن المخطط الهيكلي للمدينة، منذ عام 1976، وهو ليس أول مشروع تقيمه البلدية. وأكد رئيس قسم الهندسة في البلدية، موسى جويد أن الملعب كان قد حظي بالمصادقة منذ أقيم قبل أكثر من عشرين عاما. وقال يحيى نافع، وهو صحافي رياضي، إن الملعب مستخدم منذ بداية الثمانينات، ولم يحدث أن اعترض الإسرائيليون عليه. وأضاف: «لكن المشكلة الآن تكمن في أنه سيصبح ثاني أكبر ملعب دولي معترف به في الضفة الغربية بعد استاد فيصل الحسيني الذي أقيم في منطقة الرام شمال القدس».

واعتبر نافع أن ما سماه بالثورة الرياضية التي انطلقت منذ عام في فلسطين أحرجت الإسرائيليين دوليا، كونها حظيت باعتراف واهتمام دول واتحادات دولية، وهو ما أثار ردود أفعال من جانب الإسرائيليين. ويعتقد نافع أن «إسرائيل تنتقم من السلطة بسب بمواقفها السياسية الأخيرة». وقال: «ما يحدث ليس له علاقة بالرياضة، بل هو جزء من الحرب السياسية والحرب على الأرض والحرب على الإنجازات». وحظي الملعب باهتمام رسمي فلسطيني، ويبدو أنه سيفتح معارك سياسية أخرى، ليس بين السلطة وإسرائيل، بل بين ألمانيا وإسرائيل، وبين «الفيفا» وإسرائيل، وكان مصدر ألماني قال لصحيفة «هآرتس» إن الأمر قد يرفع إلى المستويات السياسية خلال الحوارات الإسرائيلية الألمانية. وأضاف: «تخيلوا هدم مشروع أقيم بتمويل ألماني.. هذا الأمر فضيحة سياسية بكل تأكيد».

واعتبر المهندس المعماري والمختص بتخطيط المدن سميح العبد، أنه «ليس من المعقول أو العدل طلب وانتظار تصريح إسرائيلي للبناء داخل مناطق (ج) الواقعة في قلب الحدود البلدية المعترف بها والمصادق عليها للبيرة، خاصة أن البلدية تزود هذه المناطق بالخدمات كافة، مثل جمع القمامة وتنظيف الشوارع وترميم وصيانة المباني».

ووسط ذلك، فإن مصير الملعب سيتحدد في غضون شهر. وأول من أمس، استجابت المحكمة العليا الإسرائيلية، لالتماس قدمه مستوطنو، «بساغوت» القريبة من الملعب، وانضمت إليهم جمعية «رجبيم» اليهودية المتطرفة. وأصدرت المحكمة أمرا قضائيا يطالب الجهات الإسرائيلية ذات الصلة بتقديم تفسير في غضون 30 يوما لـ«لماذا لم تقم بهدم استاد البيرة الذي بني مؤخرا قرب رام الله وثلاثة منازل أخرى مجاورة له».

وفي الالتماس المقدم إلى المحكمة قال المستوطنون إن الملعب يشكل خطرا على أمنهم، وقدموا سيناريو يقول إن «آلاف الفلسطينيين في نهاية مباراة كرة قدم، قد يعبرون عن مشاعرهم باستهداف المستوطنة غير البعيدة.. يكفي أن يقوم كل واحد منهم برمي 10 أحجار باتجاه المستوطنة حتى تجد نفسها تحت نيران عشرات آلاف المقاليع الموجهة ضدها».

وتوجد «بساغوت»، داخل مساحة كبيرة محاذية لحدود بلدية البيرة إلى جانب مستوطنة «بيت ايل» وقواعد عسكرية إسرائيلية. وتقدر مساحة ملعب البيرة بـ11 دونما ويبلغ طوله 105 أمتار وعرضه 68 مترا. ويتسع لـ8 آلاف متفرج، حاليا، ويمكن توسيعه في المرحلة النهائية ليستقبل نحو 15 ألف متفرج.