منظمة الصحة العالمية تحاول تهدئة المخاوف حول تحور إنفلونزا الخنازير

خبراء صحيون نادمون لعدم كشف أسباب الأعراض الجانبية للقاحات عام 1976

TT

حاولت منظمة الصحة العالمية أمس تهدئة المخاوف حول تغير فيروس إنفلونزا «إتش1 إن1»، المعروف بإنفلونزا الخنازير، بعد أن أعلن عدد من البلدان الأسبوع الماضي عن اكتشاف حالات إصابة بالمرض مقاومة للـ«تاميفلو» بسبب تغير تركيبة الفيروس. وقال الدكتور كيجي فوكودا، كبير المستشارين حول الإنفلونزا في منظمة الصحة العالمية، إن الحالات المقاومة للـ«تاميفلو» عثر عليها في 75 شخصا حول العالم، مشيرا إلى أن هذا العدد قليل جدا مقارنة بعدد الإصابات. وأضاف فوكودا: «لا نعرف الإجابة الكاملة، ولكن يبدو أننا لا نشهد تحورا كبيرا». وأشار إلى أن أكثر من 100 مليون حقنة ضد إنفلونزا الخنازير جرى توزيعها على 400 بلد، والعوارض شبيهة، أو أقل، بتلك التي تحصل بعد إعطاء حقنة ضد الإنفلونزا العادية. وجاء ذلك في وقت نشرت فيه صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية تقريرا حول الآثار الجانبية التي يمكن أن تتسبب فيها الحقن المضادة لإنفلونزا الخنازير، وفي وقت يتجهز فيه العالم لتلقيح أكثر من 200 مليون شخص في الأشهر القليلة المقبلة. وعلى الرغم من عدم الإعلان عن أي آثار جانبية تذكر للقاح حتى الآن، فإن الصحيفة تحدثت عن الحقن التي تم توزيعها بعد انتشار سلالة مختلفة من الإنفلونزا في عام 1976 في العالم، وتسببت في حالات نادرة من الشلل لدى متلقي اللقاح. ومن بين 43 مليون شخص تلقوا اللقاح عام 1976، ظهر لدى 400 شخص ما يعرف بـ«متلازمة غيان باري»، فيما توفي 25 شخصا تلقوا اللقاح. وقالت الصحيفة في تقريرها: «ما إذا كنا سنشهد مفاجئة مماثلة لتلك التي شهدناها عام 1976؛ هو سؤال كبير على الرغم من أنه لا يعترف بها علنيا». وأضافت الصحيفة أنه بسبب هذه المخاوف، تقوم مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، بكتابة تقارير حول ما إذا كان تم اكتشاف أي عوارض جانبية للقاح، علما أنه لم يتم تسجيل أي حالة بعد.

وذكرت الصحيفة أنه طوال الـ15 عاما التي تلت قضية الإنفلونزا تلك، حاول الخبراء اكتشاف مدى ارتباط اللقاح بمرض الشلل الذي أصاب بعض المتلقين. إلا أنها أضافت أن الخبراء لم يحاولوا معرفة الأسباب التي أدت إلى إصابة هؤلاء الأشخاص الذين تلقوا اللقاح بالمرض. وقالت إن هذا أمر بدأ يندم عليه خبراء الصحة اليوم. وقال مايكل أوسترهولم، وهو طبيب يرأس مركز دراسات وسياسات الأمراض المعدية: «كان يجب أن نقوم بمحاولات شاملة لفهم ما حصل من وجه نظر بيولوجية». وكلتا السلالتين من الإنفلونزا في عام 1976 والحالية، مرتبطتان بشكل وثيق بفيروسات تحملها الخنازير. وقال أوسترهولم إن الباحثين توقفوا عن النظر إلى عام 1976، عندما لم يجدوا مشكلات لاحقة في لقاحات الإنفلونزا. وشرح: «عندما تمكنا من السيطرة على الإنفلونزا العادية لبضعة مواسم، توقفنا عن النظر إلى الماضي». وقالت «واشنطن بوست» إنه اليوم، تمت تجربة لقاحات إنفلونزا الخنازير بالشكل نفسه الذي تتم به تجربة لقاحات الإنفلونزا الموسمية، وليس هناك من سبب يدعو للاعتقاد أن لقاحات إنفلونزا الخنازير ستكون أخطر من لقاحات الإنفلونزا العادية التي لا عوارض جانية لها بتاتا. إلا أن الصحيفة أضافت أن هذا كان صحيحا في اللقاحات التي تم اختراعها للتصدي لإنفلونزا عام 1976. وقال تقرير «واشنطن بوست» إنه تم التثبت بعد بدء ظهور حالات الإصابة بالشلل من أن هذه الحالات مرتبطة باللقاح، ومن أن خطر ظهور عوارض المرض ارتفعت من أربعة إلى سبعة أضعاف في الأسابيع الستة الأولى بعد تلقي اللقاح. إلا أنه على الرغم من خطر ظهور عوارض الإصابة بمرض الشلل هذا، يعتقد بعض خبراء الصحة أن الأمر لا يزال يستحق أخذ اللقاح. ويقول بيتر فاليزي، عالم في فيروسات الإنفلونزا في كلية جبل سيناء للطب في نيويورك: «أعتقد أن عدد الأشخاص الذين يمكن إنقاذهم من مرض خطير وموت سيكون أكبر بكثير». وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن صورة الوباء الذي تفشى هذا العام يبدو أنها مماثلة. فمن أصل كل 100 ألف شخص تلقوا اللقاح عام 1976، كان اللقاح مسؤولا عن حالة واحدة من الإصابة بمرض الشلل. وهذا الشهر، تبين أنه من بين 100 ألف شخص أصيبوا بإنفلونزا الخنازير، توفي 18 شخصا منهم. إلى ذلك، أعلنت مصر أمس الوفاة التاسعة عشرة جراء الإصابة بفيروس إنفلونزا الخنازير، بعد وفاة ثلاث حالات جديدة، في الوقت نفسه كشفت الصين عن إصابة كلبين بالمرض معززة فرضية إمكانية انتقال المرض بين البشر والحيوانات الأخرى. وقالت وزارة الصحة المصرية، في بيان لها أمس السبت تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: إن ثلاث حالات مصابة بإنفلونزا الخنازير قد توفيت ليرتفع إجمالي عدد الوفيات جراء المرض إلى 19 حالة.

وأشار البيان إلى أن الوفاة السابعة عشرة هي لشاب من محافظة 6 أكتوبر (غرب القاهرة) يبلغ من العمر 17 عاما، وكان قد أدخل إلى وحدة العناية الفائقة بمستشفي الأمراض الصدرية بحي إمبابة بالجيزة يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني) نظرا لمعاناته من التهاب رئوي حاد وأن الوفاة قد حدثت مساء الجمعة. أما الحالة الثامنة عشرة فهي لشاب من محافظة الإسكندرية يبلغ من العمر 28 عاما، كان محجوزا بمستشفى حميات الإسكندرية، منذ خمسة أيام وساءت حالته مما استلزم وضعه على أجهزة الإعاشة الاصطناعية ولكنه توفي أمس السبت.

والحالة التاسعة عشرة لسيدة من الإسكندرية أيضا تبلغ من العمر 25 عاما، وهي لا تزال في مرحلة النفاس، حيث وضعت مولودا يوم الثلاثاء الماضي، ثم ساءت حالتها فتم حجزها بالمستشفي في اليوم التالي ووضعها على أجهزة الإعاشة إلا أنها توفيت صباح أمس. من ناحية أخرى، أعلنت وزارة الزراعة الصينية في خبر مقتضب على موقعها الإلكتروني عن رصد إصابة كلبين بفيروس إنفلونزا الخنازير، معززة فرضية ترجح إمكانية انتقال المرض بين البشر والحيوانات، وهو ما يعني حدوث تحور جيني بالفيروس المسبب للمرض، الأمر الذي تصعب معه مكافحته بالوسائل المعروفة حاليا.